بدائل المسلّحين.. محاولات فاشلة

نور الدين الجمال الحَراك السياسي والدبلوماسي الذي قام به وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عبر جولة له شملت لبنان العراق الأردن وسورية توَّجها بزيارة إلى موسكو المحطة الأخيرة له مع اقتراب موعد انعقاد مؤتمر «جنيف ـ 2» وإن كانت بعض المصادر الدبلوماسية الغربية ما زالت تشكّك في انعقاده نتيجة عدم توصّل قوى «المعارضات» السورية على تشكيل وفد موحّد على الرغم من الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية بهذا الخصوص بالتلازم مع محاولة أميركية ـ سعودية لتسويق ما يسمّى بـ«الجبهة الاسلامية» على أنها غير متطرفة.
وترى مصادر سياسية عربية أنه في العودة قليلاً إلى الوراء يبدو أن أيمن الظواهري على علاقة مع مجموعة سعودية متمولة بدليل أن من أشرف على تأسيس تنظيم «القاعدة» ومهندسها الأساسي هو بندر بن سلطان. وفي ضوء هذه المعطيات جاءت تصريحات الظواهري الأخيرة بأن تكون «داعش» مسؤولة عن الساحة العراقية على صعيد التفجيرات والعمليات الإرهابية وأن تتولى «جبهة النصرة» القتال في الساحة السورية مع العلم أن الطرفين تابعان لـ«القاعدة» لأن المطلوب سعودياً هو تحجيم «داعش» في سورية على أن تكون «الجبهة الإسلامية» هي البديل وتسويقها على أنها جبهة معتدلة تقاتل «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى في محاولة لجعل هذه «الجبهة الإسلامية» هي الطرف المقبول دولياً في المشاركة في «جنيف ـ 2» بصورة مباشرة أو غير مباشرة عبر ما يسمّى «الائتلاف الوطني» المدعوم سعوديّاً.
وتقول المصادر السياسية إنه نتيجة صعود قوة «داعش» في سورية ظهر الخوف الأميركي الحقيقي من هذا التنظيم من منطلق أن الأميركيين يعتبرون أن «داعش» بدأت تأخذ دوراً إقليمياً من خلال محاولتها الامتداد بين الحدود السورية ـ العراقية مقابل تساهل تركي مع «جبهة النصرة» التي بدأت تتمدد إلى الساحة اللبنانية وقد يتوّج هذا التمدد بين سورية والعراق ولبنان إلى بلاد القوقاز والدول المحيطة بالاتحاد الروسي.
وتؤكد المصادر السياسية على أن «الائتلاف الوطني» والمعارضة السورية برمّتها لا يوجد لها أي حضور عسكري فاعل على الأرض السورية مع تآكل «الجيش الحر» وانفراط عقده بعد هروب رموزه الأساسيين وانتقالهم إلى بعض دول المنطقة ولذلك تحاول السعودية إيجاد بديل عن هذه القوى فلجأت إلى توحيد بعض المجموعات المسلحة تحت لواء «الجبهة الإسلامية» لأنها تريد أن يكون لديها ورقة لتشارك في «جنيف ـ 2» انطلاقاً من مفهوم أنها لاعب أساسي على الساحة السورية ولكن ملامح الصورة في العلاقة الأميركية ـ الإيرانية بدأت تتبلور من خلال تقاطع المصالح بين البلدين لضرب تنظيم «القاعدة» وضرب تنظيم «داعش» في العراق لتقوية حكومة نوري المالكي من خلال العشائر العراقية والتي يوجد قسم منها مع السعودية.
تضيف المصادر السياسية أنه وفي ظل هذه الأجواء والمعطيات على الأرض في كل من سورية والعراق ما زال الأميركي مربكاً وهو في الوقت نفسه لا يمانع في استمرار القتال بين المجموعات الإرهابية كما هو حاصل حالياً في بعض المناطق السورية كما أن «الجبهة الإسلامية» مؤلفة من خليط متناقض في أهدافه لا بد أن ينقسم على بعضه البعض لأن هناك صراع حقيقي على الأرض وهذا الأمر متوقع حيث هناك تضارب في المصالح الإقليمية سياسياً وميدانياً والدليل الواضح على ذلك هو انسحاب 44 عضواً من «الائتلاف الوطني» وهؤلاء يدينون بالولاء إلى المملكة العربية السعودية والروسي من جانبه تبدو الصورة واضحة أمامه لناحية أن الجبهة الإسلامية هي تماماً مثل تنظيم«القاعدة» وكلام الوزير لافروف في هذا السياق واضح وحاسم جداً وهذا ما يؤكد انه لن يكون لهذه الجبهة أي دور في المفاوضات المرتقبة في «جنيف ـ 2» إذا عقد في موعده في 22 كانون الثاني الجاري. البناء