الازمة الداخلية للاتحاد الاوروبي تتواصل وبريطانيا تهدد بالانسحاب

أعلن قادة البرلمان الاوروبي ان قواعد حرية الحركة للناس يجب ان تخضع للمحادثات، واوضحوا أن محاولات ادخال تعديلات اساسية سيتم احباطها.
جريدة Guardian علقت على ذلك بالقول بأن هذا الامر يشكل خطوة اضافية ضد محاولات بريطانيا لوقف الهجرة داخل الاتحاد الاوروبي، بحجة التخوف من انه بعد سقوط تقييدات العمل فإن بريطانيا ستغرق بموجة من البلغار والرومانيين الباحثين عن العمل.
ورداً على دعوات السياسيين البريطانيين لادخال تعديلات على اتفاقيات الاتحاد الاوروبي وإعادة صياغة احد الاسس المبدئية لتلك الاتفاقيات، أعلن رئيس البرلمان الاوروبي مارتين شولتس انه بالرغم من انه يتقبل “بجدية كبيرة” طلبات بريطانيا لاجراء اصلاح في الاتحاد الاوروبي، فإنه لا يمكن مجرد السؤال عن ان البرلمان الاوروبي يمكن أن يوافق على اجراء تغيير في حرية الحركة. ومن جهتها فإن فيفيان ريدينغ مفوضة العدل الاوروبية اتهمت السياسيين البريطانيين بالشعبوية الهادفة الى الحصول على الاصوات الانتخابية.
وقال شولتس انه يرغب في الاطلاع على برنامج رئيس الوزراء البريطاني دايفيد كاميرون لاصلاح الاتحاد الاوروبي، وعبّر عن دعمه لبقاء بريطانيا في الاتحاد، ولكنه أضاف:”اننا نختلف فيما يلي، فأنا اريد أن توضح بريطانيا مطالبها المتعلقة بإجراء الاصلاح في الاتحاد الاوروبي، لا أن تقف وهي تمسك بيدها باب الخروج”. وأكد “ان النقاش حول حرية الحركة يجري ليس فقط في بريطانيا، بل وفي بلدان عديدة اخرى اعضاء في الاتحاد. ومبدأ حرية حركة الناس هو أحد أكبر نجاحات الاتحاد الاوروبي، وهو مبدأ اساسي له ولا يخضع للبحث”. واضاف ان مثل هذا التعديل في الاتفاق يتطلب موافقة اجماعية ومصادقة من قبل جميع الدول الاعضاء. وان مثل هذا التعديل لا بد ان يطرح امام البرلمان الاوروبي، حيث من شبه المؤكد انه سيجري ايقافه.
واعلن ادوارد ماكميلان ـ سكوت، احد نواب رئيس البرلمان الاوروبي، ان التعديل المحتمل في مبادئ حرية الحركة لا يمكن ابداً أن يمر في مجلس وزراء الاتحاد ولا في البرلمان الاوروبي. وقال:”في عالم متجه نحو العولمة، ان يعمد الاتحاد الاوروبي لاعادة النظر في مبادئه الاساسية والتأسيسية حول الاسواق المفتوحة والحدود المفتوحة يعني ان يقوم الاتحاد نفسه بالاضرار بنفسه”.
وقد انطلقت الشرارات بين بروكسل ولندن في نهاية الاسبوع الماضي، حينما اعلنت مفوضة العدل الاوروبية فيفيان ريدينغ ان الوزراء البريطانيين يغذون المخاوف حول الهجرة داخل الاتحاد الاوروبي، من أجل صرف انظار الناخبين عن المشكلات الحقيقية، التي تواجهها بريطانيا. وحسب تعبيرها انه “ببساطة ليس من الصحيح” انه يوجد زحف من الاجانب، الذين يسرقون اماكن العمل ويستنزفون انظمة الضمانات الاجتماعية والصحية.
واعلنت ريدينغ ان الجزء الاكبر من المعلومات عن الاتحاد الاوروبي، التي تعرض على الجمهور البريطاني، تقوم على الاساطير، وحذرت القادة السياسيين، من ان استخدام التكتيك الشعبوي لاجل كسب الاصوات “يقوض مستقبل” بريطانيا.
ولهذا السبب فهي طلبت مشاركة السلطات المسؤولة في أن يتم بهدوء توضيح افضل السيناريوهات وأسوأها، كما ان يتم توضيح ما هو ممكن وما هو غير ممكن ان تفعله اوروبا، وماذا تفعل وماذا لا تفعل اوروبا.
وسرعان ما أتى الجواب من لندن، ولكن هذه المرة من حزب “العمال” المعارض. وحسب رأي تشوكا أومونا، وزير شؤون البيزنس في وزارة الظل العمالية، ينبغي ادخال تعديل على أحد المبادئ التأسيسية للاتحاد الاوروبي، وهو مبدأ حرية الحركة، من اجل ايقاف مواطني الاتحاد، الذين يهاجرون الى بريطانيا بحثا عن العمل.
وحسب تعبيره فإن مواطني الاتحاد الاوروبي ذوي الاختصاصات العالية ينبغي ان يمنع عليهم العمل بوظائف ادنى في الجزيرة البريطانية.
واضاف: “ان مؤسسي الاتحاد كانوا قد اخذوا بالاعتبار حرية الحركة للعاملين، وليس حرية الحركة للباحثين عن العمل. وبلا شك انه علينا ان نعمل مع شركائنا الاوروبيين لاجل ايجاد حل لذلك”. “ان ما كان يقصده مؤسسو الاتحاد الاوروبي هو بالدرجة الاولى اولئك الناس الذين لديهم عمل، او الذين لديهم المهارات، كي يبحثوا عن عمل، ان يتحركوا في اطار الاتحاد الاوروبي. والمشكلة التي واجهناها اثناء حكومتنا ايضا، هي ان اناسا ذوي كفاءات عالية بدأوا يصلون من دول اخرى، لانجاز اعمال متدنية الكفاءة هنا”.
اما وزير المالية البريطاني جورج اوزبورن، فقال ان الاتفاقات المتعلقة بكيفية قيادة الاتحاد الاوروبي ليست متلائمة مع الهدف، وان هذه الاتفاقات ينبغي ان تعدل، حسبما نشرت عن لسانه وكالة “رويترز”. واكد من جديد عزم بريطانيا على اعادة التفاوض حول علاقاتها مع الاتحاد.
وفي خطاب له حول الحاجة الى اجراء تغييرات في الاتحاد الاوروبي، اعلن اوزبورن ان الاتحاد اصبح يتخلف وراء الهند والصين، وانه ينبغي ان يتم اصلاحه، اذا كان يراد ايقاف التدهور، حسبما نقلت عنه بي بي سي. وأكد “اننا لا يمكن ان نستمر هكذا”، واعطى مثالا نفقات القارة على الانظمة الاجتماعية ومشكلات القدرة على المزاحمة.
وهدد بأن المحافظة على الوضع الراهن (الستاتيكو) سوف يدفع بريطانيا لاعادة التفكير في عضويتها. وقال “انني أؤمن بأنه ليس من مصلحة احد ان توضع بريطانيا امام الخيار: ان تنضم الى منطقة اليورو، او ان تنسحب من الاتحاد الاوروبي”. وحسب تعبيره ان حقوق البلدان غير الاعضاء في منطقة اليورو ينبغي ان تكون محمية قانونيا، حتى لا تكون تلك البلدان مجبرة على مغادرة الاتحاد.
واضاف “نحن لا نريد الانضمام الى منطقة اليورو، اما انسحابنا من اوروبا، التي نجحت في اعادة تشكيلها، فسيكون امراً سيئاً على بريطانيا. كما ان انسحاب بلد بالحجم وبالنفوذ العالمي الذي لبريطانيا سيكون سيئاً جداً للاتحاد الاوروبي”.