الإعلان عن تصدير النفط الأمريكي ومضاعفاته على دول النفط العربية

تحسين الحلبي

كانت إسرائيل أول دولة تعلن عن فرحتها الكبيرة من القرار الأمريكي مع بداية هذا العام الجديد 2015 برفع القيود عن تصدير النفط الأمريكي لتنطلق عملية التصدير الأمريكي للنفط ويولد معه مضاعفات كثيرة على الدول العربية المصدرة للنفط فالولايات المتحدة تتطلع إلى التحول إلى أكبر دولة مصدرة للنفط بعد التطور التكنولوجي في استخراج النفط الصخري وستصبح قادرة خلال هذا العام على إنتاج 12 مليون برميل في اليوم الواحد.
وتكشف المصادر الإسرائيلية المختصة في إنتاج النفط أن أسعار النفط ستنخفض تدريجياً بعد الانخفاض الحاد الذي شهدته في الأشهر الماضية.
ويتوقع المحلل الإسرائيلي (غاي بيكور) في تحليل نشره في صحيفة يدعوت أحرونوت أن تتعرض الدول التي تعتمد على تصدير النفط في اقتصادها وميزانياتها إلى انهيار اقتصادي وإلى تفكك منظمة (أوبيك) التي توحد مصالحها رغم أن واشنطن هي التي تتحكم بقرارات (منظمة أوبيك) وتوجه قراراتها من خلال المملكة السعودية أكبر دولة في إنتاج النفط.
وفي أوروبا يتوقع المراقبون أن تشعر دول نفطية عربية بالندم من استثمار مليارات الدولارات التي وظفتها هذه الدول في شراء الأسلحة للمجموعات المسلحة ضد سورية وللمجموعات المسلحة في العراق.
وكان الوليد بن طلال أحد كبار رجال الأعمال في سوق النفط وإنتاجه قد حذر عدة مرات وزير النفط السعودي والملك عبد الله من أخطار السياسة النفطية السعودية التي تتسبب بانخفاض أسعار النفط وطالب بتعديل هذه السياسة التي لا تخدم إلا المصالح النفطية الأمريكية، في المنطقة والعالم، وتحت عنوان (انقلاب النفط).
أشار (مايك ويتني) إلى حقيقة أن واشنطن فرضت على السعودية إغراق الأسواق بالنفط لينخفض سعره فتفقد روسيا وإيران وفنزويلا أرباحها من النفط وسيأتي الوقت الذي تدرك فيه السعودية أنها الخاسر الأكبر في عام 2015 الذي ستتخذ فيه واشنطن قراراً بمنافسة جميع الدول المنتجة للنفط للسيطرة على أسواقه لمدة طويلة.
ويؤكد (ويتني) في تحليل نشره في موقع (كاونتربانش) الإلكتروني أن هذه السياسة النفطية الأمريكية ستفرض واشنطن خلالها عوامل عدم الاستقرار في جميع الدول التي تنافسها في تصدير النفط وخصوصاً دول النفط العربي، ويشير إلى الوضع في شبه الجزيرة العربية والصراع الذي لا ترغب واشنطن بإيقافه في تلك المنطقة بعد أن تعطلت قدرة العراق على إنتاج النفط بسبب تطور الحرب بين داعش والجيش العراقي وبين فرقاء آخرين ترغب واشنطن بدفعهم إلى ساحة الصراع الداخلي في العراق، ويستنتج المحللون الأمريكيون أن ما يشهده العراق منذ سنوات انتقل إلى اليمن وأصبح على بوابة الحدود السعودية إضافة إلى الوضع السعودي الداخلي الذي سيزداد توتراً وأزمة حين يصل سعر برميل النفط إلى 40 أو 30 دولاراً... فالميزانية السعودية ستنخفض بشكل حاد وسيزداد عدد الفقراء وهذا ما تسعى إليه واشنطن لكي تولد الأزمات والحروب الداخلية وغير الداخلية في شبه الجزيرة العربية عجزاً سعودياً عن إنتاج 10 ملايين برميل يومياً وعجزاً أمنياً في نقل النفط إلى المستوردين... ويتوقع المحللون أيضاً أن تتعرض ممرات النفط في الخليج إلى عراقيل وصعوبات ويستشهدون بالدور البريطاني الذي يراد فرضه بموافقة أمريكية من خلال إقامة قاعدة بحرية بريطانية تضم قوة بحرية ضخمة في ميناء على أراضي البحرين وسواحله.
ويبدو من الواضح أن واشنطن بدأت توزع الحصص على شريكتها الكبرى في المنطقة وهي بريطانيا ولذلك سمحت لها ببناء هذه القاعدة في منطقة سيطرتها في الخليج ضمن المخطط الأمريكي الجديد بعد أن تحولت الولايات المتحدة إلى أكبر دولة منافسة في إنتاج النفط وتسويقه.
لكن هذا المشروع الأمريكي بدأ يتصادم مع قوى إقليمية وعالمية تبدأ بإيران وسورية وحلفائهما في المنطقة وتنتهي بموسكو والصين على المستوى الدولي بالإضافة إلى فشل أميركا في تجنيد فرنسا وألمانيا لحلفها مع بريطانيا... ولذلك يتوقع المراقبون في أوروبا ظهور انقسام أوروبي واضح بين من سيصطف إلى جانب واشنطن وبين من سيرفض السياسة الأمريكية.