«معبـر الـمـوت» في الغوطة الشرقية

تعتبر منطقة “العتيبة” معبراً إستراتيجياً هاماً للميليشيات المسلحة، كما بات مصيدة أساسية لاسقاط هؤلاء في الغوطة الشرقية، بات يفضل إطلاق أسم “معبر الموت” عليها. طوال أشهر مضت، حوّل الإرهابيون التابعون لتنظيم “القاعدة” بالجناح الرسمي المعتمد وهو “جبهة النصرة” والأجنحة الرديفة كـ “الجبهة الاسلامية” المدعومة سعودياً هذه النقطة إلى حصن وتحصين ومعبر حيوي لهم، إستطاعوا من خلالها التنقّل على كافة محاور الغوطة الشرقية بالفترة السابقة، امّا حالياً، باتت هذه النقطة “معبراً للموت” حيث تمّ تنفيذ 9نحو كمائن ناجحة فيها قتلت ما لا يقل عن 600 مُسلّح، بحسب إحصاءات المعارضة نفسها.
الموقع الإستراتيجي
تقع بلدة “العتيبة” في خط الوسط والفصل بين نهاية الغوطة الشرقية والبادية السورية، وتُعد بموقعها الهام نقطة التلاقي لكل محاور الغوطة الشرقية من قرى “المليحة” إلى “النشابية” فـ “العتيبة” (من الغرب إلى الشرق)، ومن “جوبر” و “زملكا” و “كفر بطنا” و ا”لشيفونية” إلى العتيبة (من الشمال الغربي نحو الشرق)، وأيضاً من “حرستا” و “دوما” و “عدرا” و “ميدعا” إلى العتيبة (من الشمال نحو الشرق)، أي تصب فيها ومنها كل المحاور من وإلى الغوطة الشرقية وبلداتها وأيضاً تعد البوابه التي تأتي إليها كل المحاور من اتجاه البادية السورية والصحراء والحدود الأردنية ومن “تل دكوة” و “الدير الشمالي” و “القبلي” و “الضمير” (من اقصى الشمال الشرقي للغوطة الشرقية نحو شرقها)، أي تمثل نقطة الوصل والفصل بين الغوطة والصحراء. ولهذه الأهمية الجغرافية سيطر عليها المعارضون وحاولوا تأمينها لتأمين حركتهم.
في الأشهر التي سبقت سيطرة القوات السورية على الغوطة الشرقية، حوّل الارهابيون التابعون للـ “القاعدة” العتيبة إلى مقر عمليات وقيادة وإمداد، وحفروا فيها الخنادق والأنفاق، ونصبوا محطات الاتصال وخزنوا الأسلحة والعتاد وأقاموا معسكرات تدريب حيث شكلت الخزان الأساس عدداً وعدة وقيادة للنشاط الارهابي في ريف دمشق الذي كان يمد ويتلقى الإمداد من وإلى ريف حمص وريف درعا.
أهميتها
مع بدء الجيش السوري لمعركته هناك الهادفة لاستعادة هذه المنطقة الحيوية، وتأمين محيط العاصمة، ركّز عملياته لوضع يده على هذه القرية ومحيطها ونصب شباك المصائد للمعارضين، حيث إستشرس هؤلاء طوال فترة القتال لمقارعة الجيش السوري بشتى السُبل ومنعه من السيطرة على هذا المحور.
يومها، عملت هذه التنظيمات تحت قاعدة “إن سقطت العتيبة سقطت الغوطة الشرقية بأكملها وصولاً للغوطة الغربية”، لذلك إقتضى قتالاً عنيفاً للدفاع عنها. مع سقوط “العتيبة” بعد قتال عنيف، سقطت فعلياً وإستراتيجياً الغوطة الشرقية تحت قبضة الجيش السوري، ومنها بدأ الزحف نحو المناطق الاخرى التي بدأت تسقط تباعاً حتى تمت السيطرة على أغلب القرى والمناطق وتطويق ما تبقى منها، ذلك قبل الهجوم الثاني المعارض الذي حصل في “ايلول” الماضي.
منذ ذلك التاريخ، لم يتوقّف المعارضون عن محاولة التحرك العسكري لاستعادة هذه المنطقة، ورغم فشلهم مراراً، حاولوا إستغلالها ليلاً عبر المرور بأرتال عسكرية تحت جنح الظلام للعبور نحو البادية او الاراضي الاردنية، ذلك أيضاً كان يفشل عبر الكمائن النوعية التي كانت تحصل.
على الرغم من حصول نحو 9 كمائن في هذه “العتيبة” إلا انّ المسلحون لم يستسلموا بعد أو يتخلوا عن فكرة عدم العبور منها، لما تتمتّع به من موقع إستراتيجي يفرض على هذه الميليشيات إستخدامه للعبور نحو النقاط الاخرى. الجيش السوري نجح بكمش “العتيبة” وفرض السيناريو والايقاع الخاص به فيها، ونجح أيضاً من إكماش الميليشيات المسلحة في نقطة الضغف في عنقها، وأمّن الغوطة إنطلاقاً منها.