منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي




انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي


منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

حلب ويوميات الحصار… التاريخ في زمن الحاضر..

اذهب الى الأسفل

  حلب ويوميات الحصار… التاريخ في زمن الحاضر.. Empty حلب ويوميات الحصار… التاريخ في زمن الحاضر..

مُساهمة من طرف السهم الناري الأربعاء أبريل 30, 2014 10:12 pm


  حلب ويوميات الحصار… التاريخ في زمن الحاضر.. 912229

ثائر شحادة

ذاكرة التاريخ مزدحمة بالحوادث الكبرى مع مرور السنين… تاريخ صراعات وحروب وفتوحات وأزمات… إمارات نشأت على أنقاض أخرى لتعود فتتلاشى ليأتي غيرها… كل هذا والتاريخ يدوّن.

غير أن تلك المدونات غالباً ما يمرّ عليها القارئ أو المتابع كقصة عابرة غير مدرك أن ما يراه سطوراً، تطوي بين ثناياها قصصاً فيها المفرح والمحزن والمضحك والمبكي، آلام أناس عايشوها حفرت عميقاً في ذاكرتهم، منهم من أتيح له البوح بها لتصل إلينا سطوراً، ومنهم من أخذته الأزمات ومعه ما قاساه قبل أن يغادر هذا العالم.

ولأن ما عاشته سورية منذ ثلاث سنوات إلى الآن أثبت أننا بتنا في زمن حتى العين فيه يمكن ألا تدرك الحقيقة، فالصورة بوجهين وربما أكثر، وبتنا في زمن أصبح أسهل شيء فيه تزوير الحاضر، فما بالك بالتاريخ، لذلك كان لا بد لنا من أن نكتب تاريخنا منذ الحاضر ونحن أحياء.

روى التاريخ لنا القديم منه والحديث قصصاً كثيرة عن حصارات لتجمعات بشرية كبرى قاسى خلالها المحاصرون ألوان العذاب المختلفة، إلا أنه لم يرو لنا بحدود ما أعلم ولا أعتقد أنه كان قد حكى يوماً عن مدينة من كبرى مدن العرب حضارة وعدداً، استفاق أهلها ذات يوم ليجدوا أنفاراً من الرجال قطعوا أوصالها وأغلقوا أحيائها… بنوا متاريسهم هوجمت المراكز الأمنية احتلت المخافر وارتكبت أفظع ما يمكن أن تدركه عقول البشر، لينتهي ذلك اليوم بواقع جديد على أهل تلك المدينة شطرها نصفين، نصف أعملت فيه تلك المجموعات حكمها، وحين يصبح بائع البقدونس قاضياً شرعياً ويصبح منبوذو المجتمع أمراءه وحثالة الناس سادتهم بالإمكان تخيّل نوع ذلك الحكم، وشطر آخر تجمع فيه من رفض واستطاع ألا يكون تحت ذلك الحكم. ولأجل هذا كان أهل حلب على موعد مع حصار ظلمه الحاضر كثيراً على أمل أن ينصفه التاريخ، كأكبر حصار تجويع بشري استهدف ملايين البشر رجالاً ونساء وأطفالاً وشيوخاً، فقطاع الطرق انتشروا على مداخلها بالقتل والسطو والسرقة والابتزاز، أشهر قليلة كانت كفيلة لتنتهي من المخازن المواد الأساسية بينما مجموعات الموت دخلت إلى المحطة الحرارية التي تغذي المنطقة بالكهرباء، فأظلمت المدينة التي كان ليلها لا يختلف عن نهارها.

يقضي سكان حلب يومهم في تأمين الخبز الذي ارتفع سعره لما يزيد على العشرة أضعاف، عندما يكون بالإمكان الحصول عليه… تنتهي مخصصات طحين الخبز ليبدأ الناس بشرائه من السوق السوداء وتتحول البيوت إلى مخابز صغيرة تصنع فيه كل أسرة قوتها بنفسها.

يرتفع سعر الطحين… أيام قليلة ويفقد من الأسواق فتتجه العامة للمعجنات والأشياء الشبيهة، التي ما إن تكاد تجف حتى تعود الأفران العامة إلى العمل مجدداً بعد تأمين كميات الطحين، الذي ما يلبث أن يفقد لتكون حلقة الحصار قد اكتملت لتعود وتعيد نفسها.

جاء شتاء ذلك العام قاسياً على أناس تركوا بيوتهم ليبيتوا في المدارس ومراكز الإيواء الجماعية، وكنا نلحظ أشجار المدينة تختفي شيئاً فشيئاً مع اختفاء مظاهر الحياة الطبيعية فيها ومع حاجة الناس الملحة للدفء… بردّ قارس لم تشهد حلب مثله ذاك العام، فلا وقود للتدفئة وإن وُجد فبأسعار لا طاقة لمعظم الناس على حملها حتى إن صباحات تلك الأيام كان مليئة بالغبار الأسود وروائح المواد المحترقة، التي كانت تعسّ طوال الليل في احتراق كامل ونصف كامل لتقي الناس خطر الموت برداً.

لا أحد يسير في الشوارع صباحاً سوى من يبحث عن طحين أو خبز أو فرن للمعجنات وما شابه، وتكاد تلحظ الأطفال وهم يجمعون الحطب والقش وكل شيء لا فائدة منه أو يمكن إحراقه ليؤمنوا مصدر دفئهم مع عائلاتهم، قبل أن يحل الليل من جديد ومعه موجات برد جديدة.

يوم آخر بلا كهرباء، عبارة كانت تعني الكثير لأهل حلب، ليس لأنهم لم يعتادوا الحياة بلا كهرباء بعيداً عن رفاهية العيش الطبيعية فقط، فقد أصبحت تلك الأدوات التي اعتادوها بلا فائدة، البراد مثله مثل الخزانة والتلفاز استعيض عنه بأجهزة الراديو وأدوات الترفيه تلقائياً لا مكان لها في تلك الأجواء.

يوم آخر بلا كهرباء، كان يعني توقف أجهزة الهواتف المحمولة عن العمل وتوقف بعض مراكز الهواتف الأرضية التي سرعان ما تنتهي مدخراتها، الأهم من ذلك أن يوماً آخر بلا كهرباء كان يعني توقف محطات ضخ المياه عن العمل وانقطاع مياه الشرب، ما يستدعي إما شراء المياه من الصهاريج الجوالة والوقوع تحت رحمة استغلال أصحابها، أو الوقوف لساعات طويلة أمام مراكز الإطفاء لملء ما يتيسر من مياه الشرب.

يوم آخر بلا كهرباء، جعل أطفالاً بمختلف الأعمار يقعون ضحية مجزرة مرعبة سببتها قذيفة هاون استهدفتهم وهم يصطفون بانتظار دورهم ليملأوا ما استطاعت أيديهم حمله من جرر، يعودون بها إلى أهلهم فلا عادوا ولا عاد الماء.

يعود التيار الكهربائي إلى العمل لتعود معه الحركة المتسارعة بين الناس… ساعات قليلة لشحن الهواتف ومدخرات الإنارة وغسل الثياب المتراكمة والاستحمام، ساعتان أو ثلاث في اليوم يستغلها الناس منذ الدقيقة الأولى وحتى الأخيرة، لقضاء حوائجهم قبل أن تعود الكهرباء للانقطاع في انتظار عودتها في اليوم التالي، وفي اليوم التالي إذا لم تعد الكهرباء يقبع الناس بانتظار يوم آخر بلا كهرباء فتكتمل دورة الحصار لتعاود الكرّة من جديد.

أتى الصيف وانتهى برد الشتاء على أمل أن يكون فصل الحرارة أرحم بهم من فصل البرد، ولكن للحرارة مع التشرد وقلة المياه والكهرباء حكاية أخرى، أمراض وحشرات وغبار ونقص أدوية وأمور كثيرة.

ومع اشتداد الحصار وحرارة الصيف اللاذعة طرق رمضان أبوابه ليدخل مدينة خيل له أنه لم يزرها سابقاً… لا أحد كمثل حلب كان يستقبله كل عام، لا أحد كمثل أهلها يحتفون به كل عام… كآبة تملأ المكان، محلات المأكولات وكأنها على وشك الإغلاق، فلا مكان للحلوى، والخبز بالكاد يتم الحصول عليه، ولا مكان لسهرات السمر، والناس يقضونها بالتفكير في كيفية تأمين طعام أولادهم لليوم التالي.

مرّ رمضان ذاك العام على حلب كما لم يمّر عليها سابقاً، مر ورحل بصمت من دون أن يشعر به أحد، رحل تاركاً الناس وقد شغلوا عن وداعه كما في كل عام، شغلوا عن عيدهم بمرارة الجوع وأهوال الحرب، رحل على أمل أن يعود إليهم في العام المقبل، ليجد من يستقبله كما يحب وكما يحبون.

هكذا تترك الأيام آثارها على المدينة، وهكذا يعيش الحلبيون حصارهم يوماً بيوم وساعة بساعة، تلك كانت بعض الصور التي لا يزالون يعيشونها إلى الآن، والتي ستظل محفورة في ذاكرتهم، وربما بعض منهم يكتبونها، لعل التاريخ ينصفهم كما لم يفعل حاضرهم الذي يعيشونه.
السهم الناري
السهم الناري
المراقب العام
المراقب العام

ذكر
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى