من درعا والى درعا تعودون.. منها الإنطلاق وفيها الحسم

حسين طليس
من درعا أنطلقت شرارة الأحداث التي عصفت بسوريا لنحو 3 سنوات، تبدلت خلالها موازين القوى عدة مرات، تحولت الإحتجاجات السلمية الى نزاع مسلح بشكل سريع، تقدمت المجموعات المسلحة تارة، تراجعت وتقدم الجيش السوري تارة أخرى، حوصر النظام سياسياً، ثم عاد يحقق انتصارات ديبلوماسية، قسم العالم الى حلفين يتصارعان على الأرض السورية، أممت الأزمة السورية، وصلت الأمور الى شفير الحرب العالمية بعد تهديد أميركا بالتدخل العسكري، تراجعت اميركا عن قرارها، ثم هدأت الأمور بفعل التسويات، عقد جنيف2 وفشل، وفشل معه الحل السلمي في المدى المنظور، وفي تلك الفترة كان الجيش السوري يعيد بناء قوته، وعاد يتقدم ويحسم على مختلف الجبهات، من حلب الى حمص، الى القلمون وريف دمشق، المعارضة مقطعة الأوصال والخلافات الداخلية تنخر جناحيها العسكري والسياسي، الحكومة السورية تحسم هي الأخرى في الميدان عبر المصالحات، تركيا بدأت تضبط حدودها وتنسحب من الأزمة السورية، الجيش السوري على مشارف المعركة الأخيرة في القلمون وإغلاق الحدود مع لبنان بدأ يتم من يبرود الى تل كلخ، النظام قطع أشواطاً طويلة في التقدم، لا بد من العودة الى درعا، أنباء شبه مؤكدة عن التحضير لمعركة تنطلق من الجنوب عبر درعا للعودة الى دمشق… هل ستكون المعركة الأخيرة ؟ أم العودة الى نقطة الصفر ؟
التقديرات العسكرية تشير الى أن معركة يبرود ستشكل تحولاً كبيراً على الساحة السورية، وسترسم حسماً ميدانياً مدوياً ينعكس إيجاباً لمصلحة الجيش السوري عسكرياً، ومن خلفه الحكومة السورية سياسياً وديبلوماسياً، خاصة وأن الحسم في يبرود يعني حسماً في القلمون التي تشكل امتداداً طويل للحدود السورية اللبنانية وتعتبر رئة للمجموعات المسلحة داخل سوريا تتنفس منها الدعم اللوجستي و العسكري والبشري وخط الإنسحاب الأهم نحو لبنان.
تؤكد مصادر عسكرية أن الجيش السوري على وشك اتمام خطة إغلاق الحدود مع لبنان، وقد أجل هذه الخطة عدة مرات سابقاً لكنه اليوم سائر بإتمامها حتى النهاية، وبات قريباً جداً من ذلك، بعد أن حسم تسلل المجموعات في ريف القصير وبلدات جوسية والنعمات، وقد مد عملياته جنوباً بإتجاه يبرود وباقي مناطق القلمون لإغلاق الحدود مع عرسال، وغرباً بإتجاه تل كلخ وريفها التي تشهد اشتباكات حادة اليوم في بلدة الزارة من أجل اغلاق الحدود السورية مع منطقة عكار. وتضيف المصادر، ان هذه الخطة التي ستشكل ضربة قوية تقسم ظهر المعارضة خاصة في مناطق حمص وريف دمشق وستعجل بسقوط المعارضة المتواجدة في هذه المناطق.
لم ترق الأمور للدول الداعمة للمعارضة المسلحة في سوريا، خاصة وان جنيف2 قد فشل في إيجاد حل سلمي توافقي يحقق لها مصالحها المرجوة في سوريا، يقول مراقبون، وبالتالي فإن التقدم العسكري من شأنه تقوية موقف النظام في أي مباحثات ديبلوماسية مقبلة، كما انه لو أضيف الى التسويات الجارية في سوريا بين المعارضين والحكومة السورية فقد يشكل هذا الأمر خطراً بالغاً على مصير الحرب التي تشنها تلك الدول على سوريا، ومن شأنها تبديد جميع الآمال المعقودة عليها، وعليه قررت أميركا والدول الأوروبية إضافة الى الدول الخليجية الداعمين للمسلحين في سوريا، إيجاد البديل سريعاً لإعادة تقوية المعارضة وفرض وقائع ميدانية جديدة تطيل أمد الحرب في سوريا، وتعيد خلط جميع الأوراق، ومن هنا انبثق القرار، بحسب المصادر، أغلقوا الحدود مع لبنان… سنفتح الحدود الأردنية بإتجاه الداخل السوري (دمشق).
تفيد التقارير الإستخباراتية والتي سرب بعضها في الإعلام، أن أميركا وبعض الدول الأوروبية والخليجية قامت بإنشاء غرفة عمليات في منطقة أردنية قريبة من الحدود مع سوريا، وذلك في سبيل إدارة وتوجيه معركة “تسخين للجبهة الجنوبية” في سياق الرد على تقدم الجيش السوري في القلمون وريف دمشق وحلب، والتعويض عن المعابر التي اغلقت مع لبنان وضاقت مع تركيا، من اجل إدخال السلاح والعتاد الى المقاتلين. من أهداف هذه الخطة، تحويل الأنظار والجهود عن المناطق الإستراتيجية التي يحسم فيها الجيش عسكرياً، وتبديد الإنجازات التي حققها الجيش السوري في كل من الغوطتين الشرقية والغربية وفك الحصار عن المناطق المحاصرة في ريف دمشق، سعياً للملمة بعض الأوراق الميدانية التي تفقدها المعارضة المسلحة واحدة تلو الأخرى.
تقوم هذه المعركة بحسب التقارير، على تسلل آلاف المسلحين الذين تلقوا التدريبات اللازمة على مدى سنة في الأردن الى سوريا، بحيث يتقدمون من الحدود الأردنية بإتجاه الداخل مروراً بدرعا الى مشارف دمشق حيث ستخاض المعارك، بتجهيزات لوجستية وعسكرية ضخمة باتت فعلياً موجودة في الأردن، تتضمن أسلحة نوعية وقد تكون كاسرة للتوازن، وهنا يجري الحديث عن صواريخ أرض –أرض وأرض –جو ، كذلك آليات واسلحة ثقيلة، إضافة الى حديث عن مدرعات، وفي هذا السياق كشفت تقارير صحفية عن وصول طائرة أمريكية تحمل عتاد وأسلحة الى مطار المرفق في الأردن، قادمة لصالح تجهيز هذه القوات المعدّة للمعركة.
ترى مصادر مقربة من النظام السوري، أن هذه الستريبات في هذا الوقت بالذات تصب في خانة الضغط على دمشق ووالحط من معنويات الشعب السوري الذي بدأ يتلمس الإنتصار القادم، وتهدف أيضا الى تشتيت تركيز الجيش السوري على المناطق التي يتقدم بها في مقابل صب الجهود على الإستعداد لمعركة وهمية بسيناريو قديم جديد سبق أن تم التلويح به، كذلك التلويح بدخول أمريكا بشكل مباشر على الميدان السوري قيادة وتخطيط وتسليح وذلك من أجل الفرض على دمشق أن تقدم التنازلات الديبلوماسية لتفادي ذلك. لكن المعلومات العسكرية تفيد أن هذه المعركة (لو صحت التقارير وحدثت) لن تكون سهلة وقد لا تصل الى أهدافها في السيطرة على دمشق و قلب موازين اللعبة، قد تقتصر آثارها وتداعياتها على الجبهة الجنوبية فقط وقد تكون “المعركة الأخيرة” بعد فشلها، التي ستقنع الجميع أن الخيار العسكري لن ينفع في لوي ذراع الجيش السوري والنظام، خاصة لو تمت مقاربة هذه المعركة بالوقائع الميدانية على الأرض، فما هي هذه الوقائع ؟ وأي تجهيزات أعدها الجيش السوري تنتظر هذه )المعركة ؟… (يتبع
الديار