منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي




انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي


منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كيف يمكننا تفكيك العقل المتطرف وإعادة تركيبه؟

اذهب الى الأسفل

كيف يمكننا تفكيك العقل المتطرف وإعادة تركيبه؟ Empty كيف يمكننا تفكيك العقل المتطرف وإعادة تركيبه؟

مُساهمة من طرف محارب الجردان الخضر الثلاثاء فبراير 06, 2018 10:26 pm

كيف يمكننا تفكيك العقل المتطرف وإعادة تركيبه؟

كيف يمكننا تفكيك العقل المتطرف وإعادة تركيبه؟ Pijkida
تعبيرية
سياسة
ماهر فرغلى وصلاح الدين حسن
2018 January 17 | PM 4:29
من النسخة الورقية للعدد الإسبوعى لجريدة اليوم الجديد:-
فى الإجابة عن سؤال التفكيك، سنجد أن مركزية المعالم الفكرية، كالحاكمية، السيادة، الاستخلاف.. إلخ، بدأت بشكل واضح من محمد بن عبد الوهاب، الذى طرح ما يسمى (النواقض العشرة للإيمان) ثم تطورت بتراتبية واضحة منهجية تيار الإسلام السياسى العريض، بداية من الإخوان، وحتى داعش، الذى توسع فى مسائل التكفير، كتكفير الأعوان، والتكفير باللوازم، وتنظيرها الجديد حول القتل بالمصلحة، إلى المسائل الأخرى التى فرقت أيديولوجيًا ما بين جماعات متعددة، حول مسائل مثل العذر بالجهل، وأدت إلى بروز تيار جديد يطلق عليه (الحازمى).
هذا موضح تحقيقنا اليوم والذى سيكشف تلك الحدود الفاصلة بين مختلف الجماعات الإسلامية، على الأقل فى القواعد الفكرية، أو الهدف الاستراتيجى الأكبر، وهو الوصول للسلطة، وتثبت كيف أن هناك العديد من صيغ التعاون بينها، وتداخل فى المرجعيات، حتى لو كان الخلاف حادث بالفعل حول بعض المسائل العقدية، نظرًا لانتهالها من مرجعية واحدة.
فنحن اليوم سنعنى بتفكيك هذه المعالم لتيار الإسلام السياسى، ونكشف تلك التنظيرات المستجدة عليه، لاعتمادها على وصف وتفكيك المقولات الفكرية لتيار الإسلام السياسى، ومقارنة أهم تنظيماتها وتنظيراتها فى ذات الوقت، والهدف بالطبع هو الوصول للكيفية التأسيسية والبناء الأيديولوجى وطرق التفكيك.
مدخلنا هو تلك النظريات المؤسسة، التى استتبعت فيما بعد تلك المقولات، على اعتبار أن النظرية العمومية تكون فى البداية، وحين العمل، تتراجع تلك النظرية لصالح العمل، الذى يسبق التنظير دائمًا، أو بمعنى أدق وبسيط، أن التيارات الإسلامية، تقوم باختراع نظرياتها الأصولية، وحين تقوم بتطبيقها يحدث التصادم مع الواقع، فإن العمل يسبق النظرية، ثم تكون الأفكار الفقهية والعقدية التبريرية.
النظريات المؤسسة.. (التجمع العضوى)
إن السعى للسلطة كان هو الهدف دائمًا، والمرجعية هى حديث (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن)، أى أن التغيير يكون بالسلطة والقوة، من هنا ثار محمد بن عبد الوهاب على دولة العثمانيين، وأحيا نصوصية ابن تيمية وفتاواه فى التمترس، ومقاومة التتار، وتكفير من يحكمون بـ«الياسق»، وجاء من بعده سيد قطب الذى رأى أنه لا بد أولًا من التجمع العضوى الحركى، فأكد فى «معالم فى الطريق» أن «الإسلام لم يكن يملك أن يتمثل فى نظرية» مجردة، يعتنقها من يعتنقها اعتقادًا ويزاولها عبادة، ثم يبقى معتنقوها على هذا النحو أفرادًا ضمن الكيان العضوى للتجمع الحركى الجاهلى القائم فعلًا. فإن وجودهم على هذا النحو -مهما كثر عددهم- لا يمكن أن يؤدى إلى «وجود فعلى» للإسلام، لأن الأفراد «المسلمين نظريًا» الداخلين فى التركيب العضوى للمجتمع الجاهلى سيظلون مضطرين حتمًا للاستجابة لمطالب هذا المجتمع العضوية.. وسيتحركون -طوعًا أو كرهًا بوعى أو بغير وعى- لقضاء الحاجات الأساسية لحياة هذا المجتمع الضرورية لوجوده، وسيدافعون عن كيانه، وسيدفعون العوامل التى تهدد وجوده وكيانه، لأن الكائن العضوى يقوم بهذه الوظائف بكل أعضائه سواء أرادوا أم لم يريدوا.. أى أن الأفراد «المسلمين نظريًا» سيظلون يقومون «فعلًا» بتقوية المجتمع الجاهلى الذى يعملون «نظريًا» لإزالته.
إن هذا التشخيص دفع شكرى مصطفى فيما بعد لعمل ما يسمى بالتكفير والهجرة، وطه السماوى للإيمان بنظرية الهجرة من المجتمع، والإخوان للعمل وفق مبدأ الاستعلاء والمفاصلة، ونضجت فكرة الولاء والبراء للظواهرى زعيم تنظيم الجهاد.
فلاسفة الجهاديين واصلوا ما قاله قطب، ورأوا أن الجماعة لا بد أن تشب فى آتون المحن وأمواج البلاء، وأن تعمل طوال الوقت بما يسمى الولاء والبراء.
مؤلف الفريضة الغائبة، محمد عبد السلام فرج، واصل نظريات قطب، وقال إن الجهاد أفضل من أى عبادة، والانشغال بالسياسة حرام، أما حمل السلاح فهو قمة الطاعة، يقول: «من يريد حقًا أن ينشغل بأعلى درجات الطاعة وأن يكون فى قمة العبادة فعليه بالجهاد فى سبيل الله وذلك مع عدم إهمال بقية أركان الإسلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصف الجهاد بأنه ذروة سنام الإسلام».
تحدث فرج عن الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن كما فى هجرتى الحبشة، وابتداء الهجرة من مكة إلى المدينة، وفسر ذلك بالهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان، والهجرة فى وجهة نظره هى قتال الحكام أولًا.
تطرق فرج بعد ذلك إلى مسألة بالغة الحساسية، وهى قضية فلسطين، فرفض القول إن ميدان الجهاد اليوم هو تحرير القدس كأرض مقدسة فقط، فقتال المرتدين الممتنعين لديه مقدم على قتال الكفار الأصليين.
خرج عبدالله عزام بعدها ليتوصل من تجربته فى أفغانستان إلى ما لخص فكر «القاعدة» فيما بعد، بل قد كشف سر التسمية نفسها، بقوله: «خرجت من خلال الأحداث الضخمة التى عشتها فى داخل أفغانستان بالقواعد التالية: القاعدة الأولى: لا يمكن لأى حركة إسلامية وحدها أن تقيم دولة إسلامية، والقاعدة الثانية: لا بد من حركة إسلامية حتى تقوم الدولة الإسلامية على يدها، لكنها لا تستطيع أن تقيم دولة الإسلام وحدها، ولا بد من إقامة جماعة، ومن ثم لا بد أن يشرع لها حمل السلاح وتبدأ المعركة المسلحة حيث علينا أن نختار لها بقعة أرض مناسبة، وشعبًا مناسبًا إن استطعنا.
لكن سيد إمام الشريف صاحب كتاب العمدة، ومنظر الجهاديين، قال إن الهدف هو تكوين الشوكة، وهذا التكوين لن يتم إلا بتشكيل الطليعة الجهادية المقاتلة، وتربيتها على الولاء والبراء، والمفاصلة مع أعوان الحكام والمرتدين، ليخرج علينا بما يسمى (تكفير الأعوان).
الأصول والفروع
إن الوصول للسلطة عبر تجمع عضوى، لن يتم إلا بالمفاصلة، والحكم بجاهلية المجتمع، وتكفير الحاكم وأعوانه، ومن ثم تبرير قتال الطائفة المحيطة به، وهو ما استتبع خلق ما يسمى بـ(نظرية الأصول والفروع)، أى تقسيم الدين إلى أصول وفروع، والأول مثل توحيد الله وعدم الإشراك به، والثانى هو الأمور الفقهية، التى يجوز الاختلاف فيها، وبين هذا وذاك اختلفت الجماعات الإسلاموية، فى تقسيمات الأحكام والشريعة والعقائد، فتجد منها من يضع مسألة فى أصول الدين، ومنهم من يضع أخرى فى فروعه.
على سبيل المثال فإن الجماعة الإسلامية المصرية المسلحة كانت تعتبر تكفير الحاكم الذى لا يحكم بما أنزل الله من أصول الدين، ومسألة الحاكمية بمجملها هى أصل، واتفقت معها كل الجماعات، إلا أن تنظيم القاعدة تشدد أكثر وجعل الحاكمية تشمل القوات المعاونة للحكام، مثل الجيش والشرطة، وتشددت (جماعة الناجون من النار)  فتحدثت عن أعوان الحاكم من الوزراء، وتشدد الشوقيون فكفروا عوام الناس لأنهم لا يكفرون الحكام، وهذا ما أظهر مسألة العذر بالجهل وجعل بين هذه الجماعات فروقًا كثيرة، فبينما يعتبرها تنظيم الإخوان فرعًا من فروع الدين، يعتبرها القاعدة أصلًا، وتعتبها جماعات التكفير من أصول الدين، وبينما لا يعذر داعش الآن الجيوش، ويكفر من يتعاون معها، يعذر آخرون عوام الناس على المجمل.
ما سبق أدى إلى تطور المسألة أكثر، فبدأت الجماعات تكفر بقاعدة من لم يكفر الكافر فهو كافر، وقالوا إن أصل التوحيد لا يجوز الجهل به، ولا إنكاره، كما جعلوا الحاكمية من أصول الدين، إلا أن شكرى مصطفى، ثم تابعيه من الشوقيين، والناجون من النار، وجماعة التوقف والتبين، والجماعة الإسلامية المسلحة بالجزائر، قالوا إن الشريعة لا يجوز أيضًا العذر بها.
القطبيون من أتباع سيد قطب، تحدثوا عن الشخص مجهول الحال، وقالوا إن مجهول الحال لا يجوز الحكم عليه بالكفر أو الإسلام، حتى نقيم عليه الحجة ونتبين منه أنه يكفر بالطاغوت، إلا أن جماعات أخرى رفضت هذه الطريقة، وقالت إن الأصل فى مجهول الحال هو الكفر ابتداءَ، طالما أنه فى دار كفر، أى يعيش فى دولة تعلوها أحكام وضعية، حتى لو كان أغلب أهلها مسلمون، لذا فقد كفر عوام المصريين، واستحل أموالهم، بل وأجاز استحلال نساءهم فى فتواه المشهورة، أن المرأة التى غاب عنها زوجها يجوز للجماعة أن تستحلها.
مسألة دار الكفر ودار الإسلام روج لها كثيرًا الضابط السابق حلمى هاشم، وقال إن أحكام الدار تنزل على ساكنيها، فطالما هى دار كفر فإن ساكنيها كفار حتى يؤكدوا إسلامهم، وقال إن الديار اثنتان لا ثالث لهما، دار الكفر، ودار الإسلام، إلا أن الجماعة الإسلامية هى الوحيد التى رفضت ذلك، وقالت إن هناك دار ثالثة هىالدار المختلطة، التى اختلطت فيها احكام الكفر بالإسلام، مثل ماردين، أيام بن تيمية، وأن ساكنى هذه الدار مسلمون.
داعش فى النهاية أخذ بكل فتاوى حلمى هاشم، التى أجملها فى كتابه (نظرات فى واقعنا المعاصر)، وزاد عليها فقط، الحكم بالمتواليات التكفيرية، وباللوازم.
زاد داعش فى مسألتين جديدتين، الأولى هى النساء، فقد كانت فصائل التكفير فى مصر تعتبر أن نساء دار الكفر يجوز استحلالهن، بشرط القدرة على ذلك، إلا أن داعش لم يشترط القدرة أو الحماية، والمسألة الثانية هى عدم قبول توبة الشيعة، واعتبارهم على المجمل، علماؤهم وعوامهم كفارًا أصليين، وهذا غير تنظيم القاعدة الذى يعتبرهم مسلمون إلا أنهم مرتدون، وعلماؤهم فقط هم الكفرة .
إن فتشنا عن السلفيين والإخوان فى تلك المسائل، فسنجد أن السلفيين لديهم تلك التقسيمات، حول أصول الدين وفروعه، لأن المسألة برمتها مأخوذة من كتب محمد بن عبد الوهاب، فى كتابه فتح المجيد، وكتاب معارج القبول فى شرح سلم الوصول إلى علم الأصول لحافظ بن حكمى، إلا أنهم ضبطوا المسألة بعدم تكفير أى شخص سواء حاكم أو محكوم إلا بثبوت شروط العقل والإسلام، وانتفاء موانع الجهل والإكراه، وذلك كله بعد إقامة الحجة البينة الدامغة.
أما الإخوان فهم مائعون كأغلب مسائلهم، فستجد الجماعة تحوى كل الأفكار، من أقصى اليمين لليسار، ولن تجد لديها حسمًا واضحًا فى أى من المسائل السابقة.
حتمية المواجهة
كان لا بد من فكرة تأسيسية أخرى، وهى: (حتمية المواجهة)، أى وجوب الصدام، لذا كان ميثاق الجماعة الإسلامية المقاتلة بليبيا، وفلسفة المواجهة لتنظيم الجهاد المصرى، وكتاب حتمية المواجهة للجماعة المصرية، وكلها كانت قواسم مشتركة اتفقت عليها كل التنظيمات المؤمنة بوجوب الوصول للسلطة، والتجمع العضوى، حيث قامت ببناء أفكار حول الدعوة للقتال، وإسقاط نظام الحكم بقوة السلاح، أو بأى وسيلة أخرى، على اعتبار أن المواجهة حقيقة شرعية، يقرها الشرع ويأمر بها، ويفرضها من وجوه أربعة: الأول: خلع الحاكم المبدِّل لشرع الله، الثاني: قتال الطائفة الممتنعة عن شرائع الإسلام، الثالث: إقامة الخلافة وتنصيب خليفة للمسلمين، الرابع: تحرير البلاد واستنقاذ الأسرى ونشر الدين، لنه وفق نظرياتهم التأسيسية حتمية المواجهة حقيقة شرعية، ولا فرق بين قتال الدفع والطلب، وهناك أبدية للصراع بين الحق والباطل، وعدم وجوب التعايش بين الإسلام والكفر، وبين الحضارات المختلفة.
سنجد أن هذه الجماعات لديها فكرة الجهاد شكلها غريب، فترى بعضهم يشير إلى أن الدولة مسلمة، لكن قتالها واجب، وهذا ما جرى بالضبط من استهداف مراكز الشرطة، وحوادث الاغتيالات للشخصيات السياسية، ولم يظهر لديها أى بوادر تطور فكرى حول صحة قتال الحاكم، وجعل طلب قتال الأنظمة من شرعة الإسلام.
ترى البعض الآخر يشير إلى وجوب المواجهة على اعتبار كفر الحاكم ومن حوله، ومن المؤكد أن تقسيم الحكام بهذا الشكل، كما أن الحديث حول الخلافة، لم يخرج من السياق العام المتقاطع بين كل الجماعات، وهذه المعركة التعبوية العنيفة، التى تمثل اتجاهًا عامًا وخطابًا إسلاميًا ينطلق من عدالة القضية، على اعتبار أن الخلافة والشريعة حق مطلق لا يقبل مراجعة، باعتبار أن الشريعة معنية بحكم الناس، وأن الخلافة هى التى تفصل بينهم على الأرض.
مسائل المواجهة مثل خلع الحاكم الكافر المبدِّل لشرع الله، وقتال الطائفة الممتنعة عن شرائع الإسلام، وإقامة الخلافة وتنصيب خليفة للمسلمين، وتحرير البلاد واستنقاذ الأسرى ونشر الدين، جاءت فى سياق التصور الفوقى للتغيير، وهو الوصول للسلطة من قمة هرمها، لذا فقد ظهر ما يسمى فقه دفع الصائل.
التغيير الفوقى والسفلي
فى حديث مع ناجح إبراهيم، قال: إنه كان يريد أن يغير من نهج الجماعة الإسلامية المصرية، ويجعلها اتجاهًا دعويًا، وليس تنظيمًا، فوقع الانقلاب عليه .
كان من الواضح أن الجماعة يتنازعها نهجان، الأول هو التغيير الإصلاحى التحتى فى قواعد المجتمع، والآخر الفوقى، الذى يريد أن يصل للسلطة من أجل التغيير.
يقول هشام النجار، «إنحازت الجماعة للإخوان بشكل كامل لما وصلت للحكم، وحين تم عزلها منه، انخرطت معها فى العنف والمواجهة مع السلطة الجديدة، ووقفت «الجماعة الاسلامية» مع الإخوان فى مواجهة الدولة، ودعمت خياراتها، حتى بعد انخراط الإخوان فى عنف واضح، وتشكيل مجموعات سرية مسلحة، بالرغم من قرب عهدها بمراجعات فكرية، ومبادرة لوقف العنف فى أواخر عهد مبارك، وهذا يعود فى الأساس الى أن قرار الإخوان بالتوقف عن العنف فى الستينيات، وبعدها قرار الجماعة الاسلامية بالتوقف عن العنف فى التسعينات من القرن الماضى، لم يكونا وفق مراجعات شاملة، ورؤى منهجية استراتيجية ثابتة دائمة، إنما كانا فى جزء كبير منهما، موقفًا تكتيكيًا وكمونًا مرحليًا لالتقاط الأنفاس، واستعادة القوة، وبناء التنظيم من جديد، وطالما لا تمتلك الجماعة منهجية استراتيجية دائمة، وراسخة للتعامل مع الدولة، ولطبيعة دورها المجتمعى، مهما كانت الظروف، فعودة الجماعة بقيادتها الحالية من جديد للصدام غير مستبعدة، إذا شعرت ببعض القوة الى تمكنها من التماسك أمام المؤسسة الأمنية، أو إذا طرأ الضعف على مؤسسات الدولة، كما حدث خلال السنوات القليلة الماضية عقب ثورة 2011م، وكما حدث فى الاخوان من انقلاب على الخط الاصلاحى وخروج رموزه، أمثال الدكتور محمد حبيب، وثروت الخرباوى، وكمال الهلباوى، ومختار نوح، وبقاء الرموز المحسوبة على الفكر القطبى المتشدد، كذلك كان هناك انقلاب على الخط الإصلاحى، وإقصاء لرموز مبادرة وقف العنف فى الجماعة الإسلامية، أمثال كرم زهدى، وناجح إبراهيم ممن التزموا بمنهجية المبادرة، وفلسفتها الاستراتيجية الحاكمة، أى التغيير من أسفل وليس من فوق، أى السلطة.
نتيجة رؤية وجوب التغيير الفوقى، ظهرت قضية «الحاكمية»، بزعم أن «المشروع الإسلامى» لن يتحقق إلا بوصول الحركة الإسلامية إلى السلطة، كما ظهر طرح فقه دفع الصائل، ووجوب نكاية الأنظمة وإنهاكها .
فى حوار لأحد قيادات الجماعة الاسلامية، وأمين عام حزبها «البناء والتنمية» مع جريدة «المال» ذكر علاء أبو النصر أنهم يعارضون بشدة المراجعات التى قام بها الدكتور ناجح إبراهيم»، وهو يقصد هنا الجانب الأهم من المراجعات ومبادرة وقف العنف بتأصيلها استراتيجيًا وتحصينها علميًا وفكريًا باجتهادات فكرية تفصيلية فى قضايا كثيرة عالقة لم تحسم، وبتصحيح فكر «الحاكمية» وتصحيح علاقة الجماعة مع الدولة وأوضاعها فى المجتمع بأدوار اجتماعية ودعوية متطورة وبخطاب وأداء منضبط .
النواقض العشرة للإيمان لمحمد ابن عبد الوهاب هى مركزية، لكل جماعات التكفير الإسلاموية، وكل من جاء بعده كان شارحًا لما جاء به، مثل الشيخ محمد إبراهيم الذى قرر صراحة إن الكفر بالحاكمية ينقسم إلى كفر اعتقادى مخرج من الملة، وهو الكفر الأكبر، وإلى كفر عملى لا يُخرج من الملة، وهو الكفر الأصغر، وكان هذا مستجدًا، أخذه كل التيار فيما بعد، حيث تم تقسيم أنواع الكفر الاعتقادى بالحاكمية، المخرج من الملة، إلى: جحود الحاكم بغير ما أنزل الله أحقية حكم الله ورسوله، وأن لا يجحد، لكنه يفضل حكم غير الله على حكمه، وأن لا يفضل، لكنه يساويه به، وأن لا يفضله ولا يساويه، لكنه يعتقد جواز التحاكم إليه.
خطورة صياغة «نواقض الإسلام العشرة» فى أغلبها أنها صياغة عامة مجملة، وبعضها يحتمل أفهامًا مختلفةً ومتباينةً، ما جعل الأبواب مفتوحة على مصراعيها لتأويلها بحسب قارئيها، فمن كان جانحًا نحو التكفير فإنه سيجد فى تلك النواقض ما يسند توجهه، ويغذى نزعته التكفيرية تلك، وعلى سبيل المثال النص الثالث، وهو (من لم يكفر الكافر فهو كافر) فهذا النص المجمل فتح المجال لجماعات الغلو للاستناد إليه فى تكفير من لم يكفروه هم، حتى ولو كان تكفيرهم بمكفر لا يراه مخالفوهم مكفرا حقيقيا، وهذا ما فلعه داعش فيما بعد.
«النواقض العشرة» بمثابة متون عقدية مقررة عند كل التيارات الإسلاموية، خاصة الجهادية منها، وهى بصياغتها المجملة والعامة، تحتمل تأويلات متعددة، وقد استندت إليها جماعات الغلو والتشدد فى تكفير مخالفيهم من أهل السنة، كما جرى فى سوريا والعراق مثلًا.
الجماعة المحتسبة، كما جماعة التكفير والهجرة، ثم جماعة (الشوقيون)، لم يتباينوا كثيرًا فى مسألة نواقض الإيمان، وتحدثوا عن الكفر بالطاغوت، أى بداءة الكفر به قبلالحكم بالإيمان، وفسروه وفق ما فسره محمد ابن عبد الوهاب، فى الدرر السنيّة، أنه كل ما عُبد من دون الله 
أبو محمد المقدسى، المنظر المعروف للسلفية الجهادية، رغم أنه يكفر الحكام، إلا أنه استنكر الإفراط فى استخدام النواقض العشرة، وقال: إن إساءة استخدام الغلاة لهذه النواقض، وعدم ضبطها بشروط التكفير وموانعه لا يعنى إلغاءها أو نقدها، بل التحذير من أخطاء التكفير والتنبيه على التحقق من أسبابه، والنظر فى شروطه وموانعه، لافتا إلى أنه فعل ذلك فى رسالته المسماة بـ«الرسالة الثلاثينية فى التحذير من أخطاء التكفير» .
المتون العقدية
بعد النظريات التأسيسية للوصول إلى السلطة، تم القيام بعملية إحيائية لنواقض الإيمان، وتفصيلها بشكل تم فيه الإفراط فى استخدامها، وإضافة نواقض جديدة عليها، مثل «التوكل على الله»، وبعدها كان لا بد من سردية للمتون العقدية، فوضحت هنا الفروق بين كل التيار الإسلاموى على العموم، ما بين من يكفّر بالمعصية، أو بين من ينزل أحكام (الديار) على قاطنيها، ومن يعذر بالجهل والتأويل، ومن لا يعذر، ومن يحكم على أعوان الحاكم بالكفر والردة، ومن يحكم عليه بمفرده، ومن يكفر الطوائف كالشيعة على العموم، ومن يقبل توبة المرتد ومن لا يقبلها.
كانت كل سردية فى المتن، توصل إلى ما بعدها، إلا أنها فى النهاية كانت كلها تؤدى إلى نتيجة واحدة.
أ - تكفير الأعوان
أثناء رئاسته للقاعدة ألف كتابه المثير للجدل (الجامع فى طلب العلم الشريف)، وبسبب أنه مال فى هذا الكتاب للتشدد وتكفير ليس فقط طوائف من المسلمين، بل مال فيه لتكفير بعض الحركات الإسلامية، أو بعض قادتها، وكانت فكرته قائمة على أن أعوان الحاكم كفرة، وهذا ما آمنت به داعش فيما بعد، تنظيم القاعدة حينئذ حذف أكثر من ثلثى الكتاب ثم نشره تحت اسم آخر هو «الهادى إلى سبيل الرشاد فى معالم الجهاد والاعتقاد»، وحينئذ نشبت المعركة الفكرية بين سيد إمام ومعه قلة من تلامذته من جهة، وبين أيمن الظواهرى، وبقية التنظيم من جهة أخرى.
عندما سئل أيمن الظواهرى عن سبب حذفه لأكثر من نصف كتاب الجامع رغم أنه أصدر كتابه «الحصاد المر» عن الإخوان، رغم معارضة أغلب أعضاء وقادة الجهاد، فقال كتاب الحصاد ألفته على نفقتى الخاصة، معبرًا عن رأيى الشخصى، ونشر باسمى، بينما كتاب الجامع صادر عن لجنة البحوث بتنظيم الجهاد، ليحمل فكر وعقيدة التنظيم، وتم الإنفاق عليه من مال التنظيم، وسيصدر باسم التنظيم، فلا بد أن يعبر عن رأى التنظيم.
مع ذلك كله ظل كتاب «الجامع» و«العمدة فى إعداد العدة»، هو أهم مرجعيات كل الحركات الجهادية فى العالم فيما بعد.
ب – قتل المدنيين.. تقسيم الناس إلى مدنى وعسكرى:
تقسيم حديث مخترع ليس له أصل فى شريعة المسلمين، وأما التقسيم الشرعى فهو تقسيم الناس إلى:
• المقاتلة: وهم الرجال البالغون خمسة عشر عامًا فما فوق، هؤلاء مقاتلون شرعًا وإن لم يباشروا القتال فعلًا.
• وغير المقاتلة: وهم الأطفال دون البلوغ والنساء والشيوخ الطاعنون فى السن والمرضى أمراضا مزمنة تقعدهم عن القتال من الرجال البالغين كالأعمى والأعرج والأصم ونحوهم، وكل من قاتل من هؤلاء بقوله أو بفعله فهو من المقاتلة.
وبهذا تعلم أن النساء فى أمريكا وبريطانيا وإسرائيل ونحوها من البلدان يعتبرن مقاتلات لأنهن يجرى تجنيدهن بجيوش هذه البلدان، ومن لم تكن بالخدمة العسكرية فهى من الاحتياط.
وهذا الذى ذكرته من أن غير المقاتلين إذا قاتلوا قُتلوا لا خلاف عليه بين الفقهاء. فليس صحيحًا أن المدنيين أبرياء، بل معظم الرجال والنساء منهم مقاتلة شرعًا، فكيف وقد أظهرت استطلاعات الرأى العام بعد تلك التفجيرات تأييد أغلبية الشعب الأمريكى لرئيسهم الصليبى جورج بوش الإبن للقيام بعمليات انتقامية ضد أفغانستان؟ ولم يقتصر
الأمر على الشعب الأمريكى بل تعداه إلى غيره من الشعوب الصليبية فى كندا وبريطانيا وغيرها.
أما الأبرياء فعلا فهُم الأطفال منهم ومن خالطهم من المسلمين لغرض شرعى مباح من تجارة أو نحوها، فهؤلاء لا إثم فى قتلهم وأمرهم يوم القيامة إلى علام الغيوب، ودليل ذلك بالنسبة للأطفال فهو حديث الصعب بن جثامة الذى رواه البخارى ومعناه أن حكمهم كحكم أوليائهم فى الكفر، وأنه لا إثم فى قتلهم إذا تعذر التمييز بينهم، وتفرع عن ذلك مسألة التترس، وجواز قتل الترس الكافر غير المقاتل إذا احتمى به الكافر المقاتل، وهو ما يسمونه فى زماننا بالدروع البشرية.
وأما المسلم الذى يُقتل بين الكفار وهو معذور، فيبعثه الله على قدر عمله يوم القيامة، دلّ على ذلك حديث ابن عمر المتفق عليه (إذا أنزل الله بقوم عذابًا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بُعثوا على أعمالهم) ولابن تيمية كلام مفصل بفتوى التتار بالمجلد 28 من مجموع فتاويه، وخلاصة المسألة أن اختلاط من لا يستحق القتل بمن يستحق القتل لا يمنع من قتل الجميع عند تعذر التمييز بينهم.
إذن، فليس صحيحًا أن المدنيين أبرياء، وماذا عن الأبرياء الذين دُفنوا بالآلاف فى البوسنة؟، وماذا عن الأبرياء فى العراق وفلسطين والشيشان وأفغانستان وغيرها؟! والإحصائيات تدل على أن أكثر من نصف اللاجئين فى العالم اليوم هم من المسلمين، أم أن الدم المسلم رخيص والدم الكافر غالى؟! أم أن القتل والحزن قد كتب على المسلمين وحدهم؟
محارب الجردان الخضر
محارب الجردان الخضر
عضو فعال
عضو فعال

ذكر
عدد المساهمات : 1594
نقاط : 3656
تاريخ التسجيل : 26/07/2013
كيف يمكننا تفكيك العقل المتطرف وإعادة تركيبه؟ Fds11


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى