مذكرات الملك فيصل تكشف سعي الاستعمار لتأجيج الطائفية في سورية

نشرت جريدة النهار في عددها رقم 48 الصادر في تشرين أول عام 1933 ... مقتطفات من مذكرات الملك فيصل بعد معركة ميسلون ... تحدث فيها عن أعمال الموظفين الفرنسيين في إثارة القلاقل وتشجيع العصابات ....
يقول الملك فاروق في مذكراته ... " اعتقد أن التهمة التي وجها الفرنسيين لحكومتي بأنها تشجع العصابات وتحثها على الدخول على المناطق الغربية ، تثير استغراب كل رجل كان في سوريا خلال تلك الشهور .
ومما يجدر ذكره هنا أن الفرنسيين أنفسهم سلحوا المسيحيين في مختلف الجهات بمنطقتي لإثارة القلاقل .
وقد تبودلت العديد من الرسائل بين الضباط والسياسيين الفرنسيين وبعض الأهلين ، بشأن استخدام بعض متطوعة الأكراد – بالراتب الذي يريدونه – لتأليف العصابات وإثارة القلاقل في سوريا ، وعلى الحدود السورية في العراق .
وهناك وثائق كثيرة تثبت مفاوضة الفرنسيين للدروز من أجل إثارة القلاقل في المناطق السورية ... وقد اطلعت حكومتي على المكالمات التي أجراها الفرنسيين مع الدروز ، وعرفت بالأموال التي تم دفعها للمتطوعين الدروز لمقاتلة الشيعة في جبل عامل ... والمبالغ التي أعطتها للموارنة لمقاتلة الدروز في لبنان ... كما علمنا بالمبالغ التي دفعتها للشراكسة لمقاتلة الآريين في الحولة ... كما دفعت للاسماعيليين لمقاتلة النصيرية في بانياس ... ودفعت للنصيرية لمهاجمة القرى السنية في اللاذقية واحراقها ...
ولم يكن في وسع الفرنسيين فيما لونجح مخططهم أن يوقفوا هذه العصابات عن القتل أو أن يحصوا عدد المجازر التي ستنجم لو نجحوا بإثارة الفتن ... إلا أن تلك الطوائف قبضت الأموال من الفرنسيين ولم تقبل بإثارة القلاقل لأنها تعرف أنها طوائف سورية وتنتمي لوطن واحد والسوري لا يقتل السوري ، والفرنسي يقوم بتحريض كل الطوائف لتتقل بعضها ببعض ، إضعافاً لمعنوياتنا ولوطننا ".
خلاصة القول ... أنه من يشاهد الأحداث في سورية اليوم سيلحظ أن الفرنسيين قد خسروا معركتهم بإثارة الفتنة الطائفية في سوريا، إننا نتمنى أن يكون حال شعبنا اليوم كحال شعبنا بالأمس ... وأن لا يلتفتوا لدعوات التسلح والتحريض الطائفي ... وإلا لوقعنا بجرحٍ عقيم تحدث عنه الملك فيصل جرح قتل لايحصى بين أبناء بلد واحد ومجازر لم ولن تتوقف ... وعينا وتعايشنا هو السبيل فقط لارتقائنا وقوتنا بوطنٍ سوري يجمعنا معاً .