بين أبو خضير والبوعزيزي تنكشف عورة "الثورة"

علي مخلوف
من تونس الخضراء اشتعلت شرارة النار، بوعزيزي ينتحر حرقاً احتجاجاً على إهانته من قبل الشرطة ومصادرة بسطة خضرة كان يتكسب منها، تحول إلى سبب لإشعال الساحة التونسية لينتقل الحريق بعدها إلى مصر وليبيا فسوريا!

في فلسطين الطفل محمد أبو خضير أُحرق حياً من قبل مستوطنين إسرائيليين متشددين، لم يهتز جفن الساحات العربية الثورجية، ولم تقم لأجل الطفل المحروق ظلماً ثورات تدعو للحرية! مفارقة مقيتة ما بين المشهدين، في المشهد الأول تونسي ينتحر حرقاً وفي المشهد الثاني طفل يُحرق بأيدي الإسرائيليين! في المشهد الأول اشتعلت نار "الثورة" لتخلف الرماد في كل ساحة اشتعلت فيها، في المشهد الثاني لم تُشعل النار سوى في قلب أم الطفل الشهيد وأبناء جلدته من الشعب المقهور. فلماذا لم تقم ثورات في ذات الساحات المنتفضة طلباً للتحرر والكرامة حسبما يروج؟ لماذا عندما تصل القصة للقضية الفلسطينية تخمد كل براكين الغضب في قلوب ثورجيي اليوم الممتدين على ساحات الوطن العربي؟ حركات راديكالية تدعو للجهاد ضد الأنظمة والحكومات والأقليات وكل مختلف، فيما الكيان الإسرائيلي يعيش زمنه الذهبي لجهة الأمان!

لم نرى طلقةً واحدة تخرج من فوهة بندقية جهادية باتجاه هذا الكيان! ولم نرى نظاماً نفطياً يقدم المال والسلاح والفتاوى لدعم قضية الفلسطينيين، ومنها المأساة الأخيرة في حرق طفل لم ير رغم عمره القصير سوى القهر!

لم لم يحمل ناشطو حقوق الإنسان يافطات الغضب والحراك من أجل أبو خضير وأمثاله من أطفال فلسطين الذين باتوا يلاعبون الموت في كل يوم؟ لم نرى دشداشة واحدة تعلن دعمها لهذا الشعب! ولم تخرج لحية مصبوغة بالنفط لتطلق فتوى تصوب فيها الجهاد إلى وجهته الصحيحة! في زمن "الربيع والثورات" يُحرق طفل فلسطيني، وتبقى كامب ديفيد "ككتاب سماوي منزل" لا يجوز المس به في مصر، ويُستباح العراق بعمامات التورا بورا ، وتخوض سوريا حرب ضد نصف العالم، وتستضيف إسرائيل في مستشفياتها جرحى مسلحي المعارضة، وتغرق ليبيا في حرب القبائل ويُقسم السودان وتنشط حرب الزواريب في لبنان .. باختصار عندما يكون البوعزيزي رمزاً وأبو خضير منسياً فاعلموا أن الأول صدفة استُغلت والثاني رمز يُخمد