معركة القلمون تأخرت اشهرا بضغط دولي لمنع انعكاساتها على لبنان

كمال ذبيان

سعت الدول الكبرى الى تجنب حصول معركة القلمون لما لها من انعكاسات خطيرة على الوضع اللبناني لتداخلها مع بلدات قريبة منها عند الحدود اللبنانية السورية كعرسال والقاع ورأس بعلبك وغيرها من القرى المتاخمة اضافة الى ما قد تثيره من صراع طائفي ومذهبي بسبب التنوع الديني في منطقة البقاع الشمالي والهرمل وصولا الى بعلبك.
وتقول مصادر حليفة لسوريا، ان سفراء دول وموفدين دوليين وممثلين للامم المتحدة ابلغوا اركان الدولة اللبنانية ان محاولات تبذل مع النظام السوري كما مع المعارضة السورية لتجنيب لبنان تداعيات معركة القلمون التي يرى النظام السوري انه لا بدّ من حصولها لاقفال احد المعابر الرئيسية لتهريب السلاح وتدفق المسلحين من الحدود الشرقية للبنان مع سوريا والتي تمتد على مسافة اكثر من 60 كلم من مشاريع القاع شمالا الى الزبداني جنوبيا.
وكان متوقعا لمعركة القلمون ان تحصل بعد الانتهاء من العملية العسكرية في القصير بريف حمص والتي اعتبرت استراتيجية بالنسبة للجيش السوري والذي شاركه بالقتال فيها «حزب الله» وفق ما تقول المصادر السياسية الحليفة لسوريا والتي تشير الى ان ضغوطا ديبلوماسية لا سيما روسية طلبت من النظام السوري جاء معركة القلمون على اهميتها الاستراتيجية وهو ما دفع بالسفير الروسي في لبنان الكسندر زسبكين الى ابلاغ المسؤولين اللبنانيين ان لا معركة في القلمون وان لبنان سيكون بمنأى عن تداعياتها اذا ما حصلت وان الدول الكبرى الحريصة على الاستقرار ترى في تجنب معركة عند السلسلة الشرقية للبنان مصلحة كبرى له ولا سيما ان اطرافا لبنانية ستشارك فيها من «حزب الله» الذي خاض مقاتلوه معارك في القصير وكانت لها تداعيات على الداخل اللبناني من خلال قصف الضاحية الجنوبية وارسال سيارتين مفخختين الى بئر العيد والرويس انفجرتا واوقعتا ضحايا ودمارا وقد بينت التحقيقات ان تفخيخهما حصل في عرسال والقلمون وان اشخاصا من عرسال منتمين الى «جبهة النصرة» متورطون في التفجيرين.
ويبدو ان ما كانت تعمل له بعض الدول ولا سيما روسيا لتجنب معركة القلمون، وقيام النظام بالتقدم نحو الغوطة الشرقية في ريف دمشق واحراز انجازات عسكرية فيها، قد غيّر من قواعد اللعبة، وفق ما تقول المصادر التي ترى في فتح معركة القلمون مع بدء فصل الشتاء وتأثيره عليها في منطقة جبلية تتساقط فيها الثلوج، فانما مرتبط بانعقاد مؤتمر جنيف ـ2 الذي بات حصوله ضرورة دولية، لتقديم الحل السياسي الذي رسمت خارطة الطريق له في جنيف ـ1، وترى موسكو ان سبب تأخيره يعود الى ان دولاً لا تريد ان تذهب اليه وهي في موقع الخاسر والمفاوض الضعيف، وان تأجيله منذ حزيران 2012 كان من اجل ان تحرز المعارضة المسلحة تقدماً ميدانيا وتحاصر النظام في دمشق او تسقطه فيها وتفرض عليه الاستسلام، انما ما حصل ان النظام وبعد ان انهى موضوع استخدام السلاح الكيميائي، تقدم باتجاه حلب عسكرياً، واسقط مواقع عسكرية استراتيجية كانت مع المعارضة مثل السفيرة. وهو ما اعطاه ورقة قوة بوجه المسلحين المتقاتلين فيما بينهم على النفوذ والسيطرة، اضافة الى ان ضباطاً وعناصر من «الجيش السوري الحر» بدأوا يعودون الى الجيش النظامي مع عمليات القتل والخطف التي تعرضوا لها على يد «جبهة النصرة» و«داعش».
وامام التقدم الميداني للجيش السوري، كان لا بدّ من العودة الى فتح معركة القلمون التي ستكون خاتمتها لصالح النظام السوري، وهو ووفق تقديرات المسؤولين الروس. فهي ستعجل في انعقاد مؤتمر جنيف ـ2 ، كي لا تخسر المعارضة كل شيء، وان اعلان موعد منتصف كانون الاول لافتتاح المؤتمر، من قبل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وبمن حضر من اطراف المعارضة التي تحاورها موسكو، وقد وافق بعضها على حضور المؤتمر، وهو سيكون بمثابة امتحان للدول الداعمة للمعارضة لحثها على الالتحاق به، بعد ان بات الميدن هو الذي سيحسم اتجاه الحل، وهو ما يخسر فتح معركة القلمون..