الغرب غرّر بالمعارضة السورية للادمان على اسقاط الأسد وتخلّى عنها

انطوان الحايك

تعني الحرب بلغة السياسة وصول الدبلوماسية الهادئة إلى الحائط المسدود، فيستعاضُ عنها بدبلوماسية الحديد والنار. وباللغة نفسها يتم تحديد نتائج الحرب على أساس تحقيق الأهداف التي اعلنت على أساسها. واستناداً إلى هذا العرف الدولي والدبلوماسي يمكن القول ان سوريا أعلنت انتصارها أقله حتى الآن، وذلك بعد اسقاط الهدف الذي أعلنت الحرب على أساسه وهو اسقاط النظام وترحيل الرئيس السوري بشار الأسد واعادة الحياة السياسية إلى البلاد من دونه ومن دون حكمه ولا نظامه.
تصح هذه المعادلة انطلاقاً من اليوم، أي بعد عودة الأسد على رأس النظام والسلطة لمدة سبع سنوات جديدة تضاف إلى ولايتين سابقتين، خصوصاً أن أي خطوة سياسية أو دبلوماسية لن ولم تنجح في ازاحته عن قصر المهاجرين، في ظل دعم ايراني وروسي تجلى في الساعات الأخيرة الماضية من خلال وفود رسمية من البلدين لمراقبة الانتخابات، والاشادة بمسارها وعدم التشكيك بنتائجها ما يقفل الباب أمام أي اعتراض دولي أو دبلوماسي غربي، بالرغم من المواقف الحادة التي صدرت في غضون الساعات الأخيرة الماضية عن بعض الدول، التي كانت قد أعلنت أن اسقاط النظام وابعاد الأسد هو الهدف من الحرب المعلنة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
قد يصح القول وانطلاقاً من نتائج الانتخابات السورية المعروفة منذ اعلان الأسد ترشحه أن سوريا دخلت مرحلة جديدة عنوانها الحسم العسكري بعد الحسم السياسي، فالنظام خرج من دائرة خطر السقوط باعتراف خصومه قبل مناصريه، ولم يعد أمامه سوى حصاد النتائج لا سيما بعد استثمار عامل الانتخابات إلى أبعد الحدود من الناحية الاعلامية وتصويرها على أنها مشهد ديمقراطي، ومن الوجهة السياسية بحيث اشارت التقارير الواردة من دمشق ومن مراكز الانتخابات، إلى أن "الهجمة" على صناديق الاقتراع شكلت الفارق، ودفعت بالواقع إلى المزيد من وضوح الرؤية المستقبلية على اعتبار أن الشعب هو من يعطي الشرعية.
في هذا السياق، يعتبر قيادي في تيار "المستقبل" أن نجاح النظام السوري في اتمام الاستحقاق وفوزه بولاية جديدة تحوّل إلى أمر واقع جديد سيفرض نفسه على المستويات كافة. فالاعتراضات الغربية على الانتخابات ونتائجها ووصفها بالمهزلة لن يغير ما حصل في ظل التجارب السابقة. فلا روسيا والصين ستسمحان بصدور أي قرار على مستوى مجلس الامن يرفع الشرعية عن الأسد، ولا واشنطن نفسها راغبة في ذلك. فلو ارادته لسمحت بانشاء منطقة حظر جوي ولكانت دعمت المقاتلين بشكل مختلف، وبالتالي فانه من الجائز القول إن السيف سبق العزل وإن ما تحقق على مستوى السياسة سيجر حتماً إلى الحسم العسكري، وهو أمر صعب على الفريقين من النظام والمعارضة، ما يعني أن الأمور تتجه إلى استنزاف جديد قد يستمر سنوات طويلة.
هذا لا يلغي احتمال أن يعمد الجيش السوري إلى تكثيف هجماته وتسعير المعركة، بعد أن حصل الأسد على غطاء روسي ايراني اضافي من شأنه أن يعيد رسم خريطة المعارك العسكرية في سوريا، فالنظام ارتاح إلى أوضاعه رغماً عن المعترضين، وبالتالي فإن على دول العالم التعاطي مع الأمر الواقع الجديد أو ازالته وهذا لا يبدو مدرجاً على لائحة الاهتمامات الدولية.