«جنيف السوري» يُهدّد «جنيف الإيراني» بالفشل

شكّل الاتّفاق المرحلي حول برنامج إيران النووي بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومجموعة الـ(5+1)، الشهر الماضي بشيرَ أملٍ لحلّ هذه المعضلة المستمرّة منذ العام 2002.
وعلى رغم الترحيب الدولي الواسع الذي حظيت به المصالحة المرحلية بين طهران والعواصم الغربية، فإنّ معوقات كثيرة لا تزال تحول دون ترجمة بنودها على ارض الواقع، لأنّ التباعد في الرؤى حول ملفّات أُخرى كان واضحاً بين الأطراف، خصوصاً في الملف السوري، إذ إنّ الجانب الفرنسي قد حاول منذ الإعلان عن التوافق ربطه بالأزمة السورية، في الوقت الذي سعت روسيا الى الفصل بين هذين الملفّين تسهيلاً لمعالجتهما بالطرق الديبلوماسية والسياسية.
وعلى أكثر من محور تجري التحضيرات لعقد مؤتمر جنيف في 22 كانون الثاني المقبل، ولهذا الغرض يلتقي أركان الديبلوماسية الروسية والأميركية مع المبعوث العربي ـ الدولي الاخضر الإبراهيمي في جنيف الأسبوع المقبل، بالتزامن مع اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب لتظهير بعض جوانب الصورة النهائية للمؤتمر.
لكنّ أوساط الخارجية الروسية تبدي قلقها حيال نجاحه، إذ إنّ عدداً من اللاعبين الخارجيين على مسرح الأزمة السورية لا يزالون يحاولون ربط الإتفاق النووي الايراني بهذه الأزمة، وذلك في محاولة للضغط على إيران من خلال الحدّ من دعمها للنظام السوري مقابل تسهيلات لإيجاد حلول للعقوبات الأحادية المفروضة عليها.
وتشير هذه الأوساط الروسية الى انّ بعض الأطراف الغربية حاولت استثمار تقرير اللجان الدولية التي عملت على تحديد استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، في خطوة تشير الى نيّة في انتهاج سياسية العصا والجزرة تجاه طهران.
وبحسب الأوساط نفسها فإنّ هذه المحاولات لن تنجح، بل إنّها ستزيد من التعقيدات على طاولة “جنيف ـ 2″، في ظلّ التقدّم الحاصل في المفاوضات حول مشاركة أطياف المعارضة السورية كافة وخصوصاً مع الائتلاف الوطني السوري المعارض، علماً أنّ هذا الائتلاف يواجه عقبات كثيرة حيال مشاركته في جنيف نظراً إلى عدم وجود رؤية محدّدة لدى كافة مكوّناته حول الأزمة، ولعلّ هذا ما دفع بوزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الى إبداء تشاؤمه حيال الوضع في سوريا وشكوكه بنجاح مؤتمر “جنيف ـ 2″ .
وتكشف الاوساط أنّ من المقرّر أن يزور وفد من الائتلاف موسكو للبحث في الترتيبات الجارية لجدول أعمال المؤتمر، لكنّ الموعد النهائي لهذه الزيارة لم يحدّد حتى الآن. وفي هذا الشأن لا تنفي الأوساط الدور المهم الذي يلعبه الجانب الاميركي في إقناع المعارضة الخارجية بضرورة وأهمّية المشاركة في اجتماعات جنيف المخصّصة لإيجاد حلول سياسية للأزمة السورية.
وتؤكّد الأوساط الروسية أنّ موسكو ترفض الربط بين ملفّ إيران النووي والأزمة السورية، لأنّ كلّ المؤشرات تدلّ الى تطوّر إيجابي في العلاقات بين ايران والوكالة الدولية للطاقة الذرّية، وذلك بعد الاتفاق الذي توصّلت اليه طهران مع المجموعة الدولية، الأمر الذي ينعكس بدوره إيجاباً على نجاح فرص حلّ أزمة إيران النووية، ما سيؤدّي لاحقاً الى تذليل عدد كبير من العقبات التي تحول دون تقريب وجهات النظر بين الأطراف الخارجية المعنية بالأزمة السورية، ولا سيّما منها الإقليمية.
وعلى الرغم من أنّ الحذر يلقي بظلاله على كلّ المواقف الدولية المتعلقة بمؤتمر جنيف، فإنّ الدبلوماسية الروسية لا تزال تعوّل على قدرة اللاعبين الخارجيين في التوصّل الى رسم المعالم الأولى لخارطة طريق للأزمة السورية في جنيف.
وانطلاقاً من ذلك يأتي حرص موسكو على مشاركة ايران والسعودية في لقاءات جنيف في اعتبار أنّهما لاعبان أساسيان، ليس على المستوى السياسي فحسب، بل إنّهما يتمتّعان بقدرة عالية في التأثير على أطراف النزاع ميدانيّاً، الأمر الذي من شأنه أن يزيل عدداً كبيراً من المطبّات التي تواجه مؤتمر “جنيف ـ 2″ ، لأنّ عدم نجاح “جنيف السوري” قد يشكّل تهديداً بالفشل لـ”جنيف الإيراني”.