الجــــــــــنرال الذهـــــــــــبي

من طرف الفارس الإثنين يونيو 03, 2013 9:33 pm

بعيدا عن الصخب والأضواء كان يواصل الليل بالنهار قراءة وتخطيطا وتطبيقا . يدرس بدقة مناهج الحرب ويفك طلاسمها وأسرارها
كان يجمع حوله رفاقه ويبدأ في تكوين أحدى جحافل الشعب المسلح بطريقة نموذجية غاية في الدقة والتنظيم ويرسم بنفسه منهج الاعداد و التأهيل و الادارة التي ترفع من الأداء لهذا الجحفل القتالي ويعمل على تأكيد الجاهزية الدائمة النابعة من معرفته بتاريخ المنطقة والأمة التي كانت ولازالت هدف للأطماع الخارجية . كان يدرك ضرورة العمل واعداد العدة في سباق مع الزمن ليكون ندا قويا للحملات الأستعمارية التي تتحين الفرصة لتعبر البحر . ويعرف ان المعركة قادمة لامحالة وانه لابد أن يكون في الموعد .
لم تغريه الحياة وملذاتها ولم يركن للهو والترف بل كان رفيقا وفيا لسلاحه الذي لم يخذله وقت الشدة وأستطاع أن يطوعه وفق أبداعه وذكائه وأن يخضع نظريات القتال لأفكاره الفذة التي أربكت الخصوم .
كان هادئا حتى في أحلك الظروف ذكيا شجاعا قائدا عسكريا بأمتياز مثقفا واعيا بمجريات الأحداث ومستجداتها وله قدرة فائقة على التحليل وقراءة نتائج الأحداث مماأعطاه مهارة القيادة رغم صغر سنه وقلة تجربته .
كان متواضعا يمازح رفاقه ويدخل الثقة لقلوبهم ويحظي بحضور لافت وشخصية مميزة أنشئت علاقة رائعة بينه وبين ضباطه وجنوده .
كان يتنقل بين بئر دوفان وقرارة القطف ووادي بي ينصب خيمته ويرتدي بدلة الشغل وحذاء العارضات وغطاء الرأس الميداني وينفذ تمارينه العسكرية وكأنه يدرك ويعلم مسبقا أنها المنطقة التي ستكون فيها أشرس وأصعب معاركه التي سيشهدها التاريخ وتذكرها الأجيال بفخر وعزة وكبرياء .
تدريبات مستمرة وتمارين دائمة وتقييم ومراجعة ونقاش مع كل الكوادر والفعاليات في مختلف التخصصات أنتجت تنظيما عسكريا كان في الموعد الذي توقعه وأنتظره وجهز له كل أمكانياته . كان الأمتحان والأختبار الحقيقي في فبراير 2011 صعبا للغاية حيث وضعه القدر في مواجهة أقوى أساطيل العالم المدعومة بأحدث ماأنتجت المصانع من ألة عسكرية فتاكة يقودها ويشرف علي عملياتها قادة تخرجوا من أعرق الكليات العسكرية وخاضوا عديد الحروب في أصقاع العالم .
قبل ذلك الشاب التحدي الصعب وتقدم الصفوف ورسم الخطط ونفذ نظرياته التي أربكت حسابات الخصوم وأذهلتهم ووضعت أمامهم عديد علامات الأستفهام على مادرسوه وماخاضوه من حروب . كان يجيد فن المناورة وتحقيق أهدافه وتسجيل أنتصاراته وكسبه للوقت بذكاء عالى . فسجل صمود أسطوري جعل الخصوم يفقدون الثقة والقدرة في كسب المعركة مما أضطرهم للبحث عن أساليب أخرى للقضاء عليه فحاولوا أختراق دائرته الأولى والوصول أليه ومعرفة خططه وبعد أن فشلوا بدؤا يترصدون تحركاته ويبحثون عن سيارة الجنرال وأماكن تواجد الجنرال لعلهم ينجحون في الوصول أليه لكنه كان الأذكى دائما وأستطاع أن ينجو من ضرباتهم . ثم عملوا على تسريب خبر مقتله أكثر من مرة وكان في كل مرة يفاجئهم بخروجه الذي أفقدهم أعصابهم . فمرة في باب العزيزية مع محبيه ومرة في مستشفى زليطن يتفقد الجرحى وأخرى في طمينة والدافنية بل وفي قلب مصراتة . كان مجرد ذكر أسمه كفيل بأدخال الخوف والرعب والأرتباك لقلوب خصومه .
كانت كل غرف عمليات الناتو بما تملكه من أقمار صناعية وشبكات أتصال وتجسس وأساطيل بحرية وجوية وفرق مارينز على الأرض . كل ذلك في مواجهة الجنرال الذي أدار المعركة بحنكة ومهارة رغم أفتقاده للغطاء الجوي وصعوبة الأتصال وأستطاع أن يتحرك ويؤمن الأمداد والذخيرة والوقود وكل الأحتياجات ويقود العمليات وينتقل بين المحاور بطريقة أذهلت غرف عمليات الناتو التي تتبع وتترصد تحركاته والتي لم تجد أمامها الا تكثيف الضربات في كل مكان لعلها تصيب الجنرال الذي حيرها وأفقدها أعصابها .
كان لايهاب الخطر ولايخشى الموت ولم يعرف التردد بل كان يتنقل بين جنوده يرفع هممهم ويحفزهم ويقود عملياته في منطقة حساسة وشاسعه مترامية الأطراف ومفتوحه كان يعول عليها الخصوم كثيرا لتكون منطقة الحسم لكنه أستطاع بدهائه وذكائه أن يفرض سيطرة كاملة ويمنع أي أنفلات ويصد أي تحرك رغم الضربات المكثفة من مختلف الأتجاهات برا وبحرا وجوا .
فصول جديدة في فن القتال أبتكرها الجنرال الشاب كانت محل دهشة وأعجاب المتابعين للأحداث وحتما ستكون ضمن المناهج العسكرية التي تدرس في أعرق وأرقى الكليات والأكاديميات .
في تلك الحرب التى ضنها حلف الناتو لن تستمر أكثر من أيام وأسابيع لكن الجنرال الذهبي جعلها تطول لأكثر من ثمانية أشهر ولمع نجمه في كل العالم وأصبح الأسم الذي أثار دهشة كل القادة العسكريين ومحور نقاشهم وهدف للعديد من عملياتهم التي لم تنجح في الوصول أليه .. وسيبقى ذلك الجنرال لغزا محيرا أستحق بجدارة أن يكون أمهر قادة عصره ... الفـــــــــــــــــــارس