ثلاث حروب على جدول العام الجديد !

لا تزال البقع السوداء تغشي فقرات من الرواية التي أذيعت عن الأحداث التي شهدتها العاصمة الفرنسية. ما نتمناه هو أن لا يؤدي الانتقام من الذين إنتقموا من الصحيفة الهجائية شارلي إيبدو، إلى تحريم الاختلاف في الرأي. بالتالي إلى معاقبة الذين يسألون ويعترضون!
إستنادا إلى فرضية تفيد بأن وراء الأكمة ما وراءها، إذ من المرجح أن يكون منفذو العملية، الأخوان كواشي والسيد كوليبالي، ضحايا كمثل الذين قـُتلوا، صحافيون ورجال أمن وأناس عاديون كانوا يشترون حوائجهم اليومية. بكلام أكثر صراحة ووضوحا أنطلق من فرضية تقول اننا حيال خطة محكمة القصد منها إقحام فرنسا في معمعة الحرب الدائرة في بعض بلاد العرب، باستثناء دول النفط الخليجية، تمهيدا لمهاجمة سوريا وغزو اليمن وتطويع الجزائر !
يستطيع أي إرهابي، أينما كان ومتى شاء الذهاب إلى سوريا. بدليل أن السيدة حياة بومدين قرينة السيد كوليبالي، استبقت وقوع هذا الأخير في الورطة القاتلة ونجت بنفسها، فسافرت إلى تركيا ومنها دخلت إلى سوريا برا، كما تقول أجهزة الإعلام !
قرأت خبرا يقول انه يوجد في سوريا 12000 مقاتل تركي. يستحيل أن تواصل داعش وجبهة النصرة الحرب دون أن تتلقيا الإمدادات عبر الحدود المشتركة بين سوريا والدول المجاورة. تظاهر رئيس الوزراء التركي في باريس ضد الجماعة التي من المفترض أنها استضافت في سوريا السيدة حياة بومدين! تظاهر أيضا ملك الأردن عبد الله الثاني ! توجد في الأردن وفي تركيا معسكرات تدريب لإعداد المقاتلين قبل إرسالهم إلى سوريا. تجدر الإشارة إلى أنه شارك في التظاهرة الإسرائيليان نتناياهو وليبرمان ! لولا الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وإنكلترا وتركيا والسعودية وقطر والأردن وإسرائيل، لما احتلت أجزاء من سوريا والعراق، تحت مسميات مختلفة !
أصابت العملية الإرهابية المزدوجة في باريس، المسلمين في فرنسا بالإحباط. إغتنم البعض هذه الفرصة. فسمحوا لأنفسهم بتوجيه إنذار إلى المسلمين : اثبتوا براءتكم من الإرهاب. قال أحد الصحافيين عبر إذاعة أوروبا واحد «يجلب المسلمون الأقذار إلى فرنسا». هذا من ناحية ، أما من ناحية ثانية فلقد صوّر الإعلام الاعتداء على متجر يهودي، وقتل عدد من زبائنه، بما هو صنو الاعتداء على الحرية ومناهضة الاستعمار الإسرائيلي. الإستعمار ضد الإرهاب وضد التطرف الديني ! «المقبول سياسيا». أنهى رئيس جمهورية علمانية يومه، بصحبة نتنياهو، معتمرا طاقية، كيبا، في كنيس يهودي. من المستفيد من هذا كله ؟!
عندما احتدمت المنازعة في الجزائر بين المستعمرين من جهة و«المسلمين» الأصلانيين من جهة ثانية، أقنع رئيس وزراء فرنسا غي موليه، حلفاءه في انكلترا وإسرائيل، بضرورة إسقاط جمال عبد الناصر في مصر. فكانت حرب القناة 1956. أعلنت الحكومة الفرنسية حربا غير مباشرة على سوريا، منذ 2011. هل ستدخل القوات الفرنسية هذه الحرب مباشرة إلى جانب القوات التركية، بحثا عن السيدة بومدين ؟! هل سترسل قوات أيضا إلى اليمن لمحاربة القاعدة هناك التي تبنت الاعتداءات في باريس ؟ من يدري قد تستلزم الأوضاع في ليبيا حربا ثانية. ماذا عن الجزائر، والرئيس الحاضر الغائب، والغاز الصخري ؟! ثلاثة حروب على جدول... العام الجديد !.