مكافحة الإرهاب والدور الروسي

نور الدين الجمال
عاد الوفد الرسمي السوري برئاسة وزير الخارجية وليد المعلم من مفاوضات جنيف متوّجاً بنصر إعلامي وسياسي ودبلوماسي كبير، رأت فيه مصادر سياسية مواكبة صورة حية عن الدولة السورية الوطنية من حيث مصداقيتها وجديتها في التعاطي مع الحوار من أجل الوصول إلى حقن الدم السوري الذي تسفكه المجموعات الإرهابية، بالإضافة إلى إظهار طبيعة الفريق الآخر أي الائتلاف وما يسمى بالمعارضة، ومدى ارتهانه للإرادة الأميركية والسعودية والقطرية والتركية، بدليل وكما أعلن مندوب سورية في الأمم المتحدة بشار الجعفري، أن وفد ما يسمى بالمعارضة كان يتلقى خلال الاجتماعات قصاصات ورق تتضمن التوجيهات وكيفية التعاطي مع المواضيع المطروحة على طاولة الحوار، وعندما يطرح أي موضوع من خارج ما هو معلن كان يبدو الإرباك على تصرفات أعضاء الوفد.
وتعتبر المصادر السياسية أن اللقاءات التي حصلت وما دار فيها من مناقشات عرّت وفد ما يسمى بالمعارضة منذ أن قدم الوفد الرسمي السوري ورقة سياسية في محاولة منه لكي تكون منصّة للانطلاق في الحوار الجدي والتي تضمنت كما بات معروفاً، مبادئ بديهية تتعلق بالسيادة والقرار الحر والحفاظ على وحدة الأراضي السورية وغيرها من البنود حيث قوبلت بالرفض، كما أن «الائتلاف» اسقط عنه ورقة التوت في الوقت الذي بادر فيه الوفد الرسمي إلى طرح مشروع لمكافحة وإدانة الإرهاب، وقبل ذلك عندما طرح بند وقف العنف، أي الإرهاب حيث تبين بصورة واضحة أن رفضه لهذا الطرح كشف عن نياته الحقيقية لناحية علاقته ومن يقف وراءه من جهات دولية وعربية وإقليمية بالتنظيمات الإرهابية الموجودة على الأرض السورية.
وتقول المصادر السياسية، إن ما جرى في «جنيف ـ 2» أظهر بوضوح أن الأميركي هو الآمر الناهي لـ»الائتلاف» مع استمراره بدعم المجموعات الإرهابية بالسلاح وباعتراف علني من كبار المسؤولين الأميركيين، مع العلم أنهم لم يتوقفوا لحظة عن دعم المسلحين والإرهابيين بالسلاح على مختلف أنواعه منذ بداية الأحداث في سورية، ولكن توقيت الإعلان عن هذا الأمر جاء في سياق إفشال مؤتمر جنيف اعتقاداً منهم أن وفد الدولة السورية قد يعتبر في ذلك استفزازاً له يمكن أن يجبره على الانسحاب من المفاوضات، ولكن هذه الأمنية لم تتحقق لأن الهدف منها كان تحميل الدولة السورية مسؤولية فشل الحوار.
وتشير المصادر السياسية إلى أنه في «جنيف ـ 2» اكتشف الشعب السوري حقيقة ما يسمى بالائتلاف على أنه أداة طيّعة بيد الأميركي والسعودي وهذا ما يجعله فاقداً لشرعية ما يدعيه بأنه يمثل الشعب السوري أو جزءاً منه، وهو في الحقيقة لا يمثل إلا نفسه، وهذا الواقع عبّرت عنه أكثر من شخصية معارضة كانت من ضمن «الائتلاف» خصوصاً مع غياب «المعارضات» السورية الأخرى في الداخل والخارج.
وختمت المصادر السياسية بالقول: التفاهم الروسي ـ الأميركي لم ينجز بشكل كلي، واقتصر على العناوين فقط من دون التفاصيل بدليل أن الأميركي لو كان يريد الحلّ السياسي في سورية فلماذا يستمر بإرسال السلاح وباعتراف المسؤولين في الإدارة الأميركية، ولماذا الرئيس أوباما اعترف بوجود القاعدة في العراق واليمن وأفغانستان وبضرورة محاربتها، ولماذا تجاهل وجودها في سورية مع العلم أن الإرهاب العالمي بكل تفرعاته «القاعدية» موجود حالياً على الأرض السورية. ولذلك المطلوب من روسيا، بحسب المصادر، أن تقود تحركاً دولياً وإقليمياً عنوانه مكافحة الإرهاب ليس في سورية فقط بل على مستوى العالم.