بالتفاصيل : المدينة الصناعية في حلب قاب قوسين من قبضة الجيش

كعادة الجيش العربي السوري والقوات الخاصة والحليفة، تستبدل التكتيكات والخطط بحسب مقتضيات المعركة، ولا تحتاج خزائن القادة الميدانيين من وحدات المهام الخاصة وقوات النخبة إلى استخدام الخطط القديمة والمستعملة من جديد، فلكل محور وجبهة وعملية عسكرية خططها الآنية التي تفرضها مصلحة الجيش وضرورات تخفيض حجم الخسائر في صفوفه من جهة، وايقاع اكبر الخسائر البشرية في صفوف الإرهابيين من جهة ثانية، وعقول القادة المبدعين لا زالت تختزن الكثير من المفاجأت في حلب وغيرها.
ولعل في جبهة شرق حلب وشمالها تحديداً من الدروس العسكرية، ما يمكن أن ينتج منه كراريس طويلة عن العمليات المعقدة، وحركات الالتفاف السريعة، الاقتحامات غير المتوقعة، والتكتيكات المتبدلة بشكل مفاجئ لكل المراقبين من عسكريين واعلاميين، وسواهم.

اعتمد الجيش السوري في معاركه الأخيرة في شرق وشمال شرق مدينة حلب على القوة النارية والاندفاعة السريعة للقوات، محققاً بذلك اختراقات واسعة لم يكن آخرها وصوله الى فك الحصار عن سجن حلب المركزي، بل تعدى ذلك إلى وضع قواته على تماس مباشر مع خطوط المسلحين الخلفية الممتدة من حندرات وصولاً الى حيان، في خطوة فاجئت قيادات المسلحين ودفعتهم لإعادة توزيع قواتهم بشكل يغطي المحاور المستجدة، الأمر الذي أدى بشكل طبيعي الى تخفيف الضغط الذي كانوا يمارسونه على محور جمعية الزهراء والليرمون، ولم تنته المفاجآت عند هذا الحد، بل وفي اللحظة التي اعتقد هؤلاء فيها أن الجيش قد حسم خياره باستكمال معركة الشمال الحلبي، قامت وحداته بمفاجأتهم في الجنوب وفرض سيطرتها على عدة قرى وتلال تسمح له بتأمين طرق رئيسية وحمايتها من قناصة المسلحين، وتقطع عليهم طرق الإمداد والخطط التي كانوا يعدونها لفتح ثغوة في محاوره الجنوبية تسمح لهم بدفعه لتغيير خططه العسكرية في المحاور الشمالية.

أما جديد مفاجآت الجيش السوري، فهو قيام وحدات المهام الخاصة وقوات النخبة، بتحريك مجموعاتها من جهة الشرق مجدداً، وانطلاقها في عملية سريعة على محور الطعانة - الرحمانية - المقبلة، في خطوة يبدو من الواضح فيها ان الجيش السوري قد قرر حسم معركة «المدينة الصناعية» بشكل نهائي، من خلال استكمال الطوق المفروض عليها، وانجاز السيطرة على محاورها الشمالية في المقبلة وكفر صغيركفر صغير، بشكل يسمح له بالإنقضاض على من تبقى من المسلحين بداخلها بعد قطع تواصلهم وخطوط امدادهم مع الريف الشمالي.

تقدم وحدات الجيش السوري المندفعة من الطعانة وتلالها باتجاه الرحمانية سمح لها بفتح خط لمسيرتقدمها نحو المقبلة، التي سيكون لسقوطها تحت سيطرته عاملاً مساعداً على وضع المسلحين المتموضعين في كفر صغير وعلى تخوم المدينة الصناعية أمام خيارات قليلة، أقلها الانسحاب الى داخل المدينة والوقوع في فك كماشة الجيش المنصوبة حولها، أو الفرار نحو الريف الشمالي وترك رفاقهم تحت رحمة نيران وحدات الجيش كما حصل في محاور عديدة سابقاً.

الأنباء الواردة من ميدان المعركة تؤكد أن الجيش يتحرك بهدوء وقوة، وان المعركة باتت شبه محسومة لصالحه، ولا يواجه خلالها أي عقبات فعلية حتى الساعة، لكنها تتوقع أن يستبسل المسلحون لاحقاً في محاولاتهم للإبقاء على مواقعهم داخل المدينة الصناعية، التي يصر الجيش العربي السوري على حسمها وتطهيرها بالكامل، للتفرغ لاحقاً لعملياته المتوقعة خلال شهر رمضان المبارك والتي يجزم قادة ميدانيون بأنها ستكون الفترة الفاصلة بين إعلان مدينة حلب خالية بالكامل من المسلحين وبين النهايات الدراماتيكية لهم في مواقع ومحاور أخرى ليست بعيدة عن حلب .. أو كسب ..