حروب وطن أم حروب مصالح

لم تتحرك صاعقة بوخمادة ومليشيات الحاسي والجضران وحفتر لتقاتل من أجل إرجاع مليون مهجر في الخارج منذ ثلاث سنين .
ولم تقاتل مليشيات الزنتان دفاعا عن لاجئي تاورغاء والعوينية والرياينة والقواليش ودرج . وإرجاعهم إلى مدنهم المبعدين عنها قسرا .
ولم تقاتل مليشيات مصراتة من أجل فتح مئات السجون وإخراج ألاف المعتقلين ظلما دون تهم ودون محاكمات .
ولم تقاتل مليشيات الأخوان وأنصار الشريعة من أجل إرساء العدالة والقضاء . والحفاظ على المال العام الذي سرق والمقدر 400 مليار . ومنع سرقة النفط لمدة سنتين بدون عدادات .
ولم يجتمع برلمان أو حكومة لإقرار مصالحة وطنية شاملة وإشراك كل مكونات المجتمع في العملية السياسية .
...
لكل ذلك وغيره الكثير . يتأكد إن كل صراعات أطراف فبراير هي صراعات مصالح لكن الجميع يلبس ثوب الوطن والدين لخداع الشارع . وإستمالته
. فالصاعقة والمليشيات التي معها تدافع عن مقراتها وأفرادها الذي طالتهم يد الغدر والأغتيالات فقط . ولو توقفت الأغتيالات وأعطيت بعض المقرات والمزايا . ماسمعنا رصاصة واحدة في كل الشرق . كما كانت صامتة كل السنوات السابقة .
ومليشيات الزنتان تقاتل من أجل الحفاظ على المقرات التي تستولي عليها بالعاصمة . ولو لم يتم مهاجمة تلك المقرات والمطار ماحمل أحد من مليشياتها بندقية .
ومليشيات مصراتة تريد الحكم غصبا . ومستعدة للتحالف حتى مع الشيطان من أجل ذلك . وعصابات الأخوان وأنصار الشريعة لايهمها إلا أن يقدم كل الشعب الولاء والطاعة لفتاويهم وأفكارهم ومنهجهم فقط .
والحكومات والبرلمانات المتعاقبة يتصارعون فقط على المزايا والمكافئات ونهب الميزانيات وإجراء العقود التي يسرقون ورائها الملايين .
...
هذه الحقيقة المرة . التي قد لايراها بعض الناس نتيجة تأثرهم بالإعلام المخادع والمضلل . والخطاب المستفز والمثير . والذرائع والشعارات البراقة التي يرفعها كل الأطراف ويخفون خلفها حقيقة الصراع .
فالوطن والدين والأنسانية . تجتمع على رفع الظلم . وإرساء الحق والدفاع عنه . وليس التحرك فقط عندما تشعر بتأثر مصالحك أو إقصاء النخبة أو الفئة أو الحزب أو المنطقة التي تنتمي أليها .
فأين كان كل هؤلاء . وأين كانت أسلحتهم وحروبهم . وأين كانت أنسانيتهم ووطنيتهم ودينهم وأخلاقهم وشعاراتهم . وأكثر من مليون من الشعب لأكثر من ثلاث سنوات يعانون في الشتات في ظروف مزرية وقاسية أوصلت بعضهم للتسول . وأخرين للنوم في المقابر . وألاف الأطفال منعوا من الدراسة لأن عائلاتهم لاتملك مصاريف المدارس . وبعضهم مات لأنه لايملك مصاريف العلاج والدواء .
ومايقارب 100 ألف لاجئ داخل الوطن في مخيمات البؤس والشقاء . مر عليهم شتاء تلو الأخر . بللت الأمطار كل ممتلكاتهم . ونام أطفالهم على صفير الرياح . وملابسهم مبللة . يفتقدون لغطاء يقيهم البرد . أو لقمة تسد رمقهم . بينما كانت تلك المليشيات التي تتشدق بأسم الوطن الدين تتمرغ في مؤسسات الدولة . وتنام في الأستراحات والمزارع والفيلات المنهوبة . وبين أحضان أبنائهم وينعمون بالمزايا والمكافئات .
وأين كانوا وعشرات الألاف المعتقلين والمعتقلات . يعانون ويلات العذاب والأغتصاب وأنتهاك أنسانيتهم . وأهانتهم وحتى قتل بعضهم والتنكيل بجتثهم . وتلك المليشيات تستعرض أسلحتها في الشوارع وتنهب الميزانيات .
وأين كانوا والأرصدة بالمليارات تسرق في وضح النهار . وممتلكات وأستثمارات الدولة تباع علنا . والنفط يسرق لعامين بدون عدادات . ناهيك على أقتحام المدن والقرى والأحياء وقتل سكانها وتدمير بيوتها بغير وجه حق .
وأين كانوا أمام أنتهاك السيادة . من التدخل القطري والتركي والإماراتي المعيب . الى السفراء الأجانب الذين يتجولون في طول البلاد وعرضها بدون أذن . إلى الطيران المجهول والمعلوم الذي يحلق في سماء البلاد دون أن يعترض أحد أو ينتقد أحد .
... فلاتضحكوا علينا بشعارات حروبكم القذرة . كما ضحكتم على الأغبياء بشعارات مؤامرة فبراير التي ماكانت إلا من أجل مصالح شخصية وقبلية وفئوية . فحروبكم تماما كحرب فجر الأوديسا . فالأوديسا حققت مصالح الغرب بتدمير ليبيا تحت شعارات الديمقراطية والحرية . وحروبكم من أجل السلطة والمال والمكاسب تحت شعارات الوطن والدين . فكلكم سواء . من الألف إلى الياء . والوطن والدين منكم براء ... الفــــــــــــارس