إسرائيل: إستراتيجية جديدة لعزل وإستبعاد طهران
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
إسرائيل: إستراتيجية جديدة لعزل وإستبعاد طهران
الدكتور خيام محمد الزعبي-كاتب وباحث أكاديمي سوري
يعتزم كبار الساسة في الخارجية الإسرائيلية الطلب من القيادة السياسية التصديق على خطة تهدف إلى عزل إيران عن جاراتها مثل جورجيا وأذربيجان وتركمنستان وكازاخستان وأوزبكستان عبر توطيد العلاقات فيما بينهم، من خلال تقديم عرض بديل لتوثيق أواصر التعاون المدنيّ والاقتصادي والصحي مع إسرائيل، والتركيز على الوعود الإيرانية بتقديم المساعدة الاقتصادية والسياسية التي لم تُنفذ لهذه الدول.
يؤكد خامنئي إن إسرائيل هي السرطان الذي لا بد من إزالته، ودعا كل من هو في حالة حرب مع “النظام الصهيوني” بأنه يستطيع الإعتماد على مساعدة بلاده، وعلى الجانب الآخر، يكرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذيره باستمرار لخطر إيران بقوله: “لن نسمح لإيران بتطوير القنبلة، لأن إيران المسلحة نووياً تمثل تهديداً لدولة إسرائيل”، وكما يستخلص” يجب أن تدافع عن نفسك بضربة استباقية”.
لقد نجح الرئيس الإيراني حسن روحاني في دفع المجتمع الدولي باتجاه التسوية الدبلوماسية ووضع الخيار العسكري في زاوية بعيدة حالياً ودون أن تتوقف أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، وهذا بالضبط ما يقلق إسرائيل، التي ترى أن الخوف الأكبر ليس مستمد مما يحدث في المنطقة من تغيرات، بل من إيران، بالرغم من أن الرئيس الإيراني أكد مراراً أنه لا نية لإيران بتصنيع أسلحة نووية في الوقت الحاضر أو حتى مستقبلاً، بذلك انتقل العالم كله باتجاه الحوار مع إيران، وهناك احتمال أن يتم التوصل في نهاية الحوار الى اتفاق قد لا يستجيب لجميع المطالب الإسرائيلية، فإسرائيل لا تستطيع فرض شروطها على الأمريكيين والمجتمع الدولي، كما أن الإيرانيين لا يخشون من قيام إسرائيل بهجوم عليهم، لأنهم يعتقدون أن إسرائيل لن تشن هجوماً في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات بين الأمريكيين والإيرانيين، ودون موافقة أمريكية.
فيما يتعلق ببرنامج إيران النووي والذي تستعمله إيران لإنهاء الحصار الاقتصادي وإعادتها الى الساحة الدولية كدولة فاعلة معترف بها كقوة اقليمية قد أحرزت تقدماً لدبلوماسية لم يكتب لها النجاح إلا بعد ان ارتبطت بقوة ومناورات على الارض مباشرة، فقد شكل هذا التقدم استفزازاً لحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة العربية وخاصة الدول الخليجية بالإضافة الى اسرائيل والتي كانت تصر على مشروعية المواجهة المباشرة العسكرية مع إيران، فكثرت تحذيرات نتنياهو في المحافل الإعلامية من خطر الانجراف وراء غزل الرئيس الايراني وطاقم المفاوضات والتشكيك بجدوى التفاوض مع الايرانيين.
ويقيناً، تدعم إسرائيل أي مبادرة لإزالة القدرات النووية الإيرانية، بما في ذلك المبادرة الدبلوماسية الأمريكية الحالية، بيد أنها متشككة من نجاح أي جهود دبلوماسية في إنجاز ذلك الهدف، فإسرائيل قلقة من إمتلاك إيران لسلاح نووي يمثل تهديداً لا يمكن تقبله، وهو غير مقبول بالنسبة للولايات المتحدة أيضاً وفقاً لما أعلنه الرئيس أوباما مراراً وتكراراً، وتحدث الرئيس الأمريكي بصورة جدية بقوله ” أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة بما فيها الخيار العسكري، وتلتزم الولايات المتحدة بشكل كامل على منع إيران من تطوير أسلحة نووية – ليس من أجل إسرائيل، ولكن لأن ذلك يشكل أيضاً تهديداً للأمن القومي للولايات المتحدة”، وفي سياق متصل أكد وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، إن الرئيس الإيراني، حسن روحاني، ربما غيّر من نبرة الخطاب، إلا أنه لم يظهر حتى الآن أي استعداد حقيقي للتخلي عن البرنامج النووي، الذي رأى شتاينتس أنه لأغراض عسكرية، وأضاف أنه يمكن السماح لإيران بإنتاج الطاقة النووية لأغراض مدنية بشرط شراء الوقود النووي من هولندا أو فرنسا مثل غالبية الدول التي تنتج طاقة نووية لاستخدامها في توليد الكهرباء مثل السويد وبلجيكا وسويسرا والمكسيك وإندونيسيا وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية والعديد من الدول الأخرى، وأكد أن إسرائيل لديها مطلق الحق في التعبير عن رؤيتها حيال برنامج إيران النووي، خاصة بعد أن هدد الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد بمحو إسرائيل من على الخريطة، وحذر بشدة من مغبة تخفيف الضغط على إيران قبل الوصول إلى الهدف المرجو، والمتمثل في التوصل إلى اتفاق شامل ومقبول لكل الأطراف.
وفي ظل هذه المخاوف، فإن المستوى الحالي من التعاون والتفاهم بين إسرائيل والولايات المتحدة لا مثيل له ويبقى بالغ الأهمية لكلا البلدين، وبالتالي فإن العلاقة الاستراتيجية الفريدة مع واشنطن هي إحدى الركائز الأساسية للأمن القومي الإسرائيلي، ومن وجهة نظر إسرائيل، لا يوجد بديل لهذه العلاقة من حيث نوعيتها وعمقها.
أدركت الحكومة الاسرائيلية انه لغرض تحقيق أهدافها لا بد لها من تحقيق إستراتيجية مهمة ألا وهي عزل إيران نهائياً عن العالم الخارجي من خلال التصعيد السياسي وخصوصاً فيما يتعلق في الملف النووي الذي يمكن ان تحقق من خلاله مزيد من العقوبات عليها، لتحقيق ذلك على أرض الواقع فقد أعد موظفون كبار في وزارة الخارجية الإسرائيلية خطة يطالبون الحكومة بالمصادقة عليها، وتقضي بتوثيق العلاقات والتعاون الاستخباراتي بين إسرائيل والدول المجاورة لإيران، وبينها جورجيا، وأذربيجان، وكازاخستان، وأوزبكستان، وتركمانستان.
وذكرت صحيفة “معاريف”، أن الخطة تقضي بتسليم الدول المحيطة بإيران معلومات حول خلايا إرهابية، تقول إسرائيل إنه يشكلها حرس الثورة الإيرانية وحزب الله فيها، وذلك إلى جانب التعاون بالمجالين المدني والإقتصادي بين إسرائيل وهذه الدول.
ووفقاً للخطة، فإن إسرائيل تعتزم مساعدة جورجيا، والجمهوريات الإسلامية المذكورة في مواجهتها مع متطرفين إسلاميين، الذين خرجوا من هذه الدول وتوجهوا إلى سورية للمشاركة بالحرب الدائرة هناك، ويعودون إلى الجمهوريات الإسلامية بعد أن امتلكوا خبرات وتجربة في النشاط العسكري.
وإضافة إلى ذلك، تنوي وزارة الخارجية الإسرائيلية إعداد تقرير يومي حول النشاطات الإيرانية بالمنطقة،
وكما تتحسب إسرائيل من تقارب محتمل بين إيران والجمهوريات الإسلامية في وسط آسيا، لكنها تعتبر أن السلطات العلمانية في هذه الدول تتخوف هي الأخرى من هيمنة إيرانية، وكذلك تتحسب إسرائيل من تأثير النفوذ الروسي في وسط آسيا ومنطقة القوقاز بشكل سلبي على إسرائيل، خاصة عقب تراجع النفوذ الأميركي في هذه المنطقة.
وأشارت “معاريف” إلى أنه من الجهة الأخرى تستمد إسرائيل تشجيعاً من فتور العلاقات بين جورجيا وإيران بعد تبدل الحكم في جورجيا ومن السياسة الحذرة تجاه إيران التي تنتهجها أذربيجان، وإسرائيل تنوي استغلال ذلك لتوثيق العلاقات مع الدولتين، وفي هذا السياق قررت إلغاء الحاجة إلى تأشيرة دخول سياح من جورجيا إلى إسرائيل.
وتعتبر الخارجية الإسرائيلية أن تطبيق هذه الخطة في حال حصولها على الموافقة السياسية، سيساهم في عزل إيران عن هذه الدول، وسيوجد لإسرائيل دوراً كبيراً في دول آسيا الوسطى، خاصة أن إيران ودول أخرى مثل السعودية تسعى لتوثيق علاقاتها مع هذه الدول.
لا يخفى على احد أن لدى إسرائيل رغبة في التخلص من إيران وفي القيام بضربة جوية خاطفة للمواقع الإيرانية و لكن المخاوف من عواقب الضربة واستحالة شطب البرنامج النووي الإيراني تلجمان تلك الرغبة، فإسرائيل غير قادرة عسكرياً على خوض حرب بمفردها وهي بالتالي تتكل على المؤازرة الأميركية، بينما الولايات المتحدة غارقة في المستنقع الأفغاني والعراقي والباكستاني، ناهيك عن الرأي العام الداخلي في ظل الضائقة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها الشعب الأميركي، فالهدف من التلويح الإسرائيلي بضرب إيران مقصده حشد التأييد لفرض عقوبات جديدة ضد إيران وفي إطار ذلك فقد ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن إسرائيل قامت سراً بتعبئة دبلوماسيين في العواصم الأجنبية للضغط من أجل فرض عقوبات اشد ضد ايران.
واليوم فإن التحدي الحقيقي أمام نتانياهو ومصداقيته ليس الملف النووي الإيراني بل القضية الفلسطينية ومدى نجاحه أو فشله في تحقيق حل الدولتين، وقد كانت إيران عنصراً مهماً لتشتيت الانتباه عن المعضلة الحقيقة أمام إسرائيل، ومن ثم فإن دعوة روحاني للانفتاح على الغرب والدخول في مفاوضات يجب أن تقابل بمشاركة دولية واسعة رغم الشكوك القائمة، ودون أن تحاول إسرائيل توتير الأجواء بين الدول بهذا الشأن، فإسرائيل التي طالما استفادت من لهجة نجاد المتشددة في تسهيل عزلة إيران وفي مساعدتها على لعب دور الضحية بشكل أمن لها الدعم المادي والمعنوي والعسكري، عليها أن تعيد التفكير في استراتيجيتها للتعامل مع إيران برئاسة روحاني التي فاجأت العالم وإسرائيل بوجه أكثر اعتدالاً وعلميةً، وهو وضع لخصه المراقبون بالشأن الإيراني والإسرائيلي بالقول إنه يجب على نتانياهو أن يكيف نفسه مع المتغيرات الجديدة التي طرأت على الساحة الإقليمية والدولية.
وأخيراً أختم مقالتي بالقول إن الأسس تستند دائماً على المصالح المشتركة وليس القيم، فمصلحة أمريكا والدول المجاورة لإيران تعزيز علاقاتها مع طهران كونها تعتبر من أهم وأكبر الدول الإقليمية في المنطقة، ورقماً صعباً في معظم الملفات الإقليمية إن لم يكن في مجملها، نظراً للخصوصيات التي تتسم بها إيران كموقعها في منطقة الشرق الاوسط الأهم في العالم على كافة الصعد الجغرافية والثقافية والتاريخية الى جانب كونها مصدراً للطاقة العالمية، فالإيرانيون بارعون في مساومات البازار السياسي، والمستندة لمصادر القوة الذاتية، وبالتالي فإن الكيان الصهيوني يسعى دائما لإبقاء العلاقة بين إيران والغرب في حالة توتر حتى يبتز أكثر، وعندما يكون هناك انفراج يصبح هذا الكيان محشوراً في دائرته في المنطقة العربية، كما إن الولايات المتحدة تقر بمخاوف إسرائيل الشديدة من إيران، مع الأخذ بعين الاعتبار التهديدات الأخيرة التي أطلقتها إيران تجاه إسرائيل.
السهم الناري- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي
مواضيع مماثلة
» هل تقامر واشنطن بأمن إسرائيل في سعيها للتوصل إلى اتفاق مع طهران؟
» "ادعس المستوطنين" أغنية فلسطينية جديدة تثير ضجة فى إسرائيل
» إسرائيل تصادق على بناء 272 وحدة استيطانية جديدة في الضفة
» الصنداى تايمز: لهيب انتفاضة فلسطينية جديدة يلفح إسرائيل
» الأزمة السورية: مرحلة جديدة تقودها أميركا و«إسرائيل» والسعودية
» "ادعس المستوطنين" أغنية فلسطينية جديدة تثير ضجة فى إسرائيل
» إسرائيل تصادق على بناء 272 وحدة استيطانية جديدة في الضفة
» الصنداى تايمز: لهيب انتفاضة فلسطينية جديدة يلفح إسرائيل
» الأزمة السورية: مرحلة جديدة تقودها أميركا و«إسرائيل» والسعودية
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء نوفمبر 26, 2024 12:48 am من طرف larbi
» بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ترحب بإعلان النتائج الأولية للانتخابات البلدية
الإثنين نوفمبر 25, 2024 10:47 am من طرف larbi
» مراسل التلفزوين العربي: 4 ملايين إسرائيلي يدخلون الملاجئ وحيفا تتحول لمدينة أشباح
الأحد نوفمبر 24, 2024 10:23 pm من طرف larbi
» يوم كئيب في تل أبيب» حزب الله يقصف إسرائيل 5 مرات متوالية و4 ملايين في الملاجئ.
الأحد نوفمبر 24, 2024 10:14 pm من طرف larbi
» عصبة العز وثلة الهوان
الأحد نوفمبر 24, 2024 6:40 pm من طرف عبد الله ضراب
» الاهبل محمد بن سلمان يحاصر الكعبة الشريفة بالدسكوهات و الملاهي الليلية
السبت نوفمبر 23, 2024 9:34 pm من طرف larbi
» نكبة بلد المشاعر
السبت نوفمبر 23, 2024 4:41 pm من طرف عبد الله ضراب
» صلاح الدين الايوبي
الخميس نوفمبر 21, 2024 10:36 pm من طرف larbi
» جنائية الدولية تصدر أمري اعتقال ضد نتنياهو وغالانت
الخميس نوفمبر 21, 2024 4:06 pm من طرف larbi
» الى فرسان اليمن
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:52 pm من طرف larbi