مفتي الديار,لحظات احتضار

ميلاد عمر المزوغي

تأخر قرار الإعفاء يدل على أن المفتي لم يعد يمثل أهمية قصوى للبرلمان,غالبية الليبيين كانوا يتمنون لو أن قرار الإقالة كان أول قرار يتخذه البرلمان,فالشيخ اقض مضجعه رجالات الكرامة, خرج عن طوره وأعلن أن العسكر بغاة تجب محاربتهم,بل وعد من يقتل العسكر بالجنة,صب عليهم جام غضبه, لأنه أيقن أن الجيش لن يسكت حتى يطيح بحكم الأخوان,الذين لا يريدون قيام الدولة المدنية المتحضرة,والتي عمادها الجيش,في السادس عشر من مايو الماضي دق الجيش مسمارا في نعش الإخوان,لم يستجب المفتي لطلب مجلس النواب بالمثول أمام نواب الشعب وتبيان حقيقة ما يقوم به من شحن ضد البرلمان وتصويره على انه مغتصب للسلطة.
تجاوز المفتي دوره,أصبح منحازا إلى الفئة الباغية التي تسيطر على مقاليد الأمور بقوة السلاح,لم يعد رجل دين,بل احد الزعماء السياسيين,يخطب في العامة وكأنه يقود حملة انتخابية,رفض وبحزم دعوات المصالحة,وأفتى بحرق مدن خالفت نهجه السياسي,عمل ولا يزال على إحياء الفتنة وتقسيم البلد وإدخالها في حرب أهلية,وبالتالي فهو من المغضوب عليهم,فماذا يرتجى منه؟.

مجلس النواب,بعد أن تمادى المفتي في غيه,لم يترك له وأعوانه فرحة النصر المزيف بقرار المحكمة الدستورية وهي آخر أوراقهم,يقرر حل دار الإفتاء (منتسبيها يحملون فكر الإلغاء)وإحالة قانونها للجنة التشريعية,لأن دار الإفتاء لم تعد تفتي بالشأن الديني,بل أصبحت جزءا من منظومة الإسلام السياسي التي تحاول التحكم في مقاليد الأمور ببلدان الربيع العربي,في كل زمن عملاء للغرب,ألم تؤلف قصائد المدح لموسوليني”مرحبتين بكازي روما…من غيره مافيش حكومة”,ألم يرحب المفتي آنذاك بقوات الاحتلال وهو صاحب الفتوى الشهيرة(تحريم الجهاد ضد إيطاليا ووجوب القتال معها ضد المجاهدين لأنها ولية الأمر),التاريخ يعيد نفسه مفتي اليوم يدعو إلى قتل العسكر,حماة الوطن وصد أي عدوان خارجي.

النكبات تتوالى على خوارج ليبيا,عملوا ما في وسعهم لأجل استمرار التحكم بالبلد,الجيش الوطني على وشك تحرير بنغازي,الجيش في الغرب الليبي يتقدم ببطء,وستكون الأيام المقبلة عسيرة وحاسمة,لم يعد المواطن يحتمل أكثر,فأيام الخوارج معدودة,المفتي في حالة احتضار سياسي,لم يعد مفتيا بل طريدا ليس له من قرار,مطلوبا من القضاء الليبي وربما الدولي لما ارتكبه من جرائم في حق الشعب.

لم يرض إخوان ليبيا بأن يكونوا جزءا من الشعب,يمارسون الديمقراطية وفق ما تنتجه صناديق الاقتراع,لقد منحهم الشعب الليبي الفرصة,لم يحسنوا التصرف,أساءوا إلى الشعب,كفروا من خالفهم الرأي,استمسكوا بالسلطة,أما العروة الوثقى فلا وجود لها في أدبياتهم,يعملون لدنياهم ما وسعهم إلى ذلك سبيلا, أما آخرتهم,فالرب غفور رحيم,وينسون انه أيضا شديد العقاب.تتطاول ميليشيات الإخوان على سكان الأحياء الشعبية الفقيرة في العاصمة,بحجة أنهم أزلام وفي حقيقة الأمر أن هؤلاء السكان ضاقوا ذرعا بتصرفات الميليشيات ,فكان نصيبهم الخطف والقتل والحصار.\

سينتصر الشعب الليبي عن قريب على الفئة الباغية,سيوضع زعماء الشر في السجون ويقدمون إلى العدالة,لينالوا عقاب ما اقترفت أيديهم وألسنتهم بحق الشعب,ربما هناك متسع من الوقت لكي يلحق “المفتي”بسيده الطريد,القرضاوي في الدوحة عاصمة الخوارج,قد تكون محطته الأولى تونس في ضيافة الغنوشي,الذي أصبح يقلب كفيه وهو ينظر إلى عرشه يتهاوى,كما هوى عرش إخوان مصر,وسقوط عرش إخوان ليبيا ليس ببعيد.لكل ظالم نهاية, مفتن ليبيا وان لم تطل ولايته إلا أن أفعاله جاوزت أفعال الطغاة الجبابرة,فاتخذ من الدين وسيلة للقتل والتشريد والتدمير,ونسي أن الرب يمهل ولا يهمل.وما النصر إلا صبر ساعة.