محلل سياسي لـ«بوابة الوسط»: ليبيا ستُصبح قنبلةً تنفجر في وجه الجميع

حذَّر أستاذ العلوم السياسيّة بالمعهد العالي للجوبوليتك في باريس الدكتور خطار أبودياب، من انفجار الأزمة الليبيّة في وجه المجتمع الدولي كله، وقال في تصريحات لـ«بوابة الوسط» إنّه آن الأوان لأنْ ترفع جميع الأطراف أيديها عن ليبيا.
ووصف أبودياب المرحلة الحالية في الشرق الأوسط بأنها «مرحلة اضطراب استراتيجي بكل ما للكلمة من معنى»، مضيفًا في حوار أجرته معه «بوابة الوسط» بالهاتف في باريس، إنَّ «الربيع العربي - باستثناء تونس - لم يؤد إلى إنتاج أنظمة جديدة أو بناء دول، خاصة في ليبيا، وأصبح الوضع ينطوي على كثيرٍ من المخاطر مع الانقسامات السياسيّة والجهوية والقبلية. وأيضًا صراعات دوليّة وإقليميَّة في الكثير من البلدان، وظهرت علنًا الحركات الإسلامية الراديكالية أو ما يُمكن أنْ نسميه قوى الجهاد العالمية».
«داعش» والفراغ الأمني
وأشار أبودياب إلى أنَّ «هناك عناصر فرضت نفسها في المعادلة نظرًا لفراغات أمنية وعدم وجود مشاريع سياسيّة جامعة مثل تنظيم «داعش» الذي يُعتبر امتدادًا تاريخيًا لنهج تنظيم القاعدة، وهذا الانتشار اليوم لا يقتصر على مكان الولادة في أفغانستان وباكستان والجوار ولا في العراق أو بلاد الشام، بل أيضًا في أفريقيا جنوب الصحراء وشمال أفريقيا».
كما أشار إلى أنّه في الحالة الليبية هناك «تنافس على التواجد بين قوى الجهاد العالمي وأبرزها تنظيم «أنصار الشريعة» و«داعش»، ولكن ذلك لا يعني عدم وجود عناصر لها صلات بتنظيم القاعدة المركزي». وأعرب أبودياب عن مخاوفه من «أنْ يكون هناك توزيع أدوار واللعب على عدة مسميات» في وسط هذه التنظيمات.
وقال إنَّ بعض الأنظمة تقوم «بتخويف العالم من التطرف كي تقوم بإمساك بلادها بقبضة من حديد. أيضًا تقوم الآن جماعات من الإسلام السياسي بممارسة نفس اللعبة لتقول إنها أقل خطرًا».
الخطر الكبير في ليبيا
أوضح أبودياب أنَّ «في إطار اللعبة المعقّدة يمكن قراءة الإعلان عن ولاية برقة ضمن الدولة الإسلاميّة، والأخطر تسرب الكثير من العناصر الهاربة من سورية نحو مناطق في شرق وجنوب ليبيا؛ مما سيعزز تدريجيًا من قوة هذه التنظيمات الجهادية ويجعلها عقبة أمام إعادة توحيد التراب الليبي».
وأعرب أستاذ العلوم السياسيّة عن دهشته من أنَّ «إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما التي تقود ما يُسمى التحالف الدولي ضد الإرهاب لا تولي الأهمية المطلوبة لهذا الخطر الكبير الذي يُهدد ليبيا».
وقال «إدارة أوباما مثلاً في العراق تشن غارات من الجو فقط، أما على الأرض فيتواجد الحرس الثوري الإيراني».
أضاف أبودياب «في ليبيا يختلف الوضع لأن واشنطن لا تعتبر الجيش الليبي هو القوة الشرعية الوحيدة، بل تلعب الإدارة الأميركيّة لعبة تدوير الزوايا - المعايير المزدوجة - فهي غير مرتاحة للتعاون المصري – الإماراتي، ولكنها لا تبدي أي استياء من التعاون القطري – التركي، وهذا الموقف يسمح لـ«داعش» بالتوسع وقضم أراضٍ جديدة».
مسؤولية خاصة على بريطانيا وفرنسا
وحمّل أبودياب فرنسا وبريطانيا أيضًا المسؤولية خاصة «لأنهما كانتا الأكثر حماسًا لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي ضد القذافي».
ودعا أبودياب جميع الأطراف إلى أنْ ترفع يدها عن ليبيا. وحذَّر من أنَّ ليبيا ستصبح قنبلة تنفجر في وجه الجميع، مشيرًا إلى أنّه لم يلمس حتى الآن ذلك الاهتمام الدولي من أجل ليبيا.
وقال في ختام حديثه إلـى «بوابة الوسط» «إنَّ لفرنسا مصالح كبيرة في الساحل، ومن الطبيعي أنْ تهتم بالحرب ضد الإرهاب، وافترض أن الاهتمام بالجنوب فقط لا يكفي. ومن غير الطبيعي ألا تهتم هي وبريطانيا وأميركا والاتحادان الأفريقي والأوروبي وروسيا والصين بمصير ليبيا لأنها ليست فقط سوقًا للنفط، بل شعب وحضارة ومن العار تركها هكذا من دون مساعدة».