النفخ في جلد الأفاعي

نبيه البرجي

بالفظاظة إياها يتحدث برنارد لويس عن “تلك الثقافة التي ما تزال تراقص.. الإبل”.. هذا عندما تراقص سائر الثقافات الكواكب الأخرى، كما لو أن المستشرق الأميركي، البريطاني الأصل، ليس من هو الذي “ينفخ في جلد الأفاعي”، فالمحافظون الجدد أخذوا الكثير من أفكاره حول العرب والمسلمين، وعملوا على تسويقها استراتيجياً.
أليس هو من قال لجون ماكين إن على أميركا أن تتصرف في الشرق الأوسط على أنها “نسخة بشرية عن القضاء والقدر”؟ فهل ترانا نستغرب، ونحن ضالعون في لعبة القاع، حين يكون ماكين الذي طالما اعتبر أن الأزمنة إنما تدور حول هيكل سليمان هو “عرّاب العرب”؟
يقول لنا أستاذ جامعي أميركي إن ماكين، وبالتنسيق مع دنيس روس، أقام شبكة من العلاقات مع أكثر من بلاط عربي، وبطبيعة الحال ليس من أجل بلورة العمليات التفاوضية التي يمكن أن تنتج الدولة الفلسطينية، إنما من أجل تفكيك سورية أو بالأحرى “صوملتها”، فهل هناك من يقرأ بين العرب ليدرك ما كان رأي السيناتور الأميركي في الدور الجيوسياسي لدمشق، وكيف نُصح جورج دبليو بوش بالإطباق عليها “لكي ينام الإسرائيليون دون أن يتوجسوا من الأشباح الآتية من ليل الأمم”.
وليم كريستول؛ صديق ماكين، هو الذي قال إن ما يعني أميركا هو إحداث تعديل بنيوي في ذلك الدور، وهو ما يفضي تلقائياً إلى تفريغ النظام من ديناميات البقاء، وإن كان يلاحظ أن المشكلة في أولئك الروس وفي أولئك الإيرانيين الذين يحاولون تكريس التماهي بين النظام والدور كون ذلك جزءاً لا يتجزأ من القواعد الجديدة للعبة.
هل يقرأ العرب، أو بعضهم على الأقل، كيف تدور الكرة الأرضية؟ إن سوزان رايس؛ مستشارة الأمن القومي، تقول لهم إن لدى الولايات المتحدة أولويات ومسؤوليات أخرى في هذا العالم.. ما يعني أن الدور الأميركي في الشرق الأوسط تغيّر، أو هو في الطريق إلى التغيّر، وبالتالي فإن الذين مازالوا يراهنون، وعلى ذلك النحو الساذج، بتقويض النظام عسكرياً إنما تسكنهم حقاً ثقافة الإبل، لأن المنطقة مقبلة على تطورات دراماتيكية في ظل رؤية مختلفة للنظام العالمي.
استطراداً، إذا أردنا أن نتجاوز الخلط بين لعبة القبائل ولعبة الامم، نذهب إلى “جنيف-2″ بوعي آخر، لأن “صوملة” سورية، حتى من خلال تركها تتخبط اقتصادياً، يستتبع حتماً “صوملة” المنطقة.
ثمة عالم يتغير.. فلماذا نُصرّ على اللعب مع الهاوية؟!