هل نجحت الثورة في ليبيا؟ ام انها على طريق الفشل؟
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
هل نجحت الثورة في ليبيا؟ ام انها على طريق الفشل؟
ريم حاطوم
مرّ ثلاث سنوات على نهاية الثورة في ليبيا، ثورة هلل لها جمهورها في حينه وطبلت لها الطبول احتفال في نهاية عصر معمر القذافي. ورغم الزغاريد الضاجة في سماء ليبيا نتسأل اليوم من منطلق قول اليكسى دي تشيفيل الفيلسوف الفرنسي: “الثورة مثلها مثل الرواية اصعب جزء فيها كيفية انهاؤها”، هل نجح الثوار في كتابة الجزء الاخير من الثورة؟ هل كان للثورة هدف؟ وماذا حققت لليبيا؟
قامت ثورات دول الربيع العربي وتشابهت في نهايتها بظواهر من الانفلات الامني، والاخفاق الاقتصادي والفجوة بين التطلعات وتوقعات الجماهير والاداء على ارض الواقع، والانقسام والاستقطاب السياسي الحاد بين التيارات السياسية، خاصة بعد صعود المتطرفين الى السلطة.
متأثرة بموجة الاحتجاجات العارمة تلك، والتي اندلعت في الوطن العربي وبخاصة الثورة التونسية، وثورة 25 يناير المصرية اللتين أطاحتا بالرئيس التونسي “زين العابدين بن علي”، والرئيس المصري “حسني مبارك”، اندلعت الثورة في ليبيا 2011 مطالبة بانهاء حكم معمر القذافي الذي وصفه الثوار حينها بالدكتاتوري، والذي الغيت خلاله كل مظاهر النشاط السياسي، وقيدت حرية الرأي، واممت الثروة وغيرها من الاعمال المنافية للديمقراطية على الاطلاق.
ورغم احقية المطلب الهادف الى قيام اصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي في ليبيا. الا ان الثورات لا تولد بعشوائية ولا تقوم دون خطة مدروسة متقنة ذات نهاية واضحة ومحكمة.
عصر معمر القذافي
عصر القذافي بدأ منذ اكثر من اربعة عقود بانقلاب عسكري، حقق خلاله انجازات عدة، بحيث تنصل فيه من سياسته السابقة الداعمة للارهاب والمتحدية للشرعية الدولية، علما بان تلك السياسة، افقدت ليبيا مكانتها دوليا واقليميا، والحقت خسائر جسيمة باقتصادها.
القذافي هو الابن الوحيد لعائلة بدوية تفلح الأرض وتمتهن رعى المواشى والابل في منطقة صحراء سرت. تأثر في حياته بأطروحات الزعيم الراحل جمال عبد الناصر حول القومية العربية، ولم يغير أطروحاته المتعلقة بالعروبة وبالديمقراطية ولكن أضاف اليها التوجه لبناء الاتحاد الافريقي والقذافى اشتراكي بالفطرة وديمقراطى ولا يؤمن الا بالديمقراطية المباشرة والتي بلورها في النظرية العالمية الثالثة “الكتاب الاخضر” الذي اعتبر الاطار والمنهج السياسي في ليبيا ويجرم الأحزاب ويمنعها. بتأسيس حركة اللجان الثورية عام 1976 ومن أهم وظائف حركة اللجان الثورية ترسيخ سلطة الشعب وتحريض الجماهير على ممارسة السلطة وليس من مهامها الاستيلاء على السلطة ومن مهامها حماية الثورة والدفاع عنها والدعاية لها.
وفي نظرة الى السنوات ما بعد الانقلاب العسكري الذي قاده عام 1969، يظهر ان القذافي سعى الى انشاء نظام وصفه في كتابه الاخضر بديموقراطية الشعب المباشرة. ويقوم هذا النظام، على أساس سيطرة الشعب المباشرة على كافة مرافق الدولة، عبر مؤتمرات ولجان شعبية. ولكنه على ارض الواقع اتسم نظام القذافي خلال العقود الاربعة الماضية بالفردية، حيث ظلت معظم الحريّات الديموقراطية في ليبيا مكبوتة.
ومن ناحية اخرى عملت الثورة الشعبية التي نادى بها القذافي، على تغيير بنية المجتمع الليبي، وعلى تقليص نفوذ رؤساء القبائل والعائلات التي كانت مقربة من النظام الملكي السابق، علما ان النظام القبلي هو الذي كان سائدا في ليبيا من قبل. وفتحت الطريق امام تقدم أبناء المناطق الريفية والجيل الصاعد، إما من خلال تولي المناصب الحكومية، او من خلال الخدمة في الجيش.
ومن انجازات القذافي الاخرى على الصعيد الاجتماعي، قلّل نسبة الامية من ستين بالمائة في اوائل السبعينات الى خمسة عشر بالمائة حاليا، كما عمل القذافي على توسيع شبكة التعليم ورفع مستواها، ولا سيما في المجالين العلمي والتكولوجي. كذلك قام القذافي بارسال الطلاب الليبيين الى الجامعات الاوروبية والاميركية، بيد ان عددهم تقلص في الثمانينات، بسبب تدهور العلاقات الليبية مع الغرب، على خلفية ضلوع النظام الليبي في الارهاب الدولي.
وعلى الصعيد الاقتصادي ادى مدخول النفط، وخاصة خلال السبعينات، الى ارتفاع مستوى المعيشة. ومع ذلك فان المدخولات النفطية الطائلة لم تعد بفائدة على شرائح واسعة من ابناء الشعب الليبي.
كذلك عملت سياسة القذافي الاقتصادية المركزة، الى انشاء جهاز حكومي مضخم ومترهل، والى ابقاء الاقتصاد الليبي متخلفا بالمقارنة مع اقتصاديات دول الغرب، ومعتمدا على فرع واحد هو فرع النفط، مما عرض ليبيا لتقلبات اسعاره في الاسواق العالمية.
واذا كانت مدخولات النفط ، وخاصة خلال الثمانينات، قد ساعدت عن تطوير مكثف للبنية التحتية في ليبيا، الا ان القذافي لم يفلح في انجاز اهم مشاريع البنية التحتية التي بادر اليها، اي مشروع الري الضخم، المعروف بالنهر الصناعي الضخم. بل ان هذا المشروع، أخفق في توفير الحلول الشافية لمشكلة نقص المياه في ليبيا او لمشاكلها الزراعية، علما بان ليبيا مضطرة حتى اليوم الى استيراد خمسة وسبعين بالمائة من احتياجاتها الغذائية.
ثورة 17 شباط 2011
قامت الثورة في ليبيا وسميت بثورة السابع عشر من فبراير/ شباط في ليبيا، بدعم من مجلس الامن الدولي، ومن الدول الكبرى وناتو ودعا إليها نشطاء من الشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي وسرعان ما تردد صداها في أرجاء المدن والقرى الليبية، لتتحول وفي فترة قصيرة الى كفاح مسلح يطالب بإنهاء حكم الاستبداد وقيام دولة ديمقراطية.
ومع حلول الذكرى الثالثة لإنتصار هذه الثورة، مازالت الفوضى تسود البلاد التي تخوض مرحلة انتقالية بلا نهاية وسط انعدام الأمن، وشلل المؤسسات وتصفية الحسابات السياسية والأيديولوجية والمواجهات القبلية بمختلف الطرق. أصبحت السلطات الانتقالية عاجزة عن مواجهة الوضع.
تحولت ليبيا الجديدة الى حكومة عاجزة ودولة غائبة والبلاد تغوص في الفوضى والغموض وسط أزمة سياسية واقتصادية غير مسبوقة تشل السلطة التنفيذية وتقسم التشريعية.
وخلال الاشهر السابقة عجزت النخب السياسية التي تتنازع من أجل السلطة في طرابلس، عن التوصل إلى توافق حول مصير حكومة علي زيدان أو خارطة طريق جديدة للمرحلة الانتقالية التي كان يفترض أن تنتهي في السابع من فبراير بعد المصادقة على دستور.
ونظرا لعدم إحراز عملية صياغة الدستور تقدما ً. أعلن المؤتمر الوطني العام (البرلمان) مطلع شباط تمديد ولايته حتى كانون الاول 2014 في قرار أثار انقسام الطبقة السياسية والسكان والميليشيات المسلحة.
والمدن الليبية تشهد الآن حراكا شعبيا ومظاهرات منذ 7 شباط قد تتطور إلى عصيان مدني. منددين بهذا القرار ومعتبرين أن ولاية المؤتمر قد انتهت ودعوا إلى انتخابات عامة مبكرة.
وتثير هذه التظاهرات مخاوف من تصعيد العنف لاسيما إن أبرز الأطراف المتنازعة مدعومة من قبل مجموعات لا تتردد في استعمال أسلحتها لفرض قرار سياسي أو إقصاء خصوم.
ليبيا البلاد الغنية بالنفط والواقعة جنوب البحر المتوسط قبالة القارة الأوروبية، تعج بالأحداث السياسية والأمنية التي تجعل من الصعب على المراقب معرفة ما يلوح في الأفق إن كان استقرارا أم مزيدا من الفوضى خاصة بعد قيام قائد القوات البرية السابق والمتقاعد حاليا بمحاولة تليفزيونية لإعلان انقلاب وتأزم في الشارع الليبي لربما يتصاعد في الأيام القادمة بين الليبراليين والإسلاميين قد يتحول إلى فتنة وحرب أهلية.
وبينما يستمر عمل الحكومة والبرلمان، تستمر أيضا الانفجارات والاضطرابات وأعمال القتل والخطف التي طالت دبلوماسيين وسياسيين ورجال أمن.
وفي وقت يتزايد فيه نفوذ الميليشيات المسلحة بتوجهاتها المتباينة، يدخل على خط الأحداث المتفاقمة بقايا فلول العقيد الراحل معمر القذافي، خاصة في الجنوب الذي يسعى هو الآخر للحكم الفيدرالي.
ويبقى السؤال ليطرح نفسه ما الفرق بين ليبيا قبل الثورة وليبيا بعد الثورة؟ وهل هناك مجال للتلاقي بين موال للثورة ومعارض لها كي لا يذهب بلد عربي آخر الى التقسيم في ضل صراع القبائل القائم.
السهم الناري- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي
مواضيع مماثلة
» نداء موجه لكل العالم يظهر حقيقة ما يجري في ليبيا إنها الحقيقة الصاعقة انها محرقة ليبيا
» انها ليبيا الحرة
» تقرير قناة ليبيا 24-ليبيا بين الندم على الثورة والجدل البيزنطي
» البروباغندا الإعلامية وإظهار ملامح الإحتفال في ليبيا ما هي إلا محاولات لتغطية الفشل الذريع
» تقرير رويترز::كتائب ليبيا تمسك بمفتاح النجاح أو الفشل لخطة الأمم المتحدة
» انها ليبيا الحرة
» تقرير قناة ليبيا 24-ليبيا بين الندم على الثورة والجدل البيزنطي
» البروباغندا الإعلامية وإظهار ملامح الإحتفال في ليبيا ما هي إلا محاولات لتغطية الفشل الذريع
» تقرير رويترز::كتائب ليبيا تمسك بمفتاح النجاح أو الفشل لخطة الأمم المتحدة
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:32 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة سجلات الأعمال الإحصائية للبلدان العربية|قطاع التامين:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:31 pm من طرف ايمان محمد
» دورة إدارة وبرمجة وتخطيط وجدولة وضبط المشاريع بإستخدام الحاسب الالي MS Project و بريمافيرا:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:23 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تخطيط وتطبيق مكاتب إدارة المشاريع والتحضير لشهادة مدير مشاريع محترف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:19 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة إتصالات ومخاطر وتوريدات المشاريع|إدارة المشاريع:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:16 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة تطبيقات الحوكمة فى القطاع المصرفى Governance|البنوك والمالية:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:07 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة مبادىء وإعداد القوائم المالية فى القطاع المصرفى|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:04 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة إدارة وتحصيل الإشتراكات التأمينية|البنوك قطاع المصارف:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 3:02 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة استراتيجيات وتقنيات اعداد وادارة العقود والحد من المخاطر المالية والقانونيةالقانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:57 pm من طرف ايمان محمد
» دورات تدريبية:دورة الأســـس الفنيـــة لصياغــــة عقـــود المقـــاولات الإنشائيـــــة|القانون والعقود:مركزITR
الأحد نوفمبر 03, 2024 2:54 pm من طرف ايمان محمد