هكذا سيرد رجال اعمال سوريون على قرار المشنوق بمنع السوريين في لبنان من دخول سوريا للتصويت

ماهر الدنا
في الخامس عشر من نيسان الماضي، وخلال إستقباله وفداً من بلديات مناطق لبنانية مختلفة، إعتبر وزير الداخلية نهاد المشنوق أن النازحين السوريين في لبنان ضيوفا وأهل.

أمّا اليوم، فقد أصدر الوزير المستقبلي قراراً يحذّر عبره النازحين السوريين في لبنان من أنّ زيارتهم لسوريا ستكلّفهم فقدان صفة "نازح"، في خطوة مفاجئة شكلاً، متوقعة مضموناً.

منطقياً لا يُمكن لنازح الدخول إلى بلده والعودة إلى مكان إقامته كنازح من جديد، وهذا واضح أيضاً إستناداً إلى الأعراف و الشرعات الدولية. لكن في الحالة السورية، التي يمكن لطفل لبناني لم يتجاوز العاشرة من عمره تقديرها، فالسوري الموجود هنا قد تختلف أسباب نزوحه عن أيّ لجوء آخر في العالم، فهو ليس بلاجئ سياسي في لبنان، وقدومه إلى هنا قد يكون بفعل تهجيره من منطقته على يد المعارضة المسلحة، وهو ما لا يمنعه من التردد على مناطق سورية تسيطر الدولة عليها لقضاء حاجياته أو لقاء أهله أو تخليص بعض المعاملات الرسمية، فوجوده في لبنان هو للعيش بأمان.. مبدئياً.. وكما كان يردد تيار المستقبل وحلفائه.

خطوة وزير الداخلية لم تكن «مقطوعة من شجرة»، إذ أنّ مناطق لبنانية عديدة تستضيف عائلات سورية نازحة شهدت مطلع الأسبوع الحالي توزيع مناشير تحذّر السوريين من التوجّه نحو سفارة بلادهم في اليرزة لممارسة الإنتخاب نهار الأربعاء، تحذير حمل بمضامينه رسائل تهديدية لكل من يفكّر في ممارسة حقه وواجبه تجاه بلده الأم.

تلفت مصادر عديدة أنّ تيار المستقبل عبر مكاتبه في المناطق كان وراء توزيع هذه المنشورات، إضافة لقيام عناصره بالضغط على المواطنين السوريين لمنعهم من الإقتراع مهددين بطردهم من مكان سكنهم.
ربط الأحداث ببعضها البعض يوصل إلى خلاصة مفادها أنّ القرار المستجد من وزير الداخلية لم يكن وليد لحظته، ولا حتى نتاج الوزير نفسه، بل هو حلقة من مسلسل التضييق الذي يمارسه تيار المستقبل وحلفاؤه على النازحين، خصوصاً بعد مشهد تدفّق الآلاف للإقتراع في السفارة السورية بشكل إستفزّ كل معادي لسوريا و لرئيسها، ومنهم التيار الأزرق.

العودة بالأحداث لفترة ما قبل صفعة السفارة، لا يمكن سوى أن يرسم صورة واحدة لهذا التيار ومتفرعاته، فالمستقبل لطالما كان الحاضن والمتضامن مع كل سوري أتى إلى لبنان (على الأقل إعلامياً)، عبر الحدود الشرعية أو غير الشرعية، نازحاً مدنيّاً كان، أم مسلّحاً يحمل في فكره ما هو أخطر ممّا تحمله يداه. حتّى اليوم، ما زالت بعض المناطق "الزرقاء" تسمح بتدفّق النوع الثاني من الوافدين، خصوصاً عرسال البقاعية التي ما زالت بعض طرقات جردها مفتوحة على بعض القرى السورية المنضوية داخل أسوار المعارضة المسلّحة.

قرار "الكويّس" لن يتم الرّد عليه ببيان ينتقده أو يعكّر صفو الإستقرار السياسي، في ظلّ قرارات من أخصام التيار الأزرق بعدم توتير البلاد بأيّ شكل من الأشكال.
الرّد على ما يبدو لن يكون إلّا سورياً، فكان أن إتّخذ عدد من رجال الأعمال السوريين قراراً بنقل النازحين السوريين في لبنان ممن لم يتسنى لهم التصويت في سفارة بلادهم للإقتراع يوم الثالث من حزيران، وذلك عبر دفع تكاليف نقلهم بالباصات الكبيرة من أماكن تواجدهم إلى مراكز الإقتراع بتنظيم ورعاية من فرع لبنان في حزب البعث العربي الإشتراكي، والجدير بالذكر أن أعداداً كبيرة ستتجه نحو البقاع، حيث لفت تكفّل رجل أعمال واحد بنقل ما يزيد عن 15000 مواطن سوري.

مصادر القيّمين على هذا التحرّك تجزم بأنّ أي مخالفة لقرار الدولة اللبنانية لن تحصل، لتبقى وجهة الباصات نحو مراكز الإقتراع مجهولة، فهي من المؤكد أنّها لن تمر عبر مراكز الأمن العام اللبناني، ولا حتّى بالقرب منها.

الثالث من حزيران الحالي، لن يكون كما الثامن والعشرين من الشهر الذي سبقه، فمشهد الحشد الجماهيري نفسه لن يتكرّر هذه المرة، بل سيزيد لتشهد كل المناطق اللبنانية مسيرات سيّارة وراجلة نحو البقاع، ما سيفاجئ الكثيرين ممّن إعتقدوا أن بإمكانهم منع المواطن السوري من ممارسة حقّه، بشحطة قلم.