مذكرات أستخباراتية،،، ليبيا والقذافي ،،، قضية دعم الجيش الجمهوري الإيرلندي (( بين الدهاء و الخديعة ))!

عندما تحاول البحث عن حقيقة ما ، تذهلك مجريات الأحداث و الحقائق التي تقرأها ، فتجعلك تحاول البحث عن ما أبعد من الحقيقة !!
في البداية لنعطي لمحة سريعة عن ( الحرب الأهلية الإيرلندية ) . .
حدثت هذه الحرب ما بين 28 يونيو 1922 إلي 24 مايو عام 1923 ، وهي حرب أدت إلي تأسيس الدولة الإيرلندية الحرة ، ككيان مستقل ضمن حدود الإمبراطورية البريطانية ، وقد دارت ما بين المؤيدين و المعارضين للمعاهدة الإنجليزية الإيرلندية ، التي أبرمتها إنجلترا و إيرلندا في ديسمبر عام 1921 ، والتي تنص علي إنسحاب القوات البريطانية من إيرلندا الشمالية التي تتكون من 26 منطقة ، وقيام الدولة الإيرلندية الحرة عليها ، وإعطاء الحق لإقليم إيرلندا الجنوبية الإنسحاب من هذه الدولة و بقائها ضمن المملكة المتحدة . .
ما علاقة هذا بليبيا ؟؟!
في عام 1976 ، ألتقي الكاتب المصري الراحل محمد حسنين هيكل ، بالعقيد الراحل معمر القذافي ، بإلحاح من مسؤول بريطاني لإستخدام نفوذه و محاولة إقناع القذافي بعدم إرسال أسلحة إلي ( الجيش الجمهوري الإيرلندي ) ، فسأل هيكل القذافي // لماذا تدعم هذه الحركة ؟
فأجابه القذافي (( أنه يقوم بذلك من أجل دعم حركة تحرير وطنية ، تسعى للتخلص من الإستعمار )) وذكر أيضا (( أن الجيش الجمهوري الإيرلندي خدعه !! لأنه لا يمثل تطلعات إيرلندا الشمالية ، وأنه قرر وقف دعمها ))
وهذا ما لخصته الرسالة التي أرسلها القذافي لرئيسة وزراء بريطانيا ثاتشر في 10 مايو عام 1979 ، عن طريق رئيس وزراء البحرين آنا ذا الشيخ خليفة آل خليفة ، عندما توقفت طائرتها للتزود بالوقود من البحرين . .
وقد ذكرت وثائق الإستخبارات البريطانية التي رفع عنها طابع السرية هذه القضية ، أن بريطانيا حاولت دفع 12 مليون جنيه إستراليني ، للنظام الليبي بهدف وقف دعمه للجيش الإيرلندي ،،
ومن الجدير بالذكر أن القذافي قد طالب عن طريق الرائد عبد السلام جلود ب12 معرضا ليبي يعيش في بريطانيا ، وكانت وسيلة الضغط هي التلويح بدعم الجيش الإيرلندي الجمهوري ثانية ، والذي دار في لقاء مع دبلوماسي بريطاني في نوفمبر 1979 . .
وقد ذكر المؤلف كريستوفر آندرو ، وهو أول كاتب يروي التاريخ الرسمي لجهاز الاستخبارات البريطاني الداخلي (( MA5 )) ، أن القذافي هو الزعيم الأشرس الذي وجهه جهاز الإستخبارات في تاريخه !! ، بسبب سلسلة النشطات التجسسية و الإستخباراتية التي يقوم بها علي الأراضي البريطانية ، التي تفوق في عددها و نشطاتها أي زعيم عربي أخر ، بمن فيهم الرئيس الراحل صدام حسين . .
وإضافة إلي ماسبق ، فقد كان القذافي يدعم الجيش الإيرلندي الجمهوري بالمال و السلاح ، الذي كان ينشط علي الساحة البريطانية ، بهدف انفصال إقليم إيرلندا الشمالية عن بريطانيا ، غير أن هذا الملف قفل بموجب إتفاقية من بين ليبيا و بريطانيا ،،
ومن المخجل إن يقوم مراهقي السياسة اليوم في ليبيا ، بفتح هذا الملف و تحميل الشعب الليبي مسؤولية تعويض ضحايا الحرب الأهلية الإيرلندية ، التي لا ناقة لليبيين فيها و لا جمل . .
فإن كان دهاء القذافي يجعله يتقن اللعبة السياسية العالمية ، لا يجعل النخب الليبية اليوم ( أن صح أنها نخبة ) تتساهل مع المخططات البريطانية في تغيير الخارطة الجغرافية لليبيا ، ثآرا من نظام السابق ، وقيامهم بمثل ما قام به قبل عدة سنوات !!
وإن كان هذا مقياس العدل لديهم ، فالليبيين أيضا سيطالبون بحق أبنائهم الذين قصفتهم بريطانيا ، لإزالة نظام القذافي ، لينعم الشعب الليبي بالحرية في كنف الدواعش ومن والاهم . .
في النهاية أتمني بصدق ، أن يقرأ الليبيين التاريخ ، و أن تسعي النخب الإعلامية و العلمية إلي البحث و تقصي الحقائق ، حتي لا تصبح بلادنا لقمة سائغة للخونة و أصحاب المصالح الضيقة التي لا يهمها مصير الوطن بقلم،، نضال نصر،،،