الحقيقة من وراء الضغط على الدوحة بملف "كأس العالم"

ما الذي قصرت به قطر، كي ينقض الاتفقاق بين الحكومة القطرية والبيت الأبيض الذي وقع كرمى حصول قطر على حق تنظيم المونديال والذي كانت شروطه تقتضي أن تنفذ الدوحة مجموعة من المتطلبات السياسية و الأمنية في المنطقة، مقابل حق استضافة اهم حدث كروي في العالم، والرياضة هنا مدخل إلى ملفات أمنية و سياسية حساسة في منطقة الشرق الأوسط، كشفتها صحيفة إسرائيلية هي "يدعوت أحرنوت" التي تسألت عبر تسريب الاتفاق كيف تقيم الولايات المتحدة هكذا اتفاق في المنطقة، دون أن يكون لإسرائيل حضورها في الاتفاق، فالملفات التي اتفق عليها بين وزير الخارجية الأمريكية السابقة هليري كلينتون، و أمير قطر السابق حمد آل ثاني...؟

و في تفاصيل الفشل القطري قرأ فشلها الكبير في تحويل البوصلة السورية عن دعم حركات المقاومة العربية، و التي على رأسها حزب الله و حماس، و نقرا أيضاً أن قطر لم تتمكن من التقرب من حزب الله كمؤسسة، ولا من حسن نصر الله كشخص، بل إن حزب الله كان القوة الأساس التي طردت الكتيبة القطرية من جنوب لبنان لأنه أحس بأن العسكريين اللذين كان عدده 200 عسكرياً قطرياً، محض جواسيس يقومون بجمع معلومات لا تمس مهمة حفظ السلام، ويتغلغلون في سكان مناطق الجنوب، ما دفع بالحس الأمني للمقاومة لمتابعة الموضوع، ومن ثم التنسيق مع الحكومة اللبنانية، لطردهم.

و نقرأ الفشل القطري في تحويل الإخوان المسلمين إلى قوة سياسية قادرة على الحضور و التأثير في المجتمعات العربية، وزاد الطين بلة بأن القطريين لم يتمكنوا من البقاء في الظل، بل أن الغباء السياسي لحكومة الدوحة دفعها للمجاهرة بدعم الإخوان الذين لم يوفروا أساليب العنف كافة لفرض تواجدهم، ما عزز من حالة النفور العام من الإخوان في العالم العربي، و أكثر من ذلك، فإن القطريين أوصلوا بغبائهم الإخوان إلى التحول إلى جماعة محظورة في مصر، ولمصر في حسابات الإخوان من الأولوية ما لها.

كذلك نستفيد من فشل قطر في تحويل العراق إلى منطقة نفوذ قطري، ليكون الدور الأمريكي أكبر داخل العراق، و إن كشفت وثائق ويكليكس التي سربها الموقع برغم التفاوض و المبالغ المالية الكبيرة التي قدمتها حكومة الدوحة، أن الجزيرة كقناة إعلامية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بإدارة المخابرات الأمريكية.

و نقرأ الفشل الذريع في تمدد دور قطر و إقناع الخليجي بضرورة التخلي عن البحث عن علاقات مع إيران، وما زيارة الأمير الكويتي الحالية لطهران إلا إنعكاساً لهذا الواقع.

كل ما تقدم، دفع الإدارة الأمريكية إلى تطبيق البند القائل في الاتفاق أن هذا الاتفاق يعتبر بحكم الملغى في حال فشل قطر في تنفيذ ما يطلب منها، و بالتالي فإن الإدارة الأمريكية ستعمل مع حلفائها على سحب حق تنظيم كأس العالم في الدوحة من الحكومة القطرية، وهنا نتسأل عن التنازلات و الوعود التي ستركض قطر لتقديمها، للحفاظ على استضافة المونديل هرباً من التعرض لخسارة اقتصادية كبيرة، نتيجة تنفيذها لملاعب وفنادق لن تكون قطر الدولة الصغيرة بحاجتها ولا بعد مئة عام.

في المحصلة، فإن سحب حق استضافة كأس العالم لا يمكن أن يكون سببه المباشر و الحقيقي، ما تتناقله وسائل الإعلام وتروج له على أنه "فساد" داخل الاتحاد الدولي، وتقديم رشاوى مالية من قبل قطر لمسؤولين رياضيين كي تنال حق الاستضافة بطريقة غير شرعية، بل أن الأمر، اتفاق لم ينفذ مع أمريكا، وعليه فأن البيت الأبيض يعاقب قطر وفق بنود الاتفاق لا أكثر.