هوليــــود فـــي بنغـــازي

أعد المشهد بدقة متناهية وحفظت الممثلة المشهد عن ظهر قلب وأختار المخرج الوقت والتاريخ والمكان وأستعد الجمهور بكاميراتهم لأخذ الصور التذكارية لمشهد يؤرخ لمستقبل وطن .. أستطاعت أن تخترق الحواجز وسط أبتسامة صفراء لحراس الفندق ووصلت الى صالة العرض حيث الجميع ينتظر ويترقب بعلم مسبق بالموعد والحدث ألا أصحاب المكان الذين كانوا رغم الألم والحزن علي وطنهم ألا أنهم يرحبون بضيوفهم ويعملون على راحتهم وفقا لما يمليه واجبهم الديني والأخلاقي .. ليتفاجئوا وبدون سابق أنذار لفتاة تطلق صيحاتها وتنهمر دموعها وتكشف عن جسدها أمام الضيوف الذين كانوا جاهزين للبث المباشر ونقل المشهد لكل العالم مرفق بتقارير تستفز المشاعر وتثير العواطف وتعطى للمتربصين ذريعة وحجة للتسابق على شاشات القنوات لأظهار الأنسانية الغائبة وكأن العالم لأول مرة يسمع عن حالة أغتصاب .. وبسرعة البرق أعطيت الأوامر لأهل الشرق ليخرجوا يملئون الشوارع ببكاء ودموع وآهات وقصائد رثاء عن الشرف والأخلاق .. كان يوما سيبقى في ذاكرة التاريخ وذاكرة نساء ورجال بنغازي الذين صدحوا ملء الحناجر لأبنتهم المحامية كلنا ايمان العبيدي .. حتى الذي يعرف تاريخها وتربطه بها علاقة حميمة ذات ليلة صاخبة والذي يحتفظ في نقاله بصور ومقاطع للمحامية وهي تتقن فنون شارع الهرم وتبدع في مجاراة الموسيقى بكل أنواعها والذي سمع عنها من خلال أحاديث رفاقه الشباب والذي والتي يسكنون بالقرب من أهلها ويعرفون سيرتها الحافلة بالتضحيات الجمة أناء الليل وأطراف النهار .. كلهم كانت دموعهم جاهزة وسيوفهم خارج أغمادها وقلوبهم المليئة بالحقد الذي تسلل عبر الأثير من شاشات الجزيرة تكيل التهم والسباب وتنذر بالثأر .. كل ماأرادته وخططت له غرف المخابرات الهوليودية تحقق بدقة متناهية لدرجة انه أبهر المخرج وأدهش الجمهور ..
بكت مطربات وممثلاث ومحاميات وطالبات وعجائز بنغازي بحرقة بكاء لم يشهد العالم مثله حتى في الحرم المكي أو فوق جبل عرفات .. وبكى الرجال أمام الشاشات كما لو كانوا يرتلون آيات القرأن الكريم عن العذاب والعقاب والجنة والنار .. كان يوما للبكاء بأمتياز .. وروت الدموع محكمة شمال بنغازي التي أستفزت أمراء الدوحة ودبي للأسراع بتقديم الوجبات الساخنة بأقامة مطاعم عاجلة خلف مبني المحكمة لمشاركة أهل بنغازي مصابهم الجلل والحفاظ علي ذلك المشهد لأطول فترة ممكنة علي شاشة الجزيرة مباشر لأنه قد لايتكرر مرة أخرى .. فتلك الدموع ستحدد مستقبل وطن
مرت الأيام ونسى الجميع تلك المحامية ومصيرها وأدارت القنوات والصحف لها ظهرها فالمهمة أنتهت لتبقي تائهة بين العواصم تمارس مهنتها للحصول علي ماتستطيع العيش به .. وجفت الدموع بسرعه فالكل أدى دوره وقبض الثمن حسب الدور الموكل له من المخرج برناردليفي الذي يستحق أوسكار .. فـ بوشنة نال التكريم من واشنطن وجعودة حصل على تويوتا قطرية وبعض الفنانات حصلن علي تذكرة مجانية لقضاء أسبوع بأستراحات أمراء الدوحة وشمام نال منصب مدير لقناة أعلامية ثبت من الدوحة أما الجموع التي لعبت دور كومبارس فحصلت علي وجبات ساخنة من الرز القطري والدجاج الأماراتي
واليوم بعد مرور عامين تسجل ليبيا أكبر معدل للجريمة التي يتصدرها خطف النساء والأغتصاب بدلائل قاطعة من خلال مقاطع وصور مسربة لنساء من مختلف الشرائح طالبات ومحاميات وأعلاميات تنتهك أعراضهن ولكن لم نرى فنانات ونساء وعجائز ورجال بنغازي يبكون علي الشرف ولم نرى دموعهم التي تذرف على الأخلاق ولم نرى حمية الشباب تنتفض للثأر .. ولم نرى البث المباشر والبرامج المكثفة لقنوات الجزيرة والعربية ولم نرى قيادات فبراير تخرج لتعطي دروس في الأداب العامة والمجتمع المحافظ .. فهل السر في الوجبات الساخنة أم في توقف المخرج عن صرف المكافأت أم أن مسلسل الدموع أنتهى بسقوط الوطن في حمامات الدم .. يظل التاريخ شاهدا على الجميع ويبقى الوطن منتصبا رغم الجراح .. وتظل عزائم الرجال تشق عباب المستحيل لصنع غدا واعد لامكان فيه الا للأنقياء والرجال الشرفاء والحرائر المحترمات الذين يعرفون الدين الصحيح والأخلاق الحقيقية بعيدا عن الثمثيل والمتاجرة بالوطن والشرف والأداب ... الفــــــــــــــــارس

هؤلاء لا شرف لهم

هؤلاء لا شرف لهم