هل سيتخلى الروس عن الأسد في جنيف 2 ؟

أرمان ليجان
هل حقا ما قاله لافروف يعكس الرؤية الأمريكية أو الانصياع الروسي وأخيرا للقيادة الأمريكية وما تريده هي وما يدعى بأصدقاء سورية، هل أدركت روسيا حقا أنه ليس لها قدرة على مجاراة السياسة الحكيمة الأمريكية، فقال لافروف وأخيرا أنه مع تطبيق بنود جنيفي واحد في جنيف 2.
لا أعتقد أن روسيا وحلفاؤها السوريون والإيرانيون قد تنازلوا لأمريكا، إلا إن كان لافروف هو أنور السادات الذي قدم تنازلات بينما كان منتصرا على الأرض، هل أن روسيا تتخلى عن الحكومة السورية والرئيس بشار الأسد وتطالب بتشكيل هيئة حكم انتقالي بدون وجود القيادة السورية وعلى رأسها الرئيس السوري، يعني أن الجربا وأمثاله هم من سيقودون الحكومة المستقبلية جيشا وأمنا، فهل روسيا ستكون من السذاجة بأن تعتقد أن هؤلاء الأركوزات التابعون لأمريكا سيكونون أحرار في إدامة العلاقات مع روسيا وضمان مصالحها أم أنهم أتباع لأمريكا، وأنهم لن يتحركوا بدون مشورتها.
إذن لماذا تلك التحليلات التي تقول بأن روسيا قد تنازلت لأمريكا، حسن لنتابع جدول الأحداث السابقة ونرى من هو المنتصر على الأرض، سوريا وحلفاؤها الروس والإيرانيون أم أمريكا وأتباعها العربان الوهابيون وأركوزاتها الإتلافيون:
ضمن ما أعطي بندر بن بوش من فرصة قبل جنيف 2 لإحراز تقدم على الأرض هل حقق ما يراد:
-فشل ما يسمى معركة القلمون وانهيار السيناريو المعد لقطع شرايين العاصمة دمشق وحصار دمشق:
* انهيار الارهابيين في صدد ومهين.
* ثم انهيارهم في قارة والنبك ودير عطية بشكل سريع وغير متوقع ومحاصرتهم في يبرود.
* اخفاق ما يسمى فك الحصار عن الغوطة، وموت أكثر من ثلاثة آلآف مهاجم من داعش وجبهة النصرة مستقدمين من داخل الغوطة وخارجها من الأردن وعدم قدرتهم على استعادة العتيبة.
* انهيار معنويات المقاتلين الإرهابيين في كل من المعضمية وبرزة وتسليمهم بالراية البيضاء.
* محاصرة ما تبقى من إرهابيين في مخيم اليرموك ويلدا وببيلا والحجر الأسود.
-انهيار العديد من معاقل المعارضة في حلب واستعادة السيطرة على العديد من النقاط في حلب.
-اختفاء ما يسمى الجيش الحر وفرار جميع قياداته عن الواجهة وإظهار الوجه الحقيقي للمقاتلين على الأرض، ألا وهم جبهة النصرة وداعش و الجبهة الإسلامية وكلها تفرعات للقاعدة وتنتهج جميعها التيار الوهابي وتدعم من السعودية أو قطر، وهذا يعني أن ما كان سابقا من مطالب حرية وديمقراطية قد نزع الغطاء عنها وكشف الوجه الحقيقي لما سمي ثورة، وهذا لايحصل إلا في حال فشل المخطط.
- بدء القتال بين عناصر داعش ضد كل من جبهة النصرة والجبهة الإسلامية في العديد من المدن والمناطق السورية، وهذا مؤشر على انهيار تلك الجبهة المقاتلة ضد الدولة السورية وتفرق داعميها واختلافهم وانهيار المخطط الذي كان يستهدف الدولة السورية.
-اعتراف داعش بأنها هي من كان يسيطر على حلب وليس ما يسمى الجيش الحر، وذلك من خلال تهديدها بانسحابها من جميع النقاط في حلب وتركها جميع أماكن قتال الدولة السورية، وهذا يعني أنه لم يكن هناك شعب سوري يقاتل نظامه بل هناك مرتزقة خوارج قدموا لهدف لهم وخدمة لدول مثل أمريكا والصهيونية وتركيا ودول العربان النفطية، إن علموا بذلك أم لم يعلموا. وهذا ما دعا كيري للتركيز على وقف النار في حلب لأنه إن انسحبت داعش فإن حلب باتت في قبضة الجيش السوري ولم يعد لكيري ما يفاوض عليه.
قبل الإجابة على نقطة موافقة روسيا على تطبيق قرارت جنيف 1 في جنيف 2 لابد أن نراجع بعض فقرات جنيف 1 وخاصة الفقرة المتعلقة بهيئة الحكم الانتقالي وهي كالتالي:
-تشكيل جسم حكومي انتقالي، يمكنه أن يخلق جواً حيادياً يمكن فيه للعملية الانتقالية أن تجري، وهذا يعني أن الحكومة الانتقالية ستتمتع بكامل سلطتها التنفيذية، ويمكن أن تتضمن أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة ومجموعات أخرى، وينبغي أن تشكّل على أساس من التوافق المتبادل.
-الشعب السوري هو الذي سيحدد مستقبل بلاده، وعلى كل المجموعات وشرائح المجتمع في سوريا أن تتمكن من المشاركة في عملية حوار وطني، يجب أن يكون ليس فقط شاملاً بل أيضاً مجديا.
-إن النزاع في سوريا ينتهي فقط عندما يطمئن كل الأطراف بوجود طريقة سلمية نحو مستقبل مشترك للجميع في سوريا، وبالتالي من الضروري أن توفرّ أية تسوية خطوات واضحة وغير قابلة للإلغاء في العملية الانتقالية وفقاً لإطار زمني محدّد.
هل ذكر في كل تلك الفقرات أنه ليس هناك دور للرئيس بشار الأسد فيها، بل إن الحكومة الانتقالية تتمتع بسلطتها التنفيذية الكاملة، أي سلطتها وصلاحيتها وفق الدستور وليس صلاحيات رئيس الجمهورية، ولم يذكر في هذه الفقرة هل يحق أم لا يحق للرئيس أن يترشح إنما يقرر الشعب السوري ذلك.
إذن لماذا قالت روسيا بتطبيق قرارات جنيف 1 في جنيف 2واتفقت مع أمريكا على ذلك وقال لافروف بعض العبارات التي تجامل الأمريكي؟ أعتقد أن القصة تتعلق بالأمريكي فبعد أن أرسل الجربا رسالة بأنه موافق على حضور جنيف 2 يبدو أن العديد من أعضاء الإتلاف المختلفي الأهواء تبعا للدول الممولة والمشغلة قد اختلفوا وزاد شقاقهم قبيل مؤتمر جنيف2 وهددوا بالاستقالة وهذا ما سيسئ للموقف الأمريكي، لذلك أرادت أمريكا أن تبقي على جسد الإتلاف لأنه بدونه لايوجد مفاوض تستخدمه أمريكا في التفاوض، فطالبت مريدي الانسحاب من الإتلاف بالتريث ودعتهم إلى باريس ودعت الدول التي تدعمهم ثم طلبت من الجربا بأن يقول أنه لا يوجد للرئيس السوري دور في المرحلة المقبلة، وذلك للملمة شمل هذا المزق المسمى الإتلاف ولمراضاته ومحاباته حتى يصبح في جنيف وهذا ما كان بين لافروف وكيري من اتفاق لجر هؤلاء الشراذم إلى المؤتمر، وعندما يحضرون ويدخلون المؤتمر لن يكون من السهولة لهم الانسحاب بل سيحرجون وسيضطرون إلى قبول ما كان تحت الطاولة بين أمريكا وروسيا.
يمكن تشبيه ما تعمله أمريكا مع أعضاء الإتلاف بما يفعله الكبير مع الصغير من مسايرة لجعله يفعل ما يريد مثل أن يقول سأعطيك ما تريد ولكن نفذ ما أقول يا شطور، والأيام ستظهر إن كان ما رويناه صحيحا أم لا.