أمريكا وشركات أدويتها تجري تجاربها على فقراء أمريكا والعالم

تفاعلت قضية الكشف عن نشر الولايات المتحدة قبل 64 عاما مرض السفلس (الزهري) في أوساط فقراء غواتيمالا حيث ندد رئيس غواتيمالا الفارو كولوم بقيام مجموعة من الباحثين الأميركيين بتمويل من حكومتهم بإجراء اختبارات طبية على المئات من مواطنى بلاده قبل نحو 64 عاما، أدت إلى إصابتهم بمرض الزهري، واصفا إياها بأنها «جريمة ضد الإنسانية».
وكان الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزيرا الخارجية والصحة الأميركيين سارعوا يوم أمس الأول الجمعة بالاعتذار العلني عما قامت به وزارة الصحة الأميركية في الفترة من 1946-1948 بتمويلها دراسة طبية تقضي بإجراء اختبارات لمضادات حيوية على مئات من الغواتيماليين الذين أصيبوا بدون علمهم بمرض السفلس الذي ينتقل جنسياً. وكان الهدف من إجراء تلك الاختبارات كان معرفة ما إذا كان البنسيلين، الذى كان حديث العهد فى ذلك الوقت، يمكنه منع وليس فقط علاج الإصابة بمرض الزهري.. وقد اتصل اوباما بنظيره الغواتيمالي كولوم للتعبير عن أسفه العميق إلى كلّ الضحايا. مؤكدا على التزام واشنطن بالحرص على أن كل الاختبارات الطبية على البشر هي مستوى التشريعات والمعايير الأخلاقية الأميركية والدولية. فيما أصدرت وزيرتا الخارجية والصحة هيلاري كلينتون وكاثلين سيبيليوس بياناً مشتركاً قالتا فيه إن الاختبارات تستدعي الشجب وأضافتا على الرغم من ان هذه الأحداث وقعت قبل 64 عاماً، نشعر بالغضب لحدوث هذه الابحاث تحت أنظار الصحة العامة.
وقد أعاد بيان الاعتذار إلى الأذهان دراسة «توسكيجي» الشائنة فى آلاباما في الثلاثينات من القرن الماضي حين تم إبلاغ مئات من الرجال الأميركيين السود بانه تم معالجتهم من مرض السفلس ولكن في الحقيقة حرموا عمدا من العلاج، وكانت الدراسة أجريت في عام 1932 واستمرت أربعين عاما حيث لم يكشف النقاب عنها إلا بعد انتهائها في عام 1972.
وذكر البيان « إن دراسة التطعيم ضد الأمراض المنقولة جنسيا في الفترة من عام 1946-1948
في غواتيمالا كانت عملا غير أخلاقي بشكل واضح»، ورغم أن هذه الأحداث وقعت قبل أكثر من 64 عاما، فإننا غاضبون من إجراء مثل هذه الأبحاث تحت غطاء الصحة العامة، ونأسف بشدة عن حدوث ذلك، ونعتذر لجميع الأفراد الذين تأثروا بهذه الممارسات البحثية البغيضة «.
وقد أبقيت قضية التجارب على الغواتيماليين سرا إلى أن كشفتها الباحثة وأستاذة الدراسات النسائية بكلية ويليسلي بولاية مساساشوسيتس، سوزان ريفربي حيث نشرت نتائج دراستها على موقع الكلية الإلكتروني وذكرت فيه أن التجارب قد جرت بين عاميّ 1946 و1948وشملت حوالي 1500 شخص في غواتيمالا من جنود وسجناء ومرضى نفسيين من الجنسين بتمويل من وزارة الصحة الأميركية ومعهد الصحة القومي الأميركي، بتعاون مع حكومة غواتيمالا حين ذاك التي كانت تخضع لنفوذ الولايات المتحدة وشركاتها الكبرى، في مسعى لاختبار المضادات الحيوية التي كانت مكتشفة حديثاًُ في ذلك الوقت.. ويذكر أن سوزان ريفربي قد كتبت مطولا حول دراسة «توسكيجي».. وقال كولوم في تصريحات نقلتها هيئة الإذاعة البريطانية، « بالطبع، ربما وقعت حوادث مماثلة فى دول أخرى بمختلف أرجاء العالم، لكننى كرئيس لغواتيمالا كنت أفضل لو لم تقع هذه الاحداث أبدا على أراضى غواتيمالا»..