لبنان بصدد إعلان حالة طوارئ وإرسال اللاجئين السوريين إلى مخيّمات داخل بلادهم

بولا أسطيح

سابق لبنان الرسمي الموعد الذي حدده الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لمؤتمر “جنيف 2″ في منتصف الشهر المقبل لإدراج بند اللاجئين السوريين لديه والذين تخطى عددُهم الإجمالي المليون و200 ألف، بندًا أساسيًا على جدول أعمال مؤتمر السلام الدولي، يقول بوجوب ترحيل القسم الأكبر من هؤلاء اللاجئين إلى مخيّمات في الداخل السوري.
رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي أعلنها رسميا قائلا: “نبحث مع الامم المتحدة سبل اقامة مخيمات للنازحين داخل الاراضي السورية”، سبقه باعلان ذلك وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور الذي يمثل الحزب التقدمي الاشتراكي في الحكومة والذي لطالما كان في المرحلة الماضية الرافض الابرز للحد من النزوح السوري أو لوضع الضوابط على اللاجئين… تصدّر ميقاتي وأبو فاعور اليوم للحملة نفسها التي كان “التيار الوطني الحر”، الذي وُصف حينها بالعنصري، أول من انطلق بها قبل حوالي العام داعيا لوقف استقبال النازحين، دليل واضح أن الأمور وصلت لحافة الانهيار واللاعودة وأن الدولة بكل أجهزتها بصدد اعلان حالة طوارئ لمواجهة تداعيات موجة النزوح التي غطت البلاد بأسرها.
“نحن نعيش أصلا في حالة طوارئ غير معلنة”، هذا ما أكّدته مصادر مطلعة على الملف متحدثة عن مساع جدية وحثيثة غير مسبوقة باتجاه المجتمع الدولي لوضع حد لعملية النزوح السوري التي باتت تهدد الكيان اللبناني بعدما هددت استقراره واقتصاده وبنيته الاجتماعية.
هو رئيس الجمهورية ميشال سليمان في جولاته المكوكية، كما رئيس حكومة تصريف الاعمال ووزير الشؤون الاجتماعية، الشخصيات الثلاث التي تقود هذا الملف وتدفع به الى طاولة جنيف 2 المرتقبة في منتصف شهر كانون الاول المقبل… أما الاسباب الموجبة التي تطرحها الدولة اللبنانية، فالتضخم غير المسبوق في أعداد اللاجئين السوريين والذي ينعكس مباشرة تضخما على صعيد سكان لبنان الذي يستضيف أيضا ما لا يقل عن 500 الف لاجئ فلسطيني.
أما السبب الآخر فعدم قدرة الدولة على ضبط أمنها بعد ولوج السوريين الى مختلف المناطق اللبنانية دون استثناء وتأثيرهم المباشر على الدورة الاقتصادية اللبنانية، ما يهدد وبحسب “الأسكوا” بانحدار 170 ألف لبناني تحت خط الفقر.
استحداث مخيمات في الداخل السوري، خطوة يطمح اليها النظام السوري منذ فترة لاعتباره أنّها تؤكد استعادة السيطرة على الارض وقدرته على ادارة المرحلة المقبلة. هو يضع الخطط في هذا الاطار ويسعى لتنفيذ ولو جزء صغير منها قبل انعقاد “جنيف 2″ ليحمل ورقة اضافية تدعم شروطه دوليا، لكن انشغاله في المعارك المحتدمة في ريف دمشق ومنطقة القلمون والتي سيعمل على حسم القسم الأكبر منها في الايام التي تفصلنا عن منتصف الشهر المقبل، تؤخر مراحل تنفيذ مخيمات الداخل “الآتية لا محال”، بحسب المصادر.
ويعي المعنيون تماما أن ترحيل اللاجئين من لبنان لن يكون بالأمر السهل، لذلك يسعون مع المجتمع الدولي لأن تتوزع المخيمات الداخلية على مناطق المعارضة والنظام على حد سواء، فلا يجد اللاجئون عذرا بعدم العودة خوفا على أمنهم.. فيعود الموالون الى مناطق النظام والمعارضون الى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
ولا يلقى الطرح اللبناني بوجوب ترحيل قسم من اللاجئين الى مخيمات في الداخل السوري شجبا أو استنكارا دوليا لاقتناع الجهات الخارجية بعدم قدرة لبنان على تأمين حد ادنى من احتياجات هؤلاء اللاجئين، لكن الحجج الدولية وراء “وجوب الانتظار قبل الاقدام على اي خطوة من هذا النوع، هو التخوف على أمن النازحين الذي يبقى أولوية للمجتمع الدولي”.
ولا تستبعد المصادر في حال لم تلق النداءات اللبنانية في هذا المجال آذانا صاغية في جنيف 2 أن يتم الاستعاضة عنها بمخيمات تقام على الحدود اللبنانية لاستيعاب اللاجئين الذين قد يتوافدون في الايام والاشهر المقبلة وخاصة مع احتدام معارك القلمون وتوقع نزوح ما لا يقل عن 50 ألفا من هذه المنطقة وحدها”.