هل قضى الصاروخان الباليستيان على الآمال بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا ؟

أحدث رصد وزارة الدفاع الروسية عبر الإنذار المبكر عملية إطلاق صاروخين باليستيين في منطقة شرق البحر المتوسط بلبلة كبيرة على الصعيد العالمي، لا سيما في ظل التهديدات الأميركية بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا، دفعت بحلفاء سوريا إلى إعلان إستعدادهم من أجل الرد على ذلك سريعاً.
البلبلة التي حصلت دفعت بالمراقبين إلى طرح الأسئلة حول مصير الضربة العسكرية الأميركية، خصوصاً أن هناك حالة من التردد في الأوساط الدولية عكستها المواقف التي صدرت في الساعات الأخيرة.

بلبلة عالمية

من دون سابق إنذار، جاء الإعلان الروسي عن إطلاق الصاروخين في البحر المتوسط، ليحدث حالة من البلبلة على الساحتين الإقليمية والدولية إنعكست سريعاً على الأسواق المالية في دول العالم، إلى أن جاء الإعلان الإسرائيلي عن اطلاق الصاروخين في سياق اختبار مشترك مع الولايات المتحدة الأميركية، بعد نفي الجيش الاسرائيلي علمه بالأمر.
وعلى الرغم من إعلان وزارة الخارجية الأميركية أن هذه التجربة الصاروخية لا علاقة لها بالضربة العسكرية المحتملة ضد النظام السوري، يرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق الدكتور بسام أبو عبد الله، في حديث لـ"النشرة"، أن حالة الإرباك التي حصلت تعكس الخوف من إشعال المنطقة نتيجة القيام بأي عمل غير محسوب من قبل أي جهة، لا سيما بعد التهديدات الأميركية الأخيرة وإعلان المحور المقابل الإستعداد لكل الإحتمالات.
من جانبه، يشير أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية الدكتور وليد عربيد، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن الإتحاد الروسي هو الجهة الأولى التي كشفت عن عملية إطلاق الصاروخين، ولهذا الأمر بحسب ما يؤكد دلالات كبيرة حيث يدل على الجهوزية العسكرية الروسية في مراقبة تحركات القوى الأخرى في المنطقة، في حين أن بريطانيا وحتى أميركا كانتا في حال من الإرباك الشديد، إلى أن جاء الإعلان الإسرائيلي عن الموضوع، ويعتبر من الممكن طرح الكثير من الأسئلة حول هذا الأمر.

التداعيات على الضربة ستكون كبيرة جداً

على صعيد متصل، تؤكد جميع التحليلات أن لهذه الضربة تداعيات كبيرة على مصير الضربة العسكرية لسوريا، وهذا الأمر كان واضحاً من خلال المواقف التي صدرت في الساعات الأخيرة عن العديد من المسؤولين، والتي أكدت السعي إلى البحث عن حل سياسي للأزمة المستمرة منذ أشهر طويلة.
من وجهة نظر الدكتور أبو عبد الله، اسرائيل أرادت من خلال هذه الخطوة إرسال رسالة إلى جميع المعنيين بأنها جاهزة للدفاع عن نفسها في حال كان الرد السوري المتوقع عليها، أي أنها سعت إلى الإستعراض بعض الشيء، في محاولة للضغط على الولايات المتحدة من أجل الأخذ بعين الاعتبار كل المعطيات.
ويؤكد الدكتور أبو عبدالله أن الذي حصل سيكون له تأثير كبير على مشروع الضربة العسكرية المقدم من الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الكونغرس، ويشير إلى أن من المفترض أن ذلك سيردع العديد من القوى التي تشجع على العدوان على سوريا، لا سيما الجهات الإقليمية والعربية.
من جانبه، يتوقع الدكتور عربيد أن يدفع ما حصل القوى الغربية إلى التفكير ملياً بالضربة العسكرية، لا سيما بالنسبة الى قوة الردع الروسية التي بدت حاضرة، ويشير إلى أن روسيا أعلنت أنها لن تشارك بالقتال لكنها بالتأكيد سوف تدعم النظام السوري في أي معركة يخوضها.
من جهة ثانية، يعتبر الدكتور عربيد أن الرئيس الأميركي مكبل حالياً من الناحية السياسية بطروحات الحزب الديمقراطي الذي فاز في الإنتخابات الرئاسية على أساسها على مرشح الحزب الجمهوري، أي الرافضة للحرب من جديد، بالإضافة الى أن هناك لوبي أساسيا في واشنطن لا يريد الحرب خوفاً من البديل الذي سيأتي بعد الرئيس السوري بشار الأسد، خصوصاً أن جميع المؤشرات تؤكد أن الجماعات المتطرفة هي الأقوى على أرض الواقع.
أما بالنسبة إلى الدول الأوروبية، يشير الدكتور عربيد إلى أن بريطانيا أصبح موقفها واضحا بعد قرار مجلس العموم، في حين أن فرنسا لا تستطيع القيام بهذا الأمر وحدها، خصوصاً أن الرأي العام الفرنسي رافض لمثل هذه الخطوة.

في المحصلة، سوف تدفع التجربة التي حصلت في البحر المتوسط جميع القوى الإقليمية والدولية إلى إعادة حساباتها جيداً، لا سيما أن الجانب الروسي أكد الإستعداد الواضح لرصد جميع التحركات العسكرية في المنطقة.