المشهد الأخير: عندها سيعرفون موقع سورية

من طرف السهم الناري الأحد مايو 05, 2013 7:14 pm

ماذا يعني ما أظهره استطلاع الرأي الذي أجراه مركز «بيو» ونشرته صحيفة «واشنطن بوست»، الذي خلص في نتيجته إلى أن نصف الشعب الأمريكي لا يعرف أين تقع سورية على الخريطة؟
هل أراد القول: إن هناك استعداداً مكثّفاً تقوم به الولايات المتحدة، لتهيئة الشعب الأمريكي نفسياً، بأن شيئاً ما ستقوم به تجاه هذه المنطقة، انطلاقاً من أهمية الرأي العام وكسبه في لعبة اختلاق مبررات ونسج خيوط وهمية، كما حدث عام 2003، بنسجها خيوطاً وهمية قبل غزوها العراق، مستخدمةً في ذلك أبرز الإعلاميين الذين لعبوا دوراً مضللاً وقذراً من خلال مؤسساتهم حيناً، أو من خلال التحاقهم بالعمل تحت إمرة الذراع العسكرية الأمريكية حيناً آخر، مثلما فعلت «سيدة» الإعلام الأمريكي المضلّل جودي ميللر اليد اليمنى لديك تشيني في حربه على العراق؟ أم إن الطبخة لم تنضج بعد، وبدأت تفضحها الأقلام التي عرفت منذ غزو «الناتو» ليبيا تحت ستار «الربيع العربي»، وتحول صحفيين من ذوي الخبرة إلى مروّجي دعاية من الطراز الأول، إذ نقلوا -حسب الصحفي الفرنسي سيرج شار بونو- وقائع كاذبة «ويقصد الصحفيين الفرنسيين» الهدف منها إقناعنا بالمجازر والحروب والمذابح المرتكبة في ليبيا وسورية؟
المؤكد، أن الدعاية القاتلة في حلبات الإعدام الجماعي الذي تقوم به فرق الموت التكفيرية المتنقّلة على ألوان القتل وأنواعه، والمغطاة بقاموس التضليل الإعلامي ودلالاته اللفظية التي مارست ديمقراطية التهيئة برباط «العقل» المميز بالماركة النفطية الخائنة لشعوبها، تعرف تماماً أن مؤامرتها التي تكسرت على صخرة الصمود السوري بـ«ثالوثه» المقاوم.. كشفت رصيداً هائلاً من الفبركات والعدوان على مقدرات الشعوب خدمةً لاستعمار جديد وأوقفت على دماء شهداء سورية الكرة المتدحرجة باتجاه ضرب الاستراتيجية الجغرافية العربية كاملةً، وكشفت تالياً، لغة الشراء الرخيص للذمم، والعقول، والأقلام, التي مارستها الإدارة الأمريكية وأعوانها من العربان المأجورين خدمةً للمشروع التقسيمي في المنطقة.
فقد كشفت الإعلامية السلوفاكية أمبر ليون، العاملة في شبكة «CNN» أنها تلقّت خلال عملها في القناة أوامر بإرسال أخبار مزيفة, وإبعاد الأخبار التي لا ترغب فيها الإدارة الأمريكية في سعيها لخلق رأي عام يدعم شنّ عدوان على إيران أو سورية، مؤكدةً أن وسائل الإعلام الأمريكية تقوم بشكل مقصود بخلق هذه الدعاية بهدف كسب الرأي العام، لدعم غزو عسكري.. وأن ما يتم التحضير له الآن ليس إلا تكراراً للسيناريو الذي تم العمل به قبل شنّ الحرب على العراق، إذ تتم «شيطنة» إيران وسورية.. ونقل الموقع الرسمي السلوفاكي الالكتروني عن ليون قولها: إنه يتم دفع الأموال للقناة عن محتوى الأخبار التي تبثّها من الحكومة الأمريكية ومن حكومات دول أخرى!
لكن الأخطر الذي لم يعِ الشعب الأمريكي أبعاده بعد، هو استخدام قانون الترخيص للدفاع الوطني الذي قالت فيه الإعلامية السلوفاكية. إن استخدام الإدارة الأمريكية الحالية له أكثر سوءاً من كل الإدارات السابقة، إذ سيعطيها استخدام هذا القانون سلطات ديكتاتورية غير محدودة في القمع، واعتقال مواطنين أمريكيين من دون حكم قضائي.. عندها قد يفهم الشعب الأمريكي المشهد الأخير في معنى «الربيع الأمريكي الديمقراطي» الذي أزهر دماً، على صمود أسطوري سوري في وجه مخططات الإجرام والتقسيم.. وعندها سيركض الشعب الأمريكي لاهثاً ليبحث في خريطة العالم عن موقع سورية ذات أقدم عاصمة مأهولة, والتي تحدّت سمّ الموت الأسود، المطبوخ في بيت حريتهم الأبيض!!