هل ينجح الجيش السوري في حسم معركة الغوطتين قبل جنيف2؟

أنطوان الحايك
لا يعرب زوار العاصمة السورية عن كبير أملهم بما يمكن أن تؤول اليه الأزمة السورية بعد جنيف 2، لا سيما أن هناك من يسعى من خارج التركيبة الراهنة لافشاله وتفريغه من مضمونه في حال فشلهم في تغيير الموعد وترحيله إلى موعد الانتخابات الرئاسية السورية المفترضة دستورياً في أيار المقبل، وبالتالي الضغط باتجاه حكومة انتقالية بعيداً عن الرئيس السوري بشار الأسد وبعد أن تكون الدول المعنية بالأزمة السورية قد أعادت تموضعها وفق متطلبات المرحلة التي يبدو أنها ستكون حصيلة نهائية لسلسلة التحولات العاصفة بالمنطقة في ظل قرارات كبيرة متخذة سلفاً ولم تعلن حتى الساعة مع أنها سلكت طريقها إلى حيز التنفيذ.
للنظام السوري حساباته المتصلة بهذه القرارات، بيد أنه يؤكد أن جنيف 2 سيتحول إلى مؤتمر عام لمكافحة الارهاب، باعتبار أن الأسباب الرئيسية التي تقف في وجه الحلول السياسية المطلوبة لسوريا تكمن في الارهاب وسياسات الارهابيين المستوحات من خارج الحدود، وبالتالي فإنه لا يستبعد أن يحصل على تفويض دولي بشن حرب من نوع آخر على المنظمات الارهابية التي تعدت أخطارها منطقة الشرق الأوسط لتحط رحالها على أبواب القارة العجوز، من خلال النافذة التركية المفتوحة على الاحتمالات كافة بعد أن تحولت إلى مصدر للرياح الارهابية العربية والإخوانية اذا ما جاز التعبير.
ويشير هؤلاء الزوار إلى أن الجيش السوري يبني استراتيجيته في هذه المرحلة على أساس واقع من اثنين، عمر محدود للأزمة لا يتعدى الستة أشهر، وإلا فأنها مستمرة إلى سنوات اذا لم يكن آجال طويلة، وذلك بعد دخول لبنان في قلب الأزمة، ولذلك فهي تعطي الأولوية المطلقة لانهاء الوضع في الغوطة الشرقية باعتبارها الأخطر على العاصمة لاتصالها المباشر بالحدود الأردنية، وهذا ما يبرر عمل المسلحين على فك الحصار ومن بعدها تركيز الجيش على اعادة الوضع إلى أفضل مما كان عليه لجهة تعزيز التحصينات وتشديد المراقبة وتفعيل عمل أجهزة الاستخبارات على هذه الجبهة.
من جهة ثانية، يتوقف هؤلاء عند الوضع الميداني في منطقة القلمون التي خطى تحريرها خطوات ثابتة إلى الأمام ساعد الطقس والثلوج على بلورتها بعد أن اقفل طرق الإمداد طبيعياً وكشف ما تبقى منها أمام طائرات الرصد بدون طيار التي حسمت إلى حد بعبد أجزاء كبيرة وهامة من معركة النبك لمصلحة الجيش، بيد أن تقديرات الزوار ترجح أن ينهي الجيش معركة القلمون واقفال طرق الإمداد عبر الغوطة الشرقية المتصلة بالأردن بشكل كامل قبل موعد المؤتمر تمهيداً لحصر النقاش داخله على نقطة واحدة ووحيدة وهي كيفية العمل للقضاء على الإرهابيين والحد من مخاطر انتشارهم باتجاه الدول المجاورة خصوصاً لبنان الذي تعتبره سوريا حديقتها الخلفية وخاصرتها الرخوة.
إلى ذلك تتوقف الأوساط عند المستجدات السياسية التي تتحكم بمسار المؤتمر، خصوصاً بعد التسريبات عن اعطاء مهلة اضافية للملكة العربية السعودية واسرائيل لتعديل المشهد في سوريا والدفع باتجاه تغيير المشهد السياسي من خلال الميدان، فتشير إلى أن الورقة السورية انتقلت بشكل شبه كامل إلى ايران التي تعمل على انهاء الدور السعودي من خلال محاصرتها في زاويتين عسكرية وسياسية، الأولى من خلال منع جماعاتها في سوريا من تحقيق أي مكسب عسكري مهما كلف الأمر، والثاني عبر فتح قنوات اتصال سياسية واقتصادية مع دول الخليج العربي وتحييدها عن الصراع السعودي اليمني الذي ينذر بادخال جنوب المملكة بدوامة جديدة من العنف.