هل سيكتفي «داعش» بسوريا والعراق؟

نور نعمه

للأسف صدق بعض العرب او بالاحرى ارادوا تصديق فكرة ان التنظيم الارهابي «داعش» خلق من رحم الظلم الايراني الذي مورس على العرب وان هذا التنظيم سينصرهم على اعدائهم وسيعيد لهم قوتهم ودورهم في الشرق الاوسط الا انهم ويا للعار لا يعلمون خطورة هذا التنظيم عليهم وعلى بلدانهم وعلى حضارتهم. بيد ان العرب يعتبرون ان ايران هي اخطر عدو لهم واكثر من «القاعدة» ومن «داعش» ومن «جبهة النصرة» ومن اي تنظيم تكفيري، وقد رأى البعض منهم في «تنظيم الدولة الاسلامية» في سوريا والعراق حليفا قويا لهم في مواجهة النفوذ الفارسي وحصنا منيعا امام التوسع الايراني في المنطقة.
نعم، بعض العرب اعتبر ان «داعش» خلق من رحم الظلم الايراني الذي مورس عليهم وهو التنظيم. كثيرون يراهنون على «داعش»، بعضهم قلبيا وبعضهم علنا، للتصدي للجمهورية الاسلامية التي لها نفوذ واسع في عدة دول عربية وللوقوق بوجه الحنين الايراني لايام الامبراطورية الفارسية، خصوصا ان مشاعر الحقد عند العرب تأججت عند قول احد الرموز الايرانية ان ايران امبراطورية وعاصمتها بغداد. والحال ان بعض العرب لم يدن الانقلاب العسكري الذي قام به «تنظيم الدولة الاسلامية» في الموصل لا بل هلل و صفق لسيطرة مسلحي «داعش» على شمال العراق وهذا لكثرة حقدهم على ايران ولكثرة يأسهم من قادتهم العرب.
لكن مهلا...!؟ الا يتوقف العرب للحظة ليفكروا ما هو هذا التنظيم؟ الا يتوقفون للحظة واضعين حقدهم جانبا على ايران ليروا من هو العدو الاكثر خطرا عليهم؟ الم يتعبوا ويملوا من سياساتهم التي جلبت لهم الويل ؟
من قبل كنا ننتقد الحكام العرب على سياساتهم الحاقدة والسخيفة احيانا في المنطقة ونحاسبهم على انحطاطنا انما الان اتضحت الصورة، وتبين ان الشعب العربي هو المخطئ بحق نفسه وهو الذي يريد ان يبقى في الظلام .
ان «داعش» هذا التنظيم الارهابي، هو العدو الاول للعرب لان استمراريته تكون من خلال تدمير العرب وحضارتهم و بلدانهم ونسيج مجتمعاتهم. عقيدة «داعش» تنسف الهوية العربية وتهدف الى الاستيلاء على الاراضي العربية قطعة تلو الاخرى، فهل تظنون ان «داعش» سيكتفي بالحدود التي اعلنها الى الان وهي جزء من اراضي العراق وسوريا؟ هل بهذه السذاجة صدقتم «داعش» انه سيبقى في سوريا وفي العراق؟
لقد اطل «داعش» برأسه في تونس وفي ليبيا وفي الكويت وفي اليمن دون ان يحتل اي ارض عربية في تلك الدول التي حصلت فيها عمليات انتحارية نفذها عناصر «تنظيم الدولة الاسلامية». فماذا تفسرون ذلك؟ ما حصل في البلدان التي ذكرناها الى جانب استمرار «داعش» في قتاله في سوريا وفي العراق يدل على شيء واحد وهو ان التنظيم عند اعلان «دولته الاسلامية» وتنصيب ابي بكر البغدادي خليفة لهذه الدولة، انما كان قد كشف عن رأس الجليد فيما مخططه هو اكبر واخبث للمنطقة.
لم يعد مسموحا ان يستمر العرب بتجاهل الوقائع التي تحدث في الشرق الاوسط، اذ حان الوقت ليتعظوا ويصحوا من غيبوبتهم قبل فوات الاوان.