هل أنت مستعد بأن تقف أمام المرآة وتحدث نفسك بصدق ؟
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
هل أنت مستعد بأن تقف أمام المرآة وتحدث نفسك بصدق ؟
سمير الفزاع
ثـقـافـة الإسـتـهـلاك ،،، الـشـراكـة بـالـقـتـل
* أسئلة تحتاج لإجابات صادقة :
هل شاركنا بقتل أنفسنا ؟ هل دعمنا تحطيم أوطاننا ؟ هل نحن جزء من أزمة وطننا وأمتنا ؟ هل لطريقة حياتنا ، وأنماط سلوكنا وإستهلاكنا أثر فينا وفي أوطاننا ، وفي الحال التي بتنا فيها ؟ أين تكمن هذه الشراكة بالقتل ؟ هل مهدنا بأيدينا الطريق ” للربيع العربي ” الذي يقتلنا ؟ وأين قمنا بهذه الجريمة ؟ ماذا حلّ بالإنسان العربي ؟ تلك أسئلة أحاول أن أقدم إضاءة على بعض الإجوبة الممكنة لها .
* ما هي ثقافة الإستهلاك :
الإستهلاك هو عكس الإنتاج ، وثقافة الإستهلاك نقيض مباشر لثقافة الإنتاج ، فبدلا من أن يكون الإنسان كائناً إجتماعيّاً فاعلاً ومنتجاً يتحول إلى كائن منعزل ومنطوي منفعل ومستهلك ، وبدلاً من أن يجد قيمته و” متعته ” بالإنتاج يتحول لكائن بدائي غرائزي يجد قيمته وإنشراحه بما يستهلك . وثقافة الإستهلاك إفراز طبيعي للعولمة ؛ من ناحية تعميم أنماط سلوك وقيم وعادات وتقاليد ومفاهيم الدولة السائدة والقوة المسيطرة في العالم . والعولمة كما يعرفها الفيلسوف الفرنسي روجيه جارودي : ” بأنها نظام يُمكّن الأقوياء من فرض الدكتاتوريات اللاإنسانية التي تسمح بافتراس المستضعفين بذريعة التبادل الحر وحرية السوق” . فالعولـمة هي أداة الوصول بالبشرية إلى نمط واحد ، في التغيير والأكل والملبس والعادات والتقاليد … وتقوم هذه الثقافة على فكرة بسيطة جداً تقول : إن الحصول على مزيد من الأشياء يجعلنا أكثر سعادة ، وهذه الأشياء التي نحصل عليها تمتاز بقصر عمرها – فلا وجود لسلع معمرة في ثقافة الإستهلاك – وحتى تبقى ” مواكباً ” للعصر والموضة والحضارة … يجب أن تسعي دائما – وبشكل حثيث – للحصول على السلعة الأحدث والأسرع والأقوى … والّتي ستكون بعد ساعات أو أيام قليلة من إنتاجها بين يديك ، والتي ترافق ” خَلقها ” مع حملة دعائية وإعلاميّة ” طاحنة ” ؛ فليس هناك من سلعة خاصة ببيئة أو أمة أو مجتمع معين ، لقد أصبح العالم كلّه سوق واحدة ضخمة .
بعض من آثار ثقافة الإستهلاك :
سأحاول لاحقاً إظهار بعض الآثار الكارثيّة لهذه الثقافة التي غزت العالم ، وكيف هيأت لنشؤ أوضاع شاذة في سوريا والوطن العربي – قيميّاَ وماديّا ونفسياً وإجتماعيّاً وسياسّاً وإقتصاديّاً – أسهمت في تعميق أزمتها ، وإطالة أمد الحرب عليها .
1 – الإنانيّة : فالفرد كقوة مُستهلِكة يأتي بالمرتبة الأولى على حساب المجتمع ، ومصالحه فوق مصالح المجموع ، وتحقيق مصالحه مبرر بأي وسلة كانت . مثال : لن أشارك في جيش الدفاع الوطني ، غيري سيقوم بذلك ، المهم أن أبقى أنا .
2 – العرض والطلب : ضمن ثقافة الإستهلاك ” كل شيء ” خاضع لقوانين السوق ، وآليات العرض والطلب . مثال : مبلغ 20 ألف دولار أفضل من وطن لم يقدم لي شيء ، سأقتل العالِم ( س – المختص في تقنية الصواريخ ) لأجلها .
3 – فقدان الهويّة ” الخِواء ” : حيث يفقد الإنسان هويته ، ويفتقر إلى الإنتماء إلى القضايا الوطنية والقوميّة والإنسانيّة الجامعة ، ويصير مجرد كائن مائع بلا ملامح ، وقابل ” للحشو ” بما تقدمه أدوات العولمة من قيم وعادات وتقاليد ومفاهيم ورسائل … . مثال : شوه يعني وطن ، مصالحي أولاً .
4 – إحتقار ثقافة الإنتاج والمنتجين : فالإنتاج عبوديّة ، والمنتجون أناس متخلفين يعيشون خارج العصر ، والعمل اليدوي قذارة ، والمعمل سجن ، والفلاح وسخ الأرض … . مثال : مكاني ليس هنا بل هناك .
5 – السطحيّة : إن هذا النوع من الثقافة ينتمي بإمتياز إلى مدرسة الخلاصات و” المُكثفات ” والوجبات السريعة في كل شيء . مثال : أنا غير مستعد لقراءة هذا الكتاب ما هي خلاصته ؟ إذا تجاوز ” البوست ” سطرين أو ثلاثة لن أقرأه ، لا وقت لديّ !!! هات من الآخر .
6 – الإستنزاف : هذا النوع من الثقافة لا يُصيب فئة إجتماعيّة دون غيرها ، فالغني والفقير سيبذل كلّ ما يملك من أجل أن ” يستهلك ” ليبقى سعيداً . ومن لا يملك هذه السلعة سيقترض ليملكها ، ثم يعود ليقترض ليحصل على الفئة الأحدث والأسرع ، وهكذا نبقى في مدار حلزوني متصاعد حتى نصل إلى إستنزاف حقيقي لموارد الناس ، وخلال هذا اللهاث الغريزي تسقط القيم والأخلاق والمباديء … . مثال : شوه هالتليفون ؟ طلع بعده جيلين ثلاثة وبعدك شايله ، لازم تجدد ، خذلك قرض أو فيه المحل ( س ) يبيع بالأقساط ، صحيح غالي لكن للجديد بهجته .
7 – الإستعلاء : بحيث يشعر صاحب هذه الثقافة بأنه أفضل من الآخرين ؛ فهو عصري ومتحضر ومواكب للتقنية … وهذا سصيبه حتماً بالعزلة ، وفقدان القدرة على التواصل الإجتماعي ، وإحساس بالظلم كونه لا ينتمي لهذا المجتمع ولهذه الثقافة ” المتخلفتن ” . مثال : يا شوه هالشعب !؟ .
8 – النَّزَقُ : بحيث يشعر سريعاً بالملل ، ويحتاج دائماً لكل ما هو جديد ، وينتقل بسرعة من حال إلى حال بحثاً عن سعادته ورفاهه الشخصي فقط . مثال : يا اخي ملينا ، بدنا نرجع لحياتنا ، حاجتنا حرب ؛ وكأن سوريا تحارب عدو في أفريقيا لا على أرضها .
9 – الماديّة : الإصابة بمرض ” الإستهلاك ” تجعل من الانسان كائن نفعي ” مادي ” على نحو بذيء ومقرف ؛ فقيمة أي شيء تعتمد على ثمنه أو نفعه المادي . فلا حياة روحيّة ، ولا قيم جماليّة حقيقيّة في مجتمع الإستهلاك ؛ هناك الزيف الملون ، والجمال الكاذب ، والقيم المستنزفة فقط . مثال : سمعت عن العصابة التي سرقت مئات القطع الأثريّة من متحف الرقة ؟ نعم سمعت ؛ نيالن ملينو !!! .
10 – التحلّل : تفكك التشكيلات الإجتماعيّة لصالح جماعات هجينة لا أساس إجتماعي لها . مثال : نحن عشاق مرسيدس بنز ولا وجود لك بيننا !!! .
11 – العبوديّة المُقنعة : الإنصياع الكامل لوسائل ومواقع دعائيّة وإعلانيّة معينه ؛ فهو من يزوده بكل منتج جديد ” للسعادة ” ، وفيه ” يجد ” ذاته ، وبه يحصل على برنامج عمله اليومي . مثال : قائمة المفضلات في صفحة الفس بوك .
12 – الأمراض النفسيّة : في خضم الإنصياع الكامل للغرائز ، والجهد القياسي لتلبية هذه الغرائز تنتشر الأمراض النفسية كالقلق والمخاوف المرضية والكآبة … . مثال : معقول بأني سأموت ؟ لم أستمتع بحياتي كفاية . أنا بحاجة إلى 100 ألف ليره لشراء الغرض ( س ) سأُجن إن لم أحصل عليها .
13 – الشراكة في القتل : الفئة الإجتماعيّة الوحيدة المستفيدة من شيوع ثقافة الإستهلاك وتعميقها هي فئة الوكلاء ( الكومبرادور ) . وتضم هذه الفئة من يملكون وكالات المواد والأشياء والمنتجات التي نستهلكها كالبهائم مثل وكالة نوكيا ، سامسونغ ، مرسيدس ، شفروليه ، اديداس ، نايك ، دِل … . أي أننا ندعم الفئة التي تستنزف مواردنا ، وتحطم مقدرات أوطاننا ، وتلحقنا كالقطيع بمن يستعمر عقولنا وأرواحنا وطريقة حياتنا ؛ بمسار تصاعدي قاتل ومدمر ، وأما ثالثة الأثافي ؛ وبالتحليل الإجتماعي والإقتصادي العلمي فإننا ندعم الفئة الحاملة لمشروع ” الربيع العربي ” الذي يقتلنا صبح مساء ، ويحطمم أوطاننا ، ويعيدنا إلى قطعان من المذاهب والطوائف والقبائل المتصارعة حدّ الهوس .
* كلمة أخيرة :
لقد شاركنا جميعاً – تقريباً – وبنسب متفاوتة في قتل أنفسنا ، وتدمير أوطاننا ، وتخريب مستقبل أبنائنا ؛ بأنانيتنا وأنتهازيتنا وفسادنا وخراب أروحنا . عندما إستقلنا من مهامنا التاريخيّة والإنسانيّة ، وأستسلمنا لنهم الإستهلاك و” الحداثة ” المزيفة على حساب الهوية والوطن والقضيّة . ألم يعجبنا إلغاء الخدمة الإلزاميّة هنا وتخفيضها هناك ؟ ألم نفرح عندما قايضنا خدمة الوطن والعلم ببعض النقود ؟ ألم نتنفس الصعداء عندما ألغينا الثقافة القوميّة والتدريب الجامعي ومؤسسات الشبيبة ؟ ألم نطرب لرؤية الوجبات الأمريكيّة السريعة والكوكاكولا ؟ ألم نرى بأم أعيننا أبنائنا وإخواننا يرحلون إلى جزيرة العرب لأجل بعض المال ، وفرحنا لهم ، ولكنهم عندما عادوا جاء معهم القليل من المال والكثير من الوهابيّة والتشدد وأنماط حياة وعيش تختلف عن واقعنا وبيئتنا ؟ ألم تستعبدنا المولات بالسلع الغربيّة المصفوفة بيد ” الشيطان ” ؟ فأخذناها ، وحاولنا أن نقلد من صنعها ؛ ففشلنا فلم نعد نحن كما كنّا ، ولا صرنا نحن هم . ألم نعطي أموالنا – ونحن في حالة من غياب الوعي – لمن يسرق أموالنا وهويتنا وتراثنا وقضايانا … حتى ” سمّناه ” فبلغ حدّ من القوة أن طرح مشروعه – الربيع العربي – الذي يقتات صبح مساء علينا ؟ نعم ؛ حاربنا الغرب المستعمر والقاتل ، ولكننا هزمنا أنفسنا أمام ثقافته الإستهلاكيّة التي تقتلنا ” بنعومة ” وبطء . نعم ؛ قاومناه ولكن كانت منتجاته وسلعه تجتاحنا كالجراد . ألم نسخر من منتجاتنا الوطنية ؟ ألم نهجر أسواقنا القديمة كأسواق الصفارين والغزل والهرج والقزازين في بغداد ، وأسواق خان الخليل والليمون والفسطاط في القاهرة ، وأسواق الحميدية والبزورية والحريقة ومدحت باشا في دمشق ؟ . في لحظة صدق مع الذات سيقول معظمنا – بكل تأكيد – بأنني ساهمت بقدر ما في قتل نفسي ، ووطني
السهم الناري- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 26761
نقاط : 63480
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
الموقع : الوطن العربي
مواضيع مماثلة
» المرآة التي قالت أن مصطفى عبد الجليل اغتصبها
» هل توقف واشنطن محركات الإرهاب.. وتحدث المعجزة..؟!
» إلقاء قنبلة أمام أمام فندق الصفوة بطرابلس ولا أضرار بشرية
» (خطف بنت عمرها 4 أشهر )من عربة أطفال أمام مدرسة فتاة العصر بطرابلس , وخطف أخرى من أمام المدينة الرياضية وضرب صديقتها
» الرئيس الاسد: مستعد لإجراء الإنتخابات في موعدها
» هل توقف واشنطن محركات الإرهاب.. وتحدث المعجزة..؟!
» إلقاء قنبلة أمام أمام فندق الصفوة بطرابلس ولا أضرار بشرية
» (خطف بنت عمرها 4 أشهر )من عربة أطفال أمام مدرسة فتاة العصر بطرابلس , وخطف أخرى من أمام المدينة الرياضية وضرب صديقتها
» الرئيس الاسد: مستعد لإجراء الإنتخابات في موعدها
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 12:50 pm من طرف larbi
» دعاء
اليوم في 3:36 am من طرف larbi
» امارة اسلامية في غزة بتمويل اماراتي وتدريب اسرائيلي
اليوم في 12:30 am من طرف larbi
» طريقة لمعرفة اختراق جوالك او تنصت حالي
أمس في 11:22 pm من طرف larbi
» نشرة إيجاز بلغة الإشارة- القسام: أوقعنا رتل آليات في كمين برفح
أمس في 11:00 pm من طرف larbi
» كتائب القسام تعرض مشاهد لاستهداف آليات عسكرية إسرائيلية شرق مدينة رفح
أمس في 10:58 pm من طرف larbi
» جاسوس إسرائيلي يهودي لمصلحة إيران.. وخطاب نصر الله يتصدر نشرات تل أبيب
أمس في 10:37 pm من طرف larbi
» الجزائر تتضامن مع لبنان إثر "الهجوم السيبراني الصهيوني"
الأربعاء سبتمبر 18, 2024 11:19 pm من طرف larbi
» الهدف كان قيادات الصف الأول!
الأربعاء سبتمبر 18, 2024 3:52 pm من طرف larbi
» دورة إدارة أصحاب المصلحة للمشروع:دورات إدارة المشاريع مركزITR
الأربعاء سبتمبر 18, 2024 12:42 am من طرف منتجع التدريب الدولي ITR