جيش سعودي “إسرائيلي” بديل للجيش السوري!

ماهر العظمة
كثر الحديث عن إنشاء “جيش وطني” بديل للجيش السوري تريده السعودية وحلفاؤها وجهاً “معتدلاً” يسهل التصريح في تقديم الدعم المتعدد الأوجه له من قبل الغرب وشركائه الذين قدّموا كل ما يستطيعون لكل أفّاق جاء لخوض المعركة نيابة عن “إسرائيل” وحلفائها العرب والغربيين. وهذا “الجيش المعتدل” هو المحاولة الأخيرة التي تتوضح صورتها على أنها لن تستطيع الصمود إلا بالتدخل العلني من قبل “إسرائيل” وأعوانها في المعركة.
وقد توضّح أن ما كانت تحضر له السعودية منذ أشهر طويلة، إثر الخيبة التي لفّتها بعد التفاهمات الإيرانية مع الغرب حول ملفها النووي، سيكون الخطة الأكثر إحكاماً وتنظيماً في إخماد نار الحقد السعودية التي تريد الانتقام من سوريا بأي شكل ومهما دفعت من أثمان، ولا بد من شريكها “الإسرائيلي” الذي يلفّه الغبن مثلها. فبدأ السعي المشترك من أجل إنشاء هذا “الجيش” الذي ظهرت صورته “الإسرائيلية” واضحة قبل الإعلان الرسمي عنه.
فبينما كان يتبارى أحمد عيسى الشيخ وأبو عبد الله الحموي وقيادات الجبهة الإسلامية مع جبهة النصرة و”داعش” في الولاء والالتزام بابن تيمية وأيّهم أكثر قرباً وتشدداً، كان يتقدّم جمال معروف ومعه حلفاؤه في “جبهة ثوار سوريا” ليقدم نفسه على أنه الأكثر اعتدالاً واستيعاباً لكل مكونات “الجهاديين” المعتدلين. وفي حين لا يخفي معروف الدعم السعودي له، يحافظ على مسافة مدروسة ومحسوبة جيداً مع التشكيلات الأخرى التي تخبطت في تحالفاتها واشتباكاتها بناء على الدعم الذي تتلقاه من هذه الجهة أو تلك، وخصوصاً البدائل السعودية الكثيرة، كـ”الجبهة الإسلامية” و”جبهة النصرة”، التي تبيّن أنها أوراق تقدّمها لمحرقة تصفية الجو وتنقيته للخلّص من عملائها الذين لا تعوّل إلا على المثريّثين العاملين بهدوء وحنكة منهم، وعلى رأس هؤلاء جمال معروف.
ففي حين أحاط الإعلام السعودي زهران علوش بهالة إعلامية كبيرة، وسرّب زيارته إلى الحج ولقاءاته في السعودية مع “دعاة” ومتشددين كثر، ونقل استعراض تشكيل “جيش الإسلام” والترف الواضح لاجتماعه الموسع في ريف دمشق، وألحقت السعودية ذلك بتشكيل “الجبهة الإسلامية” التي أوعزت لها بفتح حرب خاطفة مع “داعش” التي امتصت الصدمة؛ جاء تشكيل “جبهة ثوار سوريا”، الذي أعلن قائدها منذ أشهر أنها نواة الجيش السوري القادم كبديل لـ”جيش النظام”، خافتاً وهادئاً كي تصب الأنظار على “الجبهة الإسلامية” و”داعش” و”جبهة النصرة” والعلاقة المأزومة بين كل فصيل منها وشريكه أو عدوه الآخر.
وبينما كانت فصائل المقاتلين السعوديين والقطريين تتقاتل على “تحرير المدن” والمناطق الواقعة تحت سيطرتها، كانت “جبهة ثوار سوريا” تشارك في معارك “فضّ العتب” في بعض مناطق إدلب، لكنها كانت تتحضر لفتح معركة الجنوب في القنيطرة، التي رافقت التحضير لها التسريبات عن الجبهة الجنوبية وتحضيرات الاقتحام من الأراضي الأردنية، وكان “لواء البراء بن مالك الأنصاري” الذي لم يعلن عن تشكيله إعلامياً إلا قبل أيام والذي تفتح له “إسرائيل” ينابيع الدعم كافة، بتفاهم مع السعودية، يتحضر لشن أولى معاركه على قطعات الجيش السوري المرابضة قبالة الجولان المحتل من جهة وعلى “القرى الدرزية الموالية” من جهة أخرى. وبدأت بيانات “القطاع الجنوبي” في “جبهة ثوار سوريا” تتدفق عن استهداف “تل الجابية” بالصواريخ، مع ما يعنيه اختيار التركيز على الـ”تل” الذي يذكر بالمعارك التي خاضها الجيش السوري عام ١٩٧٣ لتحرير التلال المحيطة بمدينة القنيطرة والمشرفة بشكل عام على الجولان المحتل من العدو “الإسرائيلي”.
ومن يعرف جمال معروف وإمكانياته سيعرف بما لا يدع مجالاً للشك أن هناك من يديره ويعتني بتصريحاته وظهوره الإعلامي المدروس وعلاقاته الحذرة مع “جبهة النصرة” وأحرار الشام” وغيرها من الفصائل، فعامل البناء البسيط والمشبع بحقد طائفي جعل مناصريه يصرحون أنه “لو جاء شارون ليحارب الأسد سأقول له أنت عيني”، لا بدّ وأن ما يفعله هذا القروي وراءه الكثير من الداعمين الذين يوجهونه بعناية ويطيعهم بطموح تحقق الأحلام القروية والتشفي الطائفي.
أنباء أسيا