عودة التلويح بورقة الخيار العسكري ضد سوريا و فرض التسوية على حزب الله

مع انتهاء الجولة الثانية من مؤتمر جنيف 2 تعود الازمة السورية الى نقطة التجاذب الدولي بين موسكو وواشنطن. طريقة انتهاء جنيف 2 دون تحديد موعد جولة قادمة يعني ان هامش المناورة بات واسعاً و ان صراع التصورات الروسي الامريكي سيترجم على أشكال متعددة و في محطات مختلفة.
وزير الخارجية الأمريكي طلب صراحةً من روسيا التوقف عن دعم سورية. ردود الفعل الروسية جاءت واضحة و مباشرة عبر تصريحات وزير الخارجية الروسي لافروف التي أشارت أن روسيا فعلت ما عليها و التزمت بكل تعهداتها.
في المقابل اختار الرئيس أوباما موعد لقاءه مع الملك عبد الله الثاني ليرسل رسالة مهمة مفادها ان الولايات المتحدة ستعمل على زيادة الضغوطات على سورية. عدم تفصيل نوع الضغوطات يفتح باب التأويلات السياسية الأمر الذي يفسر عودة الحديث عن عمل عسكري ضد سورية. الأهم ان الاستثمار الامريكي لزيارة الملك عبدالله يأتي أيضاً في سياق توظيف الواقع الجيوسياسي الاردني في خدمة الرؤية الامريكية الأمر الذي يفسر أيضاً تعاظم الحديث عن دور أردني يخدم الرؤية السعودية خصوصاُ في عملية تهريب السلاح و المسلحين. الأردن بدوره حاول الرد على محاولة التوظيفات هذه عبر تسريب أخبار عن ايقاف محاولات تسلل مقاتلين الى سورية او اعتقال متسللين حاولوا الدخول الى الاردن بعد الاشتباك معهم. المساحة الفاصلة بين انتهاء جولة المفاوضات و العودة مجدداً الى الطاولة قد تخلق أجواء محتقنة لهذا فمن المتوقع ان تستمر عاصفة التوظيفات بالهبوب على الحدود الاردنية السورية.
من جهة أخرى لا يمكن لمشهد التسوية السورية ان يبقى مرتبط حصرا بالداخل السوري. الحقيقة ان الاوراق المرتبطة بالداخل السوري (ممرات انسانية، مكافحة ارهاب) تم التطرق لها في جولتي جنيف 2، اما المرحلة القادمة فلابد ان يأخذ اطار التفاهمات بعداً اقليمياً. ضمن هذا السياق تهدف المناخات الحالية الى خلق حالة من التأزيم في أجواء دوائر الحكم في سورية ضمن استراتيجية التطويع الهادف الى اختزال طوق النجاة بالانضمام الى قطار التسوية الاقليمية. استراتيجية التطويع هذه تستهدف الامتداد الطبيعي لسوريا ضمن اطار التسوية المفترضة.
بالنسبة للولايات المتحدة حزب الله يمثل الهدف المرتبط ضمنياً بملف التسوية الاقليمية. هناك رهان في أوساط الادارة الامريكية و حلفاءها على فرض حالة من اعادة التموضع على حزب الله و الحاقه بركب المعادلة السياسية اللبنانية بهدف تحجيم أبعاد الحزب الاقليمية. سياسة ضرب حزب الله في داخله يهدف الى استثمار تداعيات حالة التأزيم المفروضة داخل معاقل الحزب و بين قواعده الشعبية و حواضنه المجتمعية.
الرهان سيكون على خلق حالة من الاحتقان الناتج عن التهديدات في داخل الضاحية الجنوبية و آثارها الاقتصادية و الامنية و النفسية على جمهور المقاومة بحيث تكون استراتيجية اعادة التموضع و الخروج من سورية و الالتحاق بركب المعادلة السياسية هي المخرج الوحيد امام العقل السياسي للحزب.
باختصار يبدو ان الولايات المتحدة تسعى لخط العنوان العريض للمرحلة القادمة المتمثل بالخلاص من أدوات تعطيل التسوية.
د. عامر السبايلة – رأي اليوم