أخر ما تبقى من محور الاعتدال
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
أخر ما تبقى من محور الاعتدال
د. عامر السبايله
لم يعد من الصعب رصد حالة البرود الأمريكي المرتبطة بمنطقة الشرق الأوسط و قضاياه العالقة. البعض يرى أن واشنطن بدأت بفقدان شهية الانخراط في مسائل المنطقة, و كأن المشابهات التاريخية تعود بذاكرتنا الى صورة الحالة البريطانية في خمسينيات القرن الماضي, عندما ورثت الولايات المتحدة منطقة الشرق الأوسط سياسياً من بريطانيا العظمى.
منذ اللحظة التي سقط فيها حسني مبارك كان واضحاً أن الولايات المتحدة لم تعد معنية بالحفاظ على حلفائها أو شكل تحالفاتها معهم. هذا الأمر الذي قد تفسره براغماتية التعامل السياسي التي انتهجتها واشنطن سواء في تأزيم حلفاءها أو في طبيعة التعامل مع بدلائهم. مصر على سبيل المثال شكلت دوماً الحالة المركزية للمنطقة برمتها لا بل بوصلة التحولات و شكلها. طبيعة تعامل واشنطن مع مصر ما بعد مبارك تجلى اليوم -بعد أكثر من سنتين- بقبول واشنطن خروج مصر من دائرة الحليف الأمريكي التاريخي الأمر الذي خلق مناخات جديدة لدول كبرى مثل روسيا للدخول الى الملعب المصري في واحدة من أهم و أدق مراحل اعادة التموضع المصري و خصوصاً على الصعيد الاقليمي و انعكاساته على محيط مصر العربي.
مع وصول الولايات المتحدة الى ضرورة تبني مشروع التسوية السياسية في سوريا و التي تم الوصول اليها عبر التلويح الأمريكي بالضربة العسكرية, دخل معسكر حلفاء أميركا للمرة الثانية -في أقل من ثلاث سنوات- في دوامة الاضطراب السياسي, حيث بدا واضحاً أن التحول في الخطاب الأمريكي تجاه ايران قد خلق حالة من الذعر لدى مجمل أطراف المحور الأمريكي, أما الانفتاح الأمريكي على ايران و الذي يعني ضمناً ترتيب ملف التسوية السياسية في سوريا فقد أنتج حالة من التخبط السياسي لدى الكثيرين في المنطقة بدءً من السعودية و انتهاءً ب “نيتنياهو”. اسرائيل وجدت نفسها مضطرة للتعامل مع واقع جديد بصورة حذرة و بالتالي كان من الضروري و للمرة الأولى ان يتم ارسال رسائل ذات أبعاد مختلفة تحتوي على مضامين ايجابية بمواكبة التسوية عبر رمزية تراجع نيتنياهو عن خطة بناء مستوطنات جديدة, و اخرى سلبية تنبئ بتعطيل مجمل التسوية عبر عودة ليبرمان الى الواجهة الأمر الذي يعد ضربة حقيقية لعملية التسوية.
على صعيد آخر, جاء الرد الروسي على موضوع شرعية الرئيس الأسد واضحاً, عبر الاعلان عن مكالمة هاتفية مطولة جمعت الرئيس الأسد بالرئيس بوتين. المحور الروسي فضل استثمار أزمة المعارضة السورية و حلفاءها بالمضي قدما في عقد ترتيبات عقد جنيف 2 من جهة و استضافة الوفود من الطرفين الحكومة و المعارضة من اجل الوصول الى نقطة انطلاق التسوية. بهذا يصر المحور الروسي على الظهور بمظهر الطرف الراغب بالتسوية في مواجهة الأطراف المعطلة للحل. الأمر لم يقف عند حدود التسوية في سوريا, فالسيد حسن نصر الله أشار بوضوح في خطابه الأخير الى أن المعطل الرئيس للتسويات في المنطقة هي اسرائيل و التي وصفها بأنها تصاب بحالة من الذعر عندما يتم الحديث عن السلام.
بين سياسات الولايات المتحدة و الموقف السعودي المتشدد تظهر الأزمة الداخلية لحلف محور ما كان يسمى يوماً بمحور “الاعتدال”. مصر قررت تنويع خياراتها عبر الانفتاح على موسكو مما يعني تعميق أزمة الدول الأخرى في هذا الحلف بحكم ان مصر هي القاعدة الرئيسية لهذا المحور. الأردن, لاعب رئيسي آخر في هذا المحور, قد يكون على موعد تحديات حقيقية نظراً لعدم قدرة الأردن على انتهاج سياسة تشدد توازي النهج السعودي الحالي, و في نفس الوقت صعوبة التعامل مع البرود الأمريكي تجاه دول محور أصدقاء الولايات المتحدة, مما يعني أن الأردن قد يضطر للتعامل مع ملفات الأزمة و انعكاساتها على داخله, بدءً من الأزمة الاقتصادية و صولاً الى أزمة الاصلاح السياسي و الذي يعني عودة موضوع الاصلاحات السياسية الى رأس الأولويات دون اغفال بلا شك أولوية مكافحة الارهاب الناتج عن تداعيات الأزمة في سوريا و الاقليم. اذاً الأردن بحاجة الى انتهاج سياسة متوازنة بين دوره القادم حيث ان مواجهة الارهاب الاقليمي ترشح بوابة الحدود الأردنية السورية لتكون بوابة المواجهة الرئيسية, لكن في الوقت نفسه الأردن معني تماماً بانجاز اصلاحات سياسية تهيأ المناخات لولادة مشروع ديمقراطي وطني أردني يشكل الضمانة الرئيسية للأردن في مواجهة التداعيات القادمة.
من أنتم- عضو فعال
-
عدد المساهمات : 2198
نقاط : 4987
تاريخ التسجيل : 04/06/2013
مواضيع مماثلة
» فلسطين.. ماذا تبقى منها؟ ياااااااا عرب
» أكذوبة الاعتدال الأميركي
» عندما أصبح الأميركيون حماة الاعتدال والأقليات في الشرق
» من التهجير الى يوم النكبه تبقى العوده الى فلسطين حق
» تبقى الاسود اسود و الكلاب كلاب
» أكذوبة الاعتدال الأميركي
» عندما أصبح الأميركيون حماة الاعتدال والأقليات في الشرق
» من التهجير الى يوم النكبه تبقى العوده الى فلسطين حق
» تبقى الاسود اسود و الكلاب كلاب
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الثلاثاء نوفمبر 26, 2024 12:48 am من طرف larbi
» بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ترحب بإعلان النتائج الأولية للانتخابات البلدية
الإثنين نوفمبر 25, 2024 10:47 am من طرف larbi
» مراسل التلفزوين العربي: 4 ملايين إسرائيلي يدخلون الملاجئ وحيفا تتحول لمدينة أشباح
الأحد نوفمبر 24, 2024 10:23 pm من طرف larbi
» يوم كئيب في تل أبيب» حزب الله يقصف إسرائيل 5 مرات متوالية و4 ملايين في الملاجئ.
الأحد نوفمبر 24, 2024 10:14 pm من طرف larbi
» عصبة العز وثلة الهوان
الأحد نوفمبر 24, 2024 6:40 pm من طرف عبد الله ضراب
» الاهبل محمد بن سلمان يحاصر الكعبة الشريفة بالدسكوهات و الملاهي الليلية
السبت نوفمبر 23, 2024 9:34 pm من طرف larbi
» نكبة بلد المشاعر
السبت نوفمبر 23, 2024 4:41 pm من طرف عبد الله ضراب
» صلاح الدين الايوبي
الخميس نوفمبر 21, 2024 10:36 pm من طرف larbi
» جنائية الدولية تصدر أمري اعتقال ضد نتنياهو وغالانت
الخميس نوفمبر 21, 2024 4:06 pm من طرف larbi
» الى فرسان اليمن
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:52 pm من طرف larbi