إستقالة فورد.. تصحيح مسار أم موقف عدائي تجاه سوريا؟

تقدّم بارز أحرزه الجيش السّوري في منطقة يبرود في ريف دمشق، وفي داريا وخان الشّيخ ومزارعها وفي محيط معلولا ودوما، قد يكون وضع الدّول الأجنبيّة التي ساهمت في إشعال الصّراعات الدّاخلية في البلاد على خطّ النّار وبموقف قلق مزمن. وبعد إنعقاد الجولة الأولى من مؤتمر “جنيف 2″، بدأت تنقشع على العيان مواقف ومبادرات “تصحيح مسار” لسياسات دول عدّة كان موقفها صارم ومعادٍ للنظام السّوري.
إعداد ليليان حمزة
ومن أبرز هذه التّحولات بعد الإتّفاقين التركي- الإيراني والفرنسي- البريطاني اللّذين قد يكونا تمهيدًا للقضاء على الإرهاب، كانت المواقف الأميركيّة إزاءَ الازمة السورية من خلال إحتمال إستقالة سفير واشنطن في دمشق “روبرت فورد” من منصبِه وتقاعده نهايةَ شهر شباط الجاري .
غير أن النّاطقة باسم الخارجية الأميركيّة رفضت تأكيد نبأ إستقالة فورد، الذي يعتبر مرشد الإئتلاف السّوري المعارض، أو نفيه. وأشار مسؤول سابق في الخارجية إلى أن سبب تقاعد فورد يعود إلى رفض السّلطات المصريّة تعيينه سفيرًا في القاهرة، فيما أعلنت السّلطات السّوريّة مرارًا وتكرارًا أن السّفير الأميركي غير مرحّب به على الأراضي السّوريّة.
في ظلّ هذه التّكهنات، لم تتّضح إستقالة “روبرت فورد” بعد، بيد أنّ إستقالة دبلوماسي مخضرم كسفير لدى دمشق قد يعكس تحوّلات في العلاقة، وقد تتّضح معالمها في المرحلة المقبلة.
ومن المعروف أن فورد أدّى دورًا فاعلاً وقويًّا في تنظيم صفوف المعارضة السّوريّة، وأسّس المجلس الوطني، وساهم في تكوين الإئتلاف السّوري المعارض، وبفضل حنكته حاول وتمكّن من إقناع جماعات المعارضة للإنضمام إلى المحادثات التي جرت في مدينة “مونترو” السويسريّة الشهر الفائت، إضافةً إلى أنّه مثّل بلاده في الجولة الأولى من محادثات “جنيف 2″.
ويتساءل الكثيرون عن سبب تولّيه مناصبه الهامّة، فقد أتاحت له حنكته الدبلوماسية واضطلاعه الكبير على اللغات الفرصة ليشغل مناصب رفيعة في السّفارات الأميركية في تركيا والجزائر والكاميرون والبحرين والعراق وكان آخرها تعيينه في دمشق عام 2010.
وشاءت الصّدف أن تندلع الأحداث السّوريّة بعد عام من تعيينه سفيرًا لواشنطن في دمشق، إذ أنّه زار مرارًا الأماكن التي تشهد إضطرابات، والتقى عددًا من قادة المحتجين، وإتّهمته السلطات السورية بالعمل على تأجيج العنف في البلاد.
ومن ثمّ، في 24 تشرين الأول من العام 2011 ، أعلنت وزارة الخارجية الأميركيّة سحبه من الأراضي السورية لدواعٍ أمنية.
وعقب ذلك بعامين، وبالتّحديد في آب/ أغسطس من العام 2013 ، رشّحه كيري ليكون سفيرًا لدى مصر، لكن القاهرة أعلنت عدم رغبتها به، إذ أن الرجل معروف بسجّله الأسود وأدواره الخفيّة في تأجيج النّزاعات ، فاستجابت واشنطن لرغبة القاهرة وسحبت القرار.
لذا، أعرب مدير الإستخبارات الأميركيّة، من جهته، الجنرال “جايمس كلابر” أن الإتفاق الكيميائي مع دمشق أضاف المزيد من القوّة للرّئيس السّوري بشار الأسد، معتبرًا في كلمة أمام الكونغرس أنْ لا فرصةَ أمام المعارضة السورية لتنحية الأسد عن الحكم والإطاحة به. كذلك، أبلغ كلابر لجنة المخابرات عن توقّعه بإستمرار حالة الجمود في سوريا لفترة أطول، كون كلّ من النّظام والمعارضة لا يستطيعان تحقيق إنتصار حاسم على حد تعبيره.
تساؤلات عدّة تطرح عن حقيقة هذه الإستقالة.. هل هي بمثابة تسجيل موقف نتيجة الرّفض السّوري والمصري لمنصبه كسفير في بلدانهم؟ وهل هي بمثابة تراجع عن الموقف الذي كانت تتبنّاه واشنطن تجاه الأزمة السّورية ودعمها الكامل للمعارضة المسلّحة.. ها قد باتت الولايات المتّحدة وكذلك الدّول الأوروبيّة تشعر بالخوف والقلق نتيجة تعاظم قوّة التكفيريين الغربيين في سوريا، ومن إمكانيّة عودتهم محمّلين بالخبرات الإرهابيّة لتطبيقها في بلادهم كما فعلوا على الأراضي السّوريّة.. فالهدف الذي يرصده الغرب بشكل عام إمّا القضاء على الإرهابيين أو حصرهم في سوريا فحسب.