أللاءات الروسية لبندر بن سلطان

كتب خضر عواركة

بندر بن سلطان لم يكن في مهمة سعودية خالصة بل هو فرد من فريق عمل الاميركيين في العلاقة مع الروس بخصوص الملف السوري، وعلى الهامش حاول الرجل استيعاب الغضب الروسي من تصاعد الدعم المخابراتي والمالي السعودي لجماعات تكفيرية في الجمهوريات المسلمة في روسيا الاتحادية.

مصدر معلومات هذا المقال ينقسم الى مصدرين:

الاول: هو نفسه المصدر الذي نقل لأحدهم من موسكو ما عرف وقتها (28 اذار 2011)" بخطة بندر بن سلطان – جيفري فيلتمان لتدمير سورية" .
تلك الخطة المزعومة اثبتت الاحداث صحة البنود التي تحدث عنها كاتبها كتفاصيل المؤامرة المنوي تنفيذها في سورية. تلك البنود ثبتت صحتها من خلال الواقع الذي شهدته سورية، حيث ان ما قيل انه خطة ظهر في احداث سورية بتراتبية حرفية .
اذا فالمصدر ذو مصداقية وبالتالي فكلامه عن اسباب زيارة بندر الى روسية ليس تحليلا بل معلومات نقلها الروس الى حلفائهم وبالتالي تسربت من اضيق حلقات الكرملين الى مصدرنا هنا.
المصدر الثاني: ايقونة صحفية عربية في باريس على علاقة قوية جدا بالجزائريين الذين حصلوا على معلومات من مصادرهم في موسكو وهي مصادر داخل الكرملين تفيد بتطابق معلومات المصدر الاول مع المصدر الجزائري.
التوضيح ضروري في ظل ارتباك القراء فيما يصدقون وما لا يصدقونه من اقوال صحفيين واعلاميين لكل منهم موال استخباري او سياسي يرنمه.

بالنسبة لزيارة العميل بندر إلى موسكو المعلومات المتوفرة هي أنه فشل في عقد صفقة ضد سورية وسمع كلاما واضحا حول ضرورة الضغط على مأموريه في المعارضة في أن يحضروا جنيف.
الصفقة التي يعمل عليها الاميركيون مع الروس بتفاصيلها الدقيقة كانت سبب زيارة الامير السعودي الوحيد الذي يكلفه الاميركيون بملفات تخصهم حصرا ولا تخص بلاده لا الان بل منذ ثلاثة عقود . فهو من سافر الى الصين والى بلدان صديقة او عدوة للادارات الاميركية المتعاقبة بهدف تنفيذ مهمات خاصة لصالح الاميركيين.

وفي هذا الاطار جزئيا تأتي زيارته الى موسكو بصفته ممثلا لجهة اميركية تناقش التفاصيل السورية مع موسكو، ولكن الرجل ايضا يحمل صفة اخرى مرتبطة بالاميركيين فهو وكيلهم في الملف السوري امنيا وماليا وفي العالقة مع التنظيمات التكفيرية .

طرح بندر تصوره لما يعرفه الديبلوماسيون (بالصفقة) وقبل الروس النقاش تحت عنوان :

إن كانت هناك صفقة، فلا مجال للحديث عن تنازلالت روسية في سورية بل يمكن البحث في ملفات اخرى للتفاهم عليها مع الاميركيين ومع السعوديين مثلا: ملف المصالح السعودية والغربية في لبنان (المقاومة وسلاحها وضمان ان لا يضرب حلفاء موسكو مصالح السعودية فيه) وفي ليبيا حيث للروس مصالح كبرى اخفت واضمحلت وبقيت اللقمة الليبية كاملة من حصة الغرب ....حتى الان.
ما يعني ان البلدين يدخلان في اطار العمل الاميركي الروسي على تبادل المصالح، الاميركي والسعودي يريد توريط الروس في ليبيا مقابل موافقة موسكو على مساعدة الحكم العسكري الجديد في القاهرة او على الاقل ان لا تسير في ركب طهران التي شعرت بالخطر على مصالحها من وضع العسكر لكل بيضهم في سلة السعوديين.

أما في سورية فالمعروض الروسي هو تسوية تحت سقف النظام لأن الجميع باتوا على قناعة أنه أهون الشرين خاصة على ضوء المستوى الكوارثي للمعارضات التي هناك إجماع حتى في بلد مثل فرنسا أنها حصان خاسر وزيارة بندر تأتي لتخفيف حجم الخسارة خاصة بعد الإعلان عن احتمال قيام بوتين بزيارة إلى طهران والقاهرة.
لم يقلق الروس من طروحات الامير السعودي لامكانية تبديل ميزان القوى لصالح المسلحين المعارضين للنظام السوري بعدما ضمن في جيبه موافقة اميركية اوروبية على نقل عشرات الاف التكفيريين من دول عربية شتى للقتال في سورية وخاصة في حلب وفي ادلب ودرعا. واوحى السعودي في حديثه مع الروسي ، بأنه يضمن ايضا في جيبه " سلاحا اوروبيا بتمويل من بلاده وتدريبا اميركيا بتمويل من الكونغرس".

الروس رفضوا الابتزاز ولذا خرجت الى العلن تصريحات قائد عسكري ميداني حول امكانية تدخل قوات المظليين في الروس في سورية.
الروس لا يتصرفون عاطفيا بخصوص ملف الرئيس السوري الذي حاول بندر التطرف اليه فاقفل هذا المحور من النقاش بمبادرة من الرئيس بوتين. موقف الروس نابع من معرفتهم بأن اي بحث في نقل صلاحيات الرئيس الى مجلس رئاسي لحين ترتيب الانتخابات التي تلي اتمام صفقة انهاء العنف المسلح ستجعل من الروس والنظام السوري في موقع ضعف شديد لان كل مفاصل الصمود السوري مرتبطة بشخص الرئيس من ناحية السلطة ومفاتيحها وشخصياتها المحورية ومن ناحية معنوية حيث انه لا شخصية اخرى في النظام تملك الدعم الشعبي الذي يملكه الاسد..

خاب امل بندر بن سلطان وعاد الى بلاده بقناعة اكيدة تتعلق بالروس: سيدعمون النظام السوري لحين تعديل قواته لميزان القوى في الشمال والشرق مهما طال الزمن وان كان الموعد المقترح لمؤتمر جنيف 2 وبالتالي للحسم العسكري الذي يجب ان يسبقه كحد اقصى قبل اشهر قليلة من موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة في سورية.
موعد المفاوضات التمهيدية للمؤتمر الدولي في جنيف والتي ستشهد ترتيبات غير معلنة تضمن خروج المؤتمرين بقرارات متفق عليها سلفا بين الروس والاميركيين هو الشهر الاول من العام المقبل لذا يتوقع كل من المصدرين ان الروس طلبوا من السوريين حسم الامور وتعديل ميزان القوى بشكل واضح لصالحهم قبل شباط 2014