الأردن والواقع ال”جيوسياسي” ومخاطر الانخراط بالتسوية
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
الأردن والواقع ال”جيوسياسي” ومخاطر الانخراط بالتسوية
لم يعد خافياً على أحد طبيعة اصرار الادارة الامريكية على ايجاد حل عملي للقضية الفلسطينية. الحراك الأمريكي المتسارع كان واضحاً منذ تولي جون كيري حقيبة وزارة الخارجية. فالولايات المتحدة التي سعت الى اطالة أمد الأزمة في سوريا سعت في الوقت نفسه لتحضير الأرضية المناسبة لانطلاق تسوية الحل النهائي.
ضغوط هائلة مارستها الولايات المتحدة على الطرفين الاسرائيلي والفلسطيني من اجل الوصول الى نقطة التوافق على شكل من أشكال الحل العملي بين الطرفين. الحقيقة ان الادارة الأمريكية التي خلقت شعورا عاليا من الاضطراب السياسي لدى محور حلفائها أشعرت الاسرائيليين والفلسطينيين بخطورة تبعات عدم التجاوب مع الرؤية الأمريكية.
على الرغم من رفض كثير من المسؤولين الاردنيين التأكيد عن انخراط اردني في مشروعات التسوية الجارية، إلا ان اي متابع لشؤون المنطقة بات قادراً على رسم تصور “منطقي” لشكل الدور الأردني بغض النظر عن شكل التصريحات الرسمية الأردنية. حيث إن الواقع الجيوسياسي يفرض ان يكون الأردن على تماس مباشر مع مجمل التسويات، لا بل، قد يكون الأردن اليوم حجر الزاوية الذي تبنى عليه معادلات التسوية في المنطقة. خصوصاً أن الرؤية الأمريكية اسقطت ما يسمى بالحل التاريخي للقضية الفلسطينية مما يعني ضمناً اسقاط كثير من الأمور اهمها حق العودة الذي لم تتطرق له أي من جولات كيري الأخيرة. فالحديث انصب على فكرة انضاج مشروع تعايشي مشترك يُشعر الفلسطينيين بنوع من التغيير في نمطية الحياة تقوده لاحقاً الى ما يسمى السلام الاقتصادي.
اذاً، ان طبيعة شكل الحل الذي تتحدث عنه الولايات المتحدة هو أقرب الى صيغة الحل العملي المبني أساساً على فكرة تسهيل حياة الفلسطيني. ما يعني ضرورة رصد الجوانب المتعددة لهذا الواقع، حيث ان هذا يتطلب اعادة صياغة شكل الادوار الوظيفية خصوصاً من الجهات التي قد تضطر للعب دور خدماتي اكبر في سبيل انجاح الرؤية الأمريكية للتسوية.
الأردن الرسمي قد يجد نفسه خارج دائرة المناورة السياسية، لا بل قد يضطر لقبول التوظيف الأمريكي في ثلاثة ملفات رئيسية: الأمن والحدود واللاجئين.
ملف الأمن قد يجد الأردن نفسه منخرطا بتلبية الرغبة الأمريكية التي عبر عنها كيري بوضوح عندما تمنى الوصول الى اللحظة التي لا يرى فيها جندي اسرائيلي في حدود الـ67. هذا يعني منطقياً ان الطرف الأمني الأردني قد يشكل البديل القادم الذي يحظي بقبول الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي، بدايات التشويق لهذه الفكرة بدأت فعلياً مع تعاظم الحديث عن رغبة أمريكية بتشكيل قوة حماية مشتركة تتخذ من الأغوار مقراً لها وبالتالي يتم البدء بتعويض الوجود الاسرائيلي، ولعل الاجتماعات الأمنية الأخيرة التي عقدت بين الامريكيين و الفلسطينيين لمناقشة الاقتراحات الامريكية بشأن الترتيبات الامنية التي ستتخذ في اطار التسوية الدائمة هي دليل جديد على جدية الترتيبات على الأرض واثبات لفرضية استعداد اطراف التسوية لترجمة الرؤية الأمريكية على أرض الواقع.
من ناحية أخرى، يشكل ملف اللاجئين التحدي الأكبر لمشروع التسوية الافتراضية هذا، فطبيعة التعامل مع حيثيات ملف اللاجئين الشائك قد تخلق حالة من الصدام السياسي بين العديد من التيارات والقوى السياسية على مستوى الاقليم، ذلك ان فكرة اسقاط حق العودة هي فكرة مرفوضة لدى أغلبية القوى الوطنية الأردنية والفلسطينية، من هنا قد تظهر الرغبة في تمرير المشروع عبر عدة تعبيرات خصوصاً مع تعاظم الحديث عن ضرورة ايجاد حلول عملية مقبولة، كإيجاد حالة ضامنة للحقوق المدنية -على سبيل المثال- والفصل بينها و بين الحقوق السياسية في هذه المرحلة.
اما ملف الحدود -فبلا شك- هو ملف يضطلع الأردن به بسبب الواقع الجغرافي أيضاً، خصوصاً ادارة الجسور و المعابر التي تهدف الى خلق مساحة من حرية التنقل مستقبلاً للفلسطينيين ما يشعر الفلسطيني بحالة من الارتياح. من هنا يتساءل الكثيرون عن جدوى انجاز مشروعات كبرى كمشروع توسعة مطار الملكة علياء ليصل الى قدرة استيعابية تصل الى 12 مليون مسافر في العام او الحديث عن اقامة مطار في الاغوار، او تحسين البنية التحتية لطرق الربط الدولي او الحديث مستقبلاً عن شبكة قطارات تربط المنطقة مروراً بالأردن. كل هذا يأتي في اطار استعدادات يتم التحضير لها في الدوائر المغلقة وتأخذ طابع السرية التامة.
باختصار يمكن النظر الى رؤية كيري للأردن على أنها تهدف الى تحويل الأردن الى دولة خدماتية، الذي يمكن تسميته اصطلاحاً بـ ” الأردن أرض الخدمات”. من اللافت للنظر أيضاً توفر الغطاء الدولي في هذه المرحلة لكثير من المشروعات التي لا يمكن الشروع بها دون توفر مثل هذا الدعم الدولي، مثل مشروعات جر مياه الديسي الى عمان او التوقيع مؤخراً على اتفاقية ناقل البحرين بين الأطراف الثلاثة الأردن وفلسطين و”اسرائيل”. كل هذه المشروعات وما قد تحمله الأيام القادمة يأتي بلا شك ضمن اطار اعادة إحياء المشروعات في ظل الرؤية الأمريكية للحل النهائي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. حتى محاولات انشاء المحطة النووية في الاردن لا يمكن النظر اليها بعيداً عن هذه التطورات. في النهاية لا يمكن لهذه الرؤية الأمريكية الحالمة أن تترجم من اطار النظرية الى اطار التطبيق بهذه السهولة؛ حيث ان كثيرا من العقبات تقف امام هذه الرؤية اهمها قد يكون الصدام المتوقع الذي قد تخلقه هذه التصورات مع الواقع التمثيلي للشرعية الأردنية والفلسطينية على حد سواء. فالحديث عن تبني مشروع على الصعيد الرسمي يختلف تماماً عن افتراض قبول مثل هذا المشروع على الصعيد الشعبي.
د.عامر السبايلة
العرب اليوم
السهم الناري- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي
مواضيع مماثلة
» أضرار ومخاطر نقص فيتامين "د"
» بعد اليمن: المنطقة على عتبة متغيرات ومخاطر كبرى
» بندر أقنع ملك الأردن بفتح جبهة الأردن.. والأسد و حلفاؤه مستعدون
» بالوثائق .. ملك الأردن يصدر إجازة بكالوريوس مزورة للجربا مسربة من بريد السفير السعودي في الأردن
» بديهيات من رحم الحقيقة السورية .. نتاج العقل والمنطق والواقع
» بعد اليمن: المنطقة على عتبة متغيرات ومخاطر كبرى
» بندر أقنع ملك الأردن بفتح جبهة الأردن.. والأسد و حلفاؤه مستعدون
» بالوثائق .. ملك الأردن يصدر إجازة بكالوريوس مزورة للجربا مسربة من بريد السفير السعودي في الأردن
» بديهيات من رحم الحقيقة السورية .. نتاج العقل والمنطق والواقع
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت أبريل 27, 2024 9:47 pm من طرف الحيوانات بالعربي
» وزير الأمن القومي للكيان المحتل ينقل للمستشفى بعد إصابته في حادث مروري في مدينة الرملة
الجمعة أبريل 26, 2024 10:50 pm من طرف larbi
» كلمة الناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة في اليوم الـ200 للحرب على غزة
الأربعاء أبريل 24, 2024 12:02 am من طرف larbi
» هل سمعت يوما بحيوان إسمه الميركات
الأربعاء أبريل 17, 2024 8:32 pm من طرف الحيوانات بالعربي
» ليبيا.. اشتباكات في طرابلس بين فصائل مسلحة
الجمعة أبريل 12, 2024 1:50 am من طرف ينبوع المعرفة
» شاهد و تمتع مع اسود غزة
الأربعاء أبريل 10, 2024 12:28 am من طرف larbi
» في يوم القدس العالمي.. كلمة الناطق باسم سرايا القدس أبو حمزة
الجمعة أبريل 05, 2024 1:04 am من طرف larbi
» كتائب القسام تستهدف مقرا لقيادة الاحتلال بمحيط مجمع الشفاء في غزة
الثلاثاء مارس 26, 2024 12:14 am من طرف larbi
» فشل إسرائيلي جديد.. المساعدات تصل لشمال القطاع في حماية شرطة غزة
الإثنين مارس 18, 2024 12:12 am من طرف larbi
» صور تظهر تتبع القسام لتحركات ضابط إسرائيلي الذي اقتحم مشفي الشفاء قبل قنصه
الإثنين مارس 18, 2024 12:10 am من طرف larbi