شماتة برناردينو ليون.. كلمة الحقّ التي قد يُراد بها باطل..

لا أحد يمكن أن يُنكِر شرور فبراير أو ينزّهها عن ارتكاب الجرائم أيّا كان نوعُها.. فَـــآل النكبة الفبرايرية تميّزوا وما يزالون بالدموية والعدوانية التي صدموا بها الليبيين منذ أوائل أيام الأزمة ببلدنا.. منذ جريمة ذبح عناصر الأمن المروّعة بالبيضاء، وجريمة التنكيل بالشهيد هشام الشوشان، إلى أكل قلب الجندي الليبي بمصراته، إلى مجازرهم بسرت وبني وليد وغيرها، وفظاعات معتقلاتهم وطهيهم الأحياء في القدور، وسائر الانتهاكات التي يشيب لهَولها وفظاعتها الصبية.. هذا كلّه نعلمُه.. وقد ردّدناه وردّده كثيرون عبر أعوام النكبة.. كلّ العالم ردّدهُ إلاّ الأمم المتحدة وهيئاتها، وبالخصوص منها مجلس حقوق الإنسان الذي لا نذكر له من إنجازات أو مواقف لمصلحة الليبيين غير تجريمه للدولة الجماهيرية وقياداتها وتورّطه المشبوه في "إثراء" الملف الذي على أساسه جرى العدوان على ليبيا وتدميرها.. اليوم.. وبعد انتهاء الحوار العابر للقارات.. وبعد كل الذي تسرّب عن السيد برناردينو ليون.. فارس الحوار المغوار، تفطّن الرّجل إلى أنه قد كان يحاور مجرمي حرب.. ويتوسّط بين مجرمي حرب!!؟؟ وكأن الرجل لم يكن يدري بالأمر!! هذا ما تضمّنه التقرير المشترك بين مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا..
ما بواعث هذا التقرير؟ وما هي أسباب خروج برناردينو ليون علينا بمثل هذا الاتّهام الذي يشبه الاعتراف؟؟
يبدو أن إخفاق السيد ليون في تحقيق ما يصبُو إليه من إنجاز ومجدٍ يُسجّلُهما لهُ التاريخ.. وفشلهُ في حلّ الصراع بين آل فبراير.. واقتصار مغنمه الشخصي على وظيفة لدى الإماراتيين.. قد خلّف في نفسه من المرارة ما أفقده دبلوماسيّته ولباقته، وكشف عن أمور تتجاوز ما عرفناه فيه من طِباع –سيّئة على كلّ حال.. اتّهم برناردينو ليون كلّ من كان يتودّد إليهم ويحاورهم ويرتشف معهم الشاي ويقرع الأنخاب بارتكاب جرائم حرب في ليبيا، وانتبه أخيرا أن أيديهم التي كانت تصافح يديه قد كانت مضرّجة بالدماء!!
وليس الإخفاق الليوني، والعصيان الفبرايري أو التمرّد بالأحرى، هو السّبب الوحيد لإصدار ممثل بان كي مون تقريره المثير للاهتمام، بل أعتقد –من باب التّبسيط والتسطيح المطلوبين في هذا المقام- أن هذا الذي صدر اليوم هو في حقيقة الأمر "انتقام، وثأر" يعبّر عن ألم برناردينو لتشهير آل فبراير بمختلف أطيافهم به، وحملاتهم التي شنّوها عليه منذ تسرّب فضيحة تفاوضه مع الإماراتيين، والوظيفة المرموقة، والمراسلات المريبة، وتضارب المصالح المشبوه بين منصب ليون كمبعوث أممي في ليبيا، وموقعه الجديد كموظف لدى حكومة أبو ظبي!!
مرة أخرى، من خلال هذا السلوك الانتقامي الثأري يخرج برناردينو عن طوره، ويستغلّ منصبه لتمرير تقرير يتضمن حقّاً ويُرادُ به باطلٌ.. تقرير هدفه شخصي محض ويعكس مجدّدا تضارب المصالح الذي وصفت.. ويكشف مدى تورّط مؤسّسات دولية في لعبة الشّخصنة والتوظيف الهابط للحقائق التي لو عرفت طريقها الصحيح والمنطقي، ولو سلكت مساراتها النزيهة لغيّرت حياة كثيرين، ولــأنقذت أبرياءَ وجلبت آلاف المجرمين إلى عدالة غير عدالة الأمم المتحدة.. وغير عدالة السيد ليون الذي أمضى شهورا وشهورا يحاور أناساً يعلم أنهم مجرمين وقتلة، ملتمساً لهم مخارج الإفلات من العقاب، وباحثا عن أساليب ترضيتِهم وإعادة تبييضهم كي يمكّنهم من رقاب الليبيين ومصائرهم ومقدّراتهم..