منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي




انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي


منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

من كتاب صناعة معارضة للدكتور يوسف شاكير

اذهب الى الأسفل

من كتاب صناعة معارضة  للدكتور يوسف شاكير Empty من كتاب صناعة معارضة للدكتور يوسف شاكير

مُساهمة من طرف المهاجر الليبي الجمعة يونيو 05, 2015 10:22 pm

الفصل الثالث .. من ذهب ومن بقى ..
كلما كانت تلك المنظمة المعارضة تقوم بعملية جديدة - فاشلة - لاغتيال القذافي، كان جانب جديد من صلتها بوكالة المخابرات المركزية ينكشف أمام أعضائها، وكان ذلك يفضي بدوره إلى خطوات إضافية يخطوها أعضاء هذه المجموعة تجاه إدراك حقيقة الأمر كله، أي حقيقة أنهم كانوا منذ البداية مكتباً محلياً للوكالة.
وقد بدا ذلك مستنفراً لكثيرين ممن كانوا يختلفون مع السياسة التي تتبعها طرابلس، ثم ما لبث الأمر أن انتهى إلى انشقاق مجموعة كبيرة من المعارضين الذين رفضوا التحول إلى أداة، وسمحت لهم السلطات الليبية بعد ذلك بالعودة إلى وطنهم إذا شاءوا.
ولإعلان انشقاقهم عن جبهة الإنقاذ، أصدر هؤلاء الأعضاء - الذين بلغ عددهم (45) عضواً أغلبهم من القياديين - في 15 يونيو 1987 بياناً يستحق التأمل، كان بمثابة رسالة إدانة إلى قيادة الجبهة - من الداخل - لما حدث خلال ست سنوات من العمل لاغتيال القذافي بتعليمات من لانغلي نقتبس منه ما يلي(*):
"إننا نعترف أننا كنا من الطيبة، بحيث كانت مقاييسنا تنبثق دائماً من وازع الثقة ومن الاحتكام إلى مظاهر الأشياء، ولذلك.. فنحن لم نتساءل عن مقصد بعض النظم العربية من احتضاننا واستضافتنا ورعاية تنظيمنا، ولم نشك في القصد من وراء إعداد ميزانية تساوي ميزانية إحدى دول العالم الثالث، ولم نتساءل عن مصدر هذه الأموال، وقبلها لم نستفسر عن المطبوعات الأنيقة ذات الورق الفاخر، ولا عن الاجتماعات التي كانت تعقد هنا وهناك، وتُصرف فيها عشرات الألوف من الدولارات، ولم تستلفت انتباهنا المظاهر المادية التي صاحبت تكوين الجبهة، والتي تطورت بعد ذلك إلى نوع من البذخ هو أبعد ما يكون عن الجهاد والنضال والعمل الوطني الحق. كما لم نتساءل عن إذاعة الجبهة.. كيف أُنشئت ومن الذي أشرف على إنشائها والإنفاق عليها، ومَن هم أدواتها الخفية، ولماذا أنشئت في السودان، ومَن أقنع السودان والمغرب وغيرهما بالعطف على الجبهة ورعايتها وتسهيل كل السبل لها.
لقد استمات الكثيرون في الرد على ادعاءات الارتماء في أحضان المخابرات الأمريكية، موضحين أن تلك شائعات تستهدف المساس بنزاهة الجبهة ووضوح هدفها ومنهجها، وأصرت القيادة على محاصرة أية محاولة جادة لمناقشة هذه القضية، إلا أن الظروف قد تطورت بعد ذلك بحيث أصبح منهج الإنكار المطلق أمراً يفتقر إلى الذكاء وحسن التدبير، فبدأ الاعتراف على استحياء بوجود علاقات مع أطراف دولية متعددة من بينها الإدارة الأمريكية، ثم تبع ذلك وابل من التبريرات والتحليلات السياسية، بل وحتى الفتاوى الشرعية إذا استدعى الأمر. وبعد انعقاد المجلس الوطني الثاني تمادت القيادة في هذا الدرب، حيث تأكد لدينا أن مجموعة من شباب الجبهة قد تدربوا في الولايات المتحدة عام 1985 بأيدٍ أمريكية، وذلك لغرض حراسة قيادة الجبهة، كما تم تدريب مجموعة أخرى من الفدائيين عام 1986، وقد اتضح لنا فيما بعد أن مشروع الاستنفار الذي استجاب له أعضاء الجبهة بكل حماس كان في حقيقته مرتبط بمخطط أمريكي في المنطقة".
ويستطرد البيان: "وهكذا.. تطور أسلوب قيادة الجبهة تجاه إشكالية العلاقة مع المخابرات الأمريكية من أسلوب الإنكار إلى التبرير إلى الاعتراف، فأصبح معروف أن للجبهة علاقة متينة وقوية بالولايات المتحدة، والأدهى من ذلك.. أنهم صاروا يعترفون بأن الولايات المتحدة هي التي فتحت للجبهة مجال العلاقات السياسية مع أغلب الأنظمة العربية، كما صاروا يعترفون بأنه لولا فضل الولايات المتحدة لما كان باستطاعتنا القيام بما قمنا به".
هذه الفقرات الطويلة نسبياً من بيان الأعضاء الذين خرجوا عن المجموعة المعارضة لا تتأتى أهميتها فقط من خلال كشف أبعاد الارتباط الوثيق بين المجموعة ووكالة المخابرات المركزية، وإنما أيضاً من كونها توضح وقع هذا الارتباط على أولئك المعارضين الذين فكوا ارتباطهم بها من جرائه.
وقد كانت هذه هي رؤية أولئك الذين عاصروا حلقات استخدام وكالة المخابرات المركزية لمجموعة من المعارضين لتمويه خطتها الخاصة باغتيال القذافي من خلال إلباسها غطاءً ليبياً ومحاولة تجنب الاصطدام المباشر ببعض القرارات الإدارية الأمريكية.
أما رؤية الوكالة نفسها لهذه المجموعة المعارضة فإنها لم تكن تقل قسوة عن رؤية مَن انشقوا عنها عام 1987.. وقد كان جون ماكماهون - المخابراتي المحترف - يعلم أن هذا الجنون لن يلبث إلا أن يقود إلى كارثة، كما حذر من اقتراح باستخدام المجموعة المعارضة في اغتيال القذافي قائلاً: "إن مجموعة المعارضين مثل صبية الكشافة لا يستطيعون إنزال زورق مطاطي على الساحل الليبي" مضيفاً: "وماذا عن منع الاغتيال؟ إن هذه ليست عملية ضد نظام، بل هي عملية ضد فرد".
وفي مناسبة أخرى، وتحديداً بعد ذلك بعام، تضمن تقرير سري لوكالة المخابرات المركزية تحليلاً أشار إلى أن "خصوم القذافي في المنفي
لا يشكلون أي تهديد لحكمه، انطلاقاً من أنه إذا كانت هذه المجموعة
لا تستطيع إنزال زورق مطاطي على ساحل ليبيا، وإذا كان الأمريكيون يريدون اغتيال القذافي ولا يريدون - في نفس الوقت - الظهور بمظهر مَن اغتاله، فإنه من الطبيعي أن تتحول هذه المجموعة المعارضة في هذا السياق إلى قفاز، لا يستطيع العمل بمفرده ولكنه يغطي أيدي مَن يستطيعون".
وحين وصل الأمر إلى الكونجرس، تساءل عضوان منه: "كيف يمكن تجنب خطة دعم المبعدين والمنشقين الخاصة بالاغتيال طالما أن حركة المبعدين تريد قتل القذافي؟ إن دعم القَتَلة يعتبر ارتكاباً لجريمة قتل". ويقول وودورد أن العضوين أرسلا رسالة سرية جداً إلى الرئيس ريجان يحتجان فيها بعنف ويتساءلان.. كيف لا يعتبر ذلك اغتيالاً؟ وأجاب البيت الأبيض.. بإنه لا توجد خطط للاغتيال، وطلب من العضوين أن يحذفا كلمة "اغتيال" الملهبة من رسالتهما، ولكن العضوين رفضا.
ثم يعود الكاتب الأمريكي ليقول: "لم يظهر أن المعارضين الليبيين كانوا أقوياء أو يقومون بواجباتهم، وكان ماكماهون على حق عندما قال أنهم مثل صبية الكشافة.. ضعفاء وهواة. وقال كيسي أن الحل الوحيد هو السماح لوكالة المخابرات المركزية بالعمل مباشرة ضد القذافي وليس من خلال المعارضين".
وهكذا.. كان النقاش دائماً عمن يستطيع إنجاز المهمة، ومَن لا يستطيع إنجازها.. مَن يلعب دوراً مباشراً، ومَن يأتي بالمسدس ويحشوه بالطلقات ويصوبه، ويضع أصابع أخرى – عميلة - على الزناد؟
ولكن فشل محاولة اغتيال القذافي في باب العزيزية لم يسفر إلا عن تكثيف المحاولات للتخلص من الزعيم الليبي. والمعروف أن كوغان كان قد تقاعد بعد انتهاء العملية مباشرة، ورقي تويتن ليحل محله، وكان تويتن خبيراً قديماً بشئون ليبيا، وبدا أن مهمة اغتيال القذافي قد استحوذت تماماً على عمل مكتب مخابرات الشرق الأدنى وجنوب آسيا.. بل وعلى لانغلي برمتها، حتى قيل أن عدد الاجتماعات التي خصصت لبحث طرق تنفيذ هذه العملية فاق عدد الاجتماعات التي خصصت لبحث التهديد السوفيتي للأمن القومي الأمريكي، طبقاً لرواية بوب وودورد.
وقد كان السؤال الذي طُرح آنذاك في الطابق السابع من لانغلي يدور حول ما إذا كانت المعارضة الليبية تستطيع إنجاز المهمة من عدمه؟.. وفي الحقيقة، فقد كان إغراء هذا الاحتمال - بما يعنيه من توفير تغطية قانونية وسياسية لدور الوكالة - قوياً في واشنطن، ولكن المشكلة كانت تكمن في أن الجبهة المعارضة بدت - حسب قول ماكماهون - مجموعة من صبية الكشافة لا يستطيعون إنزال قارب مطاطي على ساحل ليبيا.
وقد تساءل كيسي: "هل نواصل الاعتماد على المعارضين؟" وأجاب تويتن: "أعتقد أن فرصتهم لم تستنفد بعد"، ورأى كيسي أن عملية باب العزيزية، وإن كانت قد أخفقت في تحقيق هدفها، وهو اغتيال القذافي، فإنها أظهرت للجميع أن الوكالة تعمل بجدية للتخلص من الزعيم الليبي، وأقنعت الأوروبيين بأن القذافي قد يذهب بالفعل.
وكان المقريف يدرك ذلك حينما قال: "إن مصرع قادة العمل العسكري في منظمته هو انتصار إعلامي وإن تأثير ذلك جيد جداً"، كان ذلك خلال اجتماع جديد للجنة التنفيذية، وكان موضوع النقاش هو عملية جديدة خطط لها الأمريكيون والمقريف تقضي بشراء سفينة مدنية كبيرة ووضعها في مرفأ بورسودان على الساحل السوداني المطل على البحر الأحمر، حيث سيتولى خبراء أمريكيون تحويلها إلى سفينة حربية، وذلك عبر تثبيت منصات لإطلاق الصواريخ الموجهة شديدة الانفجار، ثم تدريب عدد من الليبيين المعارضين على استخدامها استعداداً للإبحار نحو طرابلس، وقصف باب العزيزية من البحر.
ولا يفوتنا في هذا الخصوص الإشارة إلى قول بن برادلي أن الغارة الأمريكية على ليبيا بعد ذلك تضمنت مشاركة إسرائيلية نشطة في تحديد الأهداف وتوفير المعلومات، وأغلب الظن أن تعاوناً مشابهاً كان مدرجاً على جدول أعمال عملية السفينة، إذ يصعب التصويب دون أجهزة التوجيه بالليزر التي تحتاج إلى تعاون مخابراتي واسع، مثلما حدث في حالة الغارة الجوية على كل من طرابلس وبنغازي.
وكان الرئيس نميري قد سمح للمقريف بأن يفعل ما يريد وقتما يريد، والطريف في الأمر أن هذا الاتفاق المفتوح تم التوصل إليه في واشنطن. كان ذلك في ديسمبر 1983، ويقول بوب وودورد عن هذا الاتفاق: "قال النميري للمقريف: "لديك (كارت بلانش) في نشاطك ضد ليبيا، وخصوصاً في العمل العسكري"، مضيفا: "إن ذلك كان إعلاناً موجزاً لشن الحرب، وهو أقصى ما تسمح به أية دولة حين تجعل حدودها منطقة عمليات عسكرية". وقال النميري أن حركة المعارضين يجب أن تستمر في نشاطها من خلال جهاز استخباراته الخاص، وأنه عند حدوث أية مشاكل يمكن الاتصال به مباشرة.
وهكذا.. اندفع اللواء عمر الطيب - والذي كان نائباً لرئيس الجمهورية ورئيساً لجهاز الأمن السوداني - في الإشراف على مهمة تسهيل عمليات الجبهة، بل ووصل الأمر إلى حد أن وافق الطيب على تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة في مزرعة يملكها، وذلك انتظاراً لانتهاء إعداد السفينة وتدريب المعارضين على استخدامها لقصف باب العزيزية.
إلا أن تفجر حركة شعبية واسعة النطاق داخل السودان تهدف إلى إسقاط النميري، أدى إلى إحباط هذه العملية، وما لبث النميري - الذي كان في واشنطن - أن قرر العودة إلى الخرطوم، إلا أنه نُصِحَ - خلال توقفه فترة قصيرة في القاهرة - بألا يواصل رحلته؛ إذ بدا أن الموقف في السودان قد وصل إلى نقطة اللاعودة، وكان مقدراً لتوقف الرئيس السوداني القصير في العاصمة المصرية أن يمتد لسنوات طوال بعد ذلك، كما كان مقدراً أن تنتهي عملية السفينة إياها على نحو مفاجئ، وذلك بعد اعتقال اللواء عمر الطيب بتهمة حيازة أسلحة في مزرعته الخاصة، ولم يكن النظام الجديد في السودان قادراً أو راغباً في التورط في حرب المخابرات المركزية الأمريكية ضد القذافي، وهكذا.. غادرت المعارضة الليبية عاصمة السودان إلى غير رجعة.
إلا أن هذه لم تكن السفينة الوحيدة في طريق الأمريكيين إلى طرابلس، فبعد ذلك بعام واحد، وتحديداً في نهاية عام 1985.. اجتمع المقريف مع أوليفر نورث في واشنطن لبحث أساليب جديدة للتخلص من القذافي، وقال المقريف لنورث: "إن قصة سفينة بورسودان بدت جيدة جداً، والتدريبات كانت قد انتهت بالفعل، ولكن كان من المستحيل الاستمرار فيها بعد الكارثة التي حدثت في الخرطوم".
فكر نورث قليلاً ثم قال بابتسامته المألوفة: "ربما لا يكون الأمر كذلك بالضبط".
ويذكر أن السفينة التي اشتراها توماس كلاينز لحساب مجلس الأمن القومي بهدف استخدامها لشحن الأسلحة سراً إلى قوات الكونترا، كانت تائهة بين موانئ العالم بعد أن أسفرت تعقيدات عملية إمداد الكونترا بالأسلحة عن وقف استخدامها، وكان نورث تواقاً لبيع السفينة أو استخدامها لغرض آخر شرط أن يسدد مستخدموها ثمن شرائها. وهكذا.. تقدم هذا الكولونيل المغامر بمشروع بسيط إلى مدير عمليات وكالة المخابرات المركزية جون ماكماهون متسائلاً: "لماذا لا يستخدم المعارضون الليبيون السفينة - كانت تُسمى "إيريا"- لاستكمال مشروعهم بقصف منزل معمر القذافي من البحر؟ إن لديهم العناصر المدربة، ولدينا السفينة، ولم يبقَ إلا وضع تجهيزات جديدة، وبالإمكان دائماً إقناع العاصمة العربية التي أرسلت سلاح عمر الطيب إياه بأن ترسل شحنة جديدة" (كان يقصد بغداد).
لم يكن ماكماهون يحب نورث أو يحبذ أسلوبه في العمل، كما بدا له أن الكولونيل الشاب مغامر "كاوبوي" منعدم الخبرة، هاوٍ في مجال العمليات العسكرية، بل بدا له أن هناك خطراً على الوكالة بسبب حماقته واندفاعه. ولذا قال: "إنها خطة مجنونة، إنهم لا يعرفون عن أي شيء يتحدثون"، ورفض مدير العمليات شراء "إيريا"، ثم رفض الموافقة على مشروع نورث، وضاعت على توماس كلاينز فرصة وضع بصمته على عملية جديدة لاغتيال القذافي.
كل ذلك لم يسفر عن إغلاق ملف المعارضة الليبية في لانغلي؛ فقد قرر تويتن أن فشل عملية بورسودان ليس مسئولية المعارضين، وأن إخفاق خطة نورث ليس أيضاً مسئوليتهم، وهكذا.. فإن هناك بقية باقية في الفرصة التي مُنحوا إياها لاغتيال القذافي.
ولم تكن واشنطن تريد الانتظار، فبدأ الترتيب لعملية جديدة على وجه فوري، وكان ذلك في دولة الجزائر حيث وصل فريق من المدربين الأمريكيين، وانضم إليهم عدد من أعضاء الجبهة ليبدأ الإعداد لعملية كبيرة تستهدف باب العزيزية مرة أخرى.
وبدورها، أصرت وكالة المخابرات المركزية على أن تساند هذه العملية على نحو أكثر وضوحاً، خاصة وأن احتمالات نجاحها بدت كبيرة؛
إذ كانت لانغلي قد تمكنت من شراء أحد الليبيين المؤثرين في الداخل، وذلك أثناء زيارة قام بها إلى أبو ظبي.
وكتب المقريف بياناً يعلن فيه أن القذافي قد اغتيل، وأرسل البيان إلى إحدى طائرات الأواكس الأمريكية التي كان مقرر لها أن تدخل على موجات بث الإذاعة الليبية فتعطلها، ثم تذيع هذا البيان وكأنه صادر عن هذه الإذاعة ذاتها.
كان الإيقاع يزداد جنوناً. وفي الموعد المحدد، استقل المعارضون الليبيون سيارات "تويوتا" المعدة لاجتياز الصحراء في الطريق إلى طرابلس، وكانت السيارات تحمل كميات كبيرة من الأسلحة وآلافاً من صور المقريف لتعليقها على جدران طرابلس بعد فتحها.
وعند منطقة تبعد عن قرية الحمادة الحمراء الليبية بنحو (150) كيلو متراً تلقى آمر ضباط القوات الخاصة الأمريكيين - الذين كانوا يرافقون الحملة على طرابلس - إشارة عاجلة بإلغاء العملية والعودة.
وقع النبأ على أعضاء فريق الاغتيال كالصاعقة، وأصر أحدهم على أن يعرف السبب، وجاء الرد على أجهزة الاتصالات الأمريكية: "لقد كان الأمن الليبي يعرف بالعملية، لقد التقطوا مساعدينا بالداخل".
ولم تكن واشنطن تستطيع الانتظار أكثر من ذلك، وهكذا.. صدرت التعليمات بوضع خطة لقيام القوات الأمريكية هذه المرة باغتيال القذافي دون قوارب أو سفن ودون مساعدين بالداخل أو بالخارج، وبدأ التحضير لغارة أبريل 1986 على طرابلس وبنغازي.
ولم يعرف المقريف كيف تمكن الليبيون من التقاط عناصر الداخل مرة أخرى، إلا أن ذلك لم يكن ليغير من الأمر شيئاً، فالعملية فشلت على أية حال.. ومع ذلك ظل متشبثاً بأمل أن تتيح لهم الظروف في المستقبل فرصة للتحرك لتحقيق ذات المهمة التي فشلوا في تحقيقها سابقاً.
وفي تشاد - خاصة بعد فشل عدوان أبريل 1986- بدأت تدريبات جديدة للمعارضين على أيدي فريق من المتخصصين من القوات الأمريكية الخاصة، وبدا للوهلة الأولى أن واشنطن تضع الخطوط العريضة لتشكيل قوات "كونترا ليبية" تعيد ما تفعله قوات الكونترا النيكاراغوية في الولايات المتحدة الوسطى.
إلا أن الإخفاق لحق أيضاً بهذه العملية الجديدة، فانطلقت الطائرات الأمريكية من ألمانيا الغربية - بعد سقوط حليف لانغلي في نجامينا حسين حبري - لنقل المعارضين إلى زائير، ثم بعد ذلك إلى نيجيريا، فكينيا، وانتهى بهم المطاف في نيويورك في شتاء 1990، وقد قال أحدهم وهو يهبط سُلم الطائرة في مطار جون كنيدي شمال المدينة الأمريكية الكبيرة: "لقد كانت رحلة طويلة حقاً"!.

المهاجر الليبي
مشرف عام
مشرف عام

ذكر
عدد المساهمات : 4481
نقاط : 6790
تاريخ التسجيل : 20/05/2013
من كتاب صناعة معارضة  للدكتور يوسف شاكير Fds11


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى