هل يبالغ المصريون في اللعنة على قطر

بنده يوسف

“شكراً للجزيرة وبعدها شكراً قطر” .. عبارتان لطالما كانتا الحكومة القطرية وذراعها الإعلامي “الجزيرة” ينتظران سماعهما بعد سقوط حاكم كل دولة عربية وإنهيار نظامه وصعود الإسلاميين ليأتي بعد ذلك الأمير القطري في زيارة رسمية ويعلن دعمه الاقتصادي والسياسي، ويتكرر نفس هذا المشهد في كل بلد يسقط نظامه.

لسنا هنا بصدد الدفاع عن نظام؛ لكن ليس في عالم السياسة شيئاً للصدفة؛ هي برنامج مخطط مسبق وفق قواعد هندسية محددة؛ فقناة الجزيرة لم تكن تستضيف صدفةً أحد مهندسي السياسة القطرية وهو عزمي بشارة على شاشتها بعد الخطاب الشهير للزعيم الليبي معمر القذافي في 22/2/2011، ليقوم بتحليل الخطاب بما يقنع ويوجد الذرائع في نفس المشاهد الليبي والعربي بأن القذافي بات كالفأر في المصيدة وما عليكم إلا الإجهاز عليه.

بالأمس، يقوم المصريون بالسخرية من قطر وقصرها الحاكم على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم يقومون بكسر فخاريات “القلة” أمام السفارة القطرية لمغادرة السفير القطري القاهرة. في رمزية نحتتها الذاكرة الشعبية للمصريين منذ استخدام أواني اللعنة عند الفراعنة؛ وهي أننا لم نجد من جيراتكم خيراً.

أياً كانت طبيعة رد فعل الشعب المصري وحتى إن كان مبالغاً فيه إلى حد الشعوبية؛ فالأهم هي الرسالة التي لا تكترث لها قطر لفهمها؛ وهي أنكم لا تحملون إلا الشر للشعب المصري وللمنطقة كلها.

نحن لا نتحدث عن خلاف دبلوماسي بين بلدين شقيقين عربيين بسبب هفوة دبلوماسية أو خلاف حول سياسة ما؛ وإنما نتحدث عن مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي لم يتوقف بعد، وما زالت قطر عرابته وتقوم بتجنيد الإسلاميين كمرتزقةٍ لاستكماله، وحرق الأرض وهدم المدن. وما يحدث في ليبيا وسوريا واليمن بل حتى في أفغانستان ليست قطر بمنأى عن التورط فيه. فليست إستضافتها لرجال تنظيم الإخوان الدولي ولقادة طالبان ولمراكز غربية لدعم الجماعات الدينية الجهادية حول العالم من باب أن قطر تحولت إلى قصر ضيافة أو سبيل خير، فهي ما زالت تعمل على تقويض الدولة المصرية وتشويه صورتها إعلامياً، وتبث الشائعات وتضخم الأحداث وتستخدم تقنيات نفسية وتكنولوجية لاختراق نفسية المواطن المصري والعربي الذي يعاني من الفقر والمرض والجهل.

هل تفعل ذلك لأن النبوة ظهرت مرة أخرى في قصر الدوحة، وتحمل بشارة الخير للبشرية؟، هل قطر تعمل على تصدير نموذجها السياسي القرواوسطي لشعب مصر؟؛ أم أنها تتاجر بمعاناة هذا الشعب لتفتك به بمشروعها الذي تحطهم بالإطاحة بالرئيس المصري الموالي لها محمد مرسي. وتحاول أن تستكمل معه مخططها الإجرامي لتفكيك وحدته ووضعه في مواجهة مع جيشه كما فعلت مع كل بلد عربي.

لم يبالغ المصريون وهم يقلقون على بلدهم ممن يزرعون الفتنة بينهم؛ فالنظام المصري يحكم دولة ليست بالصغيرة من حيث المساحة والسكان والأهمية، وهذا يقلقه من حيث التوافق بين تطلعاته الخارجية وحماية أمنه القومي مع استقرار الجبهة الداخلية. أما قطر فلم تختارها الولايات المتحدة الأمريكية اعتباطاً لتعريب مشروعها في المنطقة. فهي بلد منذ أن نطقت جزيرتها وهي تجمع المعلومات عن الإسلاميين وتزورهم في كهوفهم وتملأ برامجها الإعلامية بالحديث عن مظلوميتهم وتشحن الشعوب ضد حكامها والتعاطف مع إسلاميها.

والأهم أنها بلد متمرد بلا شعب؛ فقطر تنظر لكافة دول الخليج بعين المنافس وأحياناً العدو، وترمح في سياستها الخارجية إلى حد الجموح لأنها لا تقلق على شعب يحتاج إلى طعام ودواء وتغطية عجز ميزانية أو تقلق من معارضة تحشد التظاهرات في الشوارع أو من إعلام يجعل الناس في حيرة من أمرهم.

نحن لا نتحدث بحس الفروعونية والكبير والصغير؛ بل ندرك تماماً حجم ما تملكه قطر الصغيرة من مقومات ضخمة على الأرض ولوبي عبر الإسلاميين في العالم؛ ولكنها لأي شئ تمتلك هذه المقومات إلا للعمل مع شركة المقاولات الأمريكية لهندسة المنطقة بما يخدم مصالحها على حساب شعوب المنطقة. فالمراقب بعين الموضوعية والمنطق يدرك تماماً الدور القذر الذي تلعبه قطر والذي يباركه الإسلاميون.