الاسترخاء على جبهة واشنطن موسكو سوريا يرعب عرب الخليج وتركيا

أنطوان الحايك

ما أن أعلنت روسيا عن مبادرتها وسلكت طريقها إلى اذان الدول الغربية وتلقفتها الادارة الأميركية، حتى ساد نوع من الارباك العارم في أوساط حلفاء واشنطن، لا سيما منهم دول مجلس التعاون الخليجي، فضلاً عن أطياف ومكونات المعارضة السورية في الداخل والخارج، كما في أروقة تيار "المستقبل" الذي التأم اليوم ليعلن أن النظام السوري غير قادر على حماية المسيحيين، بالرغم من وجودهم في بلاد الشام منذ نشأة النظام من دون أن يتعرض أي منهم لأذى مادي أو معنوي أو جسدي، بل على العكس تماماً فإن الوجود المسيحي في سوريا سجل نمواً مقدراً لدى دوائر الفاتيكان باثنين بالمئة، فيما سجل تدنياً ملحوظا في سائر الدول العربية بما فيها لبنان.
تصاريح ومواقف الساعات الأخيرة الماضية الصادرة عن كل من موسكو وواشنطن وفرنسا، دفعت بالمصادر السورية إلى القول إن الاعتداء الأميركي أصبح خلفنا، فيما سجلت المزيد من البلبة في الأوساط العربية التي طالما عولت على النشاط الأميركي وراهنت عليه لضرب رأس النظام السوري، ومن خلاله ايران وأذرعتها العسكرية المنتشرة في العالمين العربي والاسلامي، وعلى رأسهم حزب الله الذي ساهم دخوله المباشر في المعارك على الأرض السورية في تعديل المشهد الميداني لصالح النظام، كما أسس إلى موازين قوى صبت في مصلحة ايران وروسيا وحسنت مواقعهما التفاوضية في وجه الهجمة الغربية.
في هذا السياق، يكشف دبلوماسي شرقي عن سلسلة من الاتصالات أجرتها دول مجلس التعاون الخليجي بالادارة الأميركية مستفسرة منها عن توجهاتها وموقفها الحقيقي من المبادرة الروسية، وما اذا كانت واشنطن ستجلس إلى طاولة المفاوضات لتفاوض عنهم أو عليهم بحسب التعبير، لا سيما أن التجارب السابقة لا تبدو على الاطلاق مريحة بالنسبة لحلفاء الصف الثاني كما هو الحال بالنسبة لعرب الخليج، وذلك استناداً إلى وقائع تاريخية يدركها هؤلاء بدءاً من فيتنام مروراً بأفغانستان وليس انتهاء بالعراق ومصر وتونس وحتى ليبيا، بحيث أنها كانت تعمد دائماً إلى الحد من خسائرها من خلال تحميل أتباعها تبعات التسويات والصفقات وأثمان حفاظها على مصالحها الاستراتيجية والنفطية.
في الموازاة، يلفت الدبلوماسي إلى مواقف المعارضة السورية المتشنجة والتضاربة، فيؤكد أن وزير الخارجية السورية وليد المعلم التقى شخصيات معارضة سورية لها وزنها في العاصمة الروسية، وأجرى معها مباحثات مطولة وغير معلنة باشراف الخارجية الروسية، وهذا ما دفع بتيار "المستقبل" للاستجابة لطلب اقليمي فشن حملة عنيفة عليه من خلال تصويره بأنه غير قادر على حماية المسيحيين، في وقت يعرف القاصي والداني من هو بطل أحداث معلولا وصاحب المبادرة إلى تهجير مسيحييها والتنكيل برموزهم.
ويخلص بالاستنتاج أن المنطقة دخلت مرحلة جديدة عنوانها تدوير الزوايا التي تسمح للكبار بالدخول والخروج من دون عوائق تذكر، وبالتالي فإن الحديث عن مؤتمر جنيف يقع في محله الصحيح باعتبار أنه يبدأ من توافق روسي غربي بدأ يشق طريقه وإن كان بصعوبة، وبدأت معها مرحلة شد الأعصاب بالنسبة لدول المحور على غرار تركيا والأردن لبنان، فضلاً عن الدول الخليجية التي بدأت تشعر بحراجة الموقف خصوصاً في حال نجحت ايران بلعب دور الشرطي القادر على ضبط الأوضاع