منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي




انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي


منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

قريباً.. الملك متعب ! قراءة لمستقبل ومسار وراثة الحكم السعودي

اذهب الى الأسفل

قريباً.. الملك متعب ! قراءة لمستقبل ومسار وراثة الحكم السعودي Empty قريباً.. الملك متعب ! قراءة لمستقبل ومسار وراثة الحكم السعودي

مُساهمة من طرف larbi الأحد مارس 09, 2014 9:04 pm

شهد عهد الملك عبدالله تحولات جوهرية في مراكز القوى داخل العائلة المالكة، ما سيكون له أبلغ الأثر في مسار وراثة الحكم، وفي إنتاج او انفراط روابط عصبوية، وربما في وجهات نظر الحكم وتوجهاته السياسية المحلية والإقليمية، بل قد يكون له آثار سلبية على بقاء المملكة نفسها كدولة على خريطة الشرق الأوسط.
ليس من المبالغة القول بأن عهد الملك عبدالله شهد انفراط مركزية السلطة التي يمثلها هو (كملك)؛ فصارت البلاد ـ ولأول مرة في تاريخها ـ تدار بعدّة رؤوس متنافسه، متصادمة أحياناً، اضطرت معها دول حليفة وصديقة الى تكيّف نفسها مع الواقع الجديد، وأن تتعاطى مع تلك الرؤوس جميعاً بشكل انفرادي، حسب الملفات والموضوعات. بل أن دولاً مثل البحرين، تكاد تكون تائهة وهي لا تدرك كيف تتعاطى مع الطواقم الجديدة في الحكم وأمزجتها المتغايرة، ومنافساتها وحساسية بعضها من البعض الآخر.
من المركزية.. الى الإنفلاش التدريجي
لم يأتِ هذا التحوّل من دول شديدة المركزية، يكون فيها الملك صاحب القرار الأول في كل شيء تقريباً، الى دولة (إقطاعات) لتجمّعات عائلية، اختطفت القرار، وأدارت البلاد بالشكل الذي تراه دونما رجوع الى المركز، وهو الملك.. لم يكن ليحدث هذا لولا:
أولاً ـ وفاة أقطاب السياسة ورؤساء التجمّع السديري الذي قبض على مفاصل الحكم منذ منتصف الستينيات. ونقصد وفاة الملك فهد في الأول من أغسطس ٢٠٠٥، ومن بعده وفاة الأمير سلطان وزير الدفاع وولي عهد الملك عبدالله في ٢٢ اكتوبر ٢٠١١، وتالياً وفاة الرجل القوي وزير الداخلية الأمير نايف الذي أصبح ولياً للعهد بعد وفاة شقيقه، وقد كانت وفاته في ١٦ يونيو ٢٠١٢.
الموت كان عنصراً حاسماً في حالة الضياع التي تعيشها العائلة المالكة، وازدياد التقاتل بين أبناء الجيل الثالث (حفدة الملك المؤسس ابن سعود)، بحيث خرج التصارع والتنافس من إطاره الضيّق بين بعض الأخوة، الى فضاء أوسع يضم عشرات الأبناء/ الحفدة، بدون ضوابط واضحة.

ثانياً ـ حالة عدم الإستقرار السياسي، وتصاعد المخاطر الأمنية الداخلية، وازدياد حدة السخط الشعبي، مترادفاً ـ هذا كلّه ـ مع انهيارات في النفوذ السياسي الخارجي السعودي في كل الأبعاد والاتجاهات، ابتداءً من العراق وسوريا مروراً بلبنان وانتهاءً باليمن ومصر، فضلاً عن انهيار مكانة المملكة الإستراتيجية بنظر حلفائها الغربيات. كل هذا، أوجد مناخاً بأن البلاد تسير بغير هدى نحو الهاوية؛ وقد استخدم الفشل على الصعيدين المحلي والخارجي كأدوات في الحرب بين المتنافسين، كلٌّ يلقي باللوم على الآخر، لا لإصلاح الوضع، بل لتعزيز مواقعه السياسية والظفر بحصّة معتبرة من كعكة السلطة.
ثالثاً ـ الضياع الدستوري، او ما يشبه ذلك، ونقصد: الأعراف الحاكمة لممارسات الأمراء، وبالتحديد تلك الخاصة بالأمراء أنفسهم. حتى المؤسسات التي ابتدعوها لتنظيم عملية الخلافة، وترشيد وسائل التنازع على السلطة والمُلك، اثبتت عدم جدوائيتها، بل ماتت قبل أن تؤدي أي عمل. وهنا نشير مثلاً الى هيئة البيعة، التي أسسها الملك عبدالله، ولكنه لم يلتزم بقوانينها لا في تعيين الأمير نايف ولياً للعهد، ولا في تعيين سلمان ولياً للعهد بعد موت نايف. وبالتالي، فإن غياب الضوابط ـ حتى الأخلاقية منها ـ في العلاقة بين التجمعات الأسرية داخل العائلة المالكة نفسها، جعلت باب الصراع مفتوحاً بكل الوسائل وبدون وجود محرمات.
رابعاً ـ وجود طاقم في الحكم ضعيفٌ للغاية، ونقصد به الملك عبدالله، الذي يقترب عمره من التسعين عاماً، والذي لا يستطيع ـ من الناحية الجسدية ـ العمل لأكثر من ساعتين في اليوم؛ ومثله ولي عهده سلمان الذي يقترب من الثمانين عاماً، والمصاب بعدّة أمراض، وبأعراض الزهايمر، والتي ظهرت أوضح تجلياتها حين استقبل قبل بضعة أسابيع وفداً ليبياً، وطلب منه أن يبلغ سلامه (للأخ العقيد معمر القذافي)!. هذا الضعف، أدّى تلقائياً الى تحويل المسؤوليات الى الأبناء مباشرة، والى تجاوز ما يعتقد من ثوابت في السياسة، بحيث أن كل طرف يستطيع أن يقرّر ما يراه في ظل غياب المحاسبة او الاجماع الضروري لبعض القرارات ـ على الأقل.
نجاح مذهل لصانع الملوك
رغم الفشل الذريع لعهد الملك عبدالله على كافة المستويات المحلية والإقليمية، ورغم خيبة الأمل العريضة والقاسية التي واجهها المواطنون من الملك الحالي عبدالله، ورغم تبخّر الآمال بإحداث إصلاح على المستويات كافة: التنموية والسياسية والقضائية وغيرها.. إلا أن شيئاً ما أحدثه الملك عبدالله، ونجح فيه بشكل لافت، لم يكن الملوك السابقين قادرين على تحقيق مثله.
نعم.. نجح الملك عبدالله في خلخلة الأسس التي يقوم عليها نظام توارث العرش، الى الحدّ الذي يمكن معه القول اليوم، بأننا أمام منعطف حاسم قد يغيّر وجه المملكة في المستقبل ـ إيجابياً؛ وقد يهبط بها الى المزيد من التذرّر والتقسيم.
لكي نعرف طبيعة المنجز الملكي، وهو منجز خاص ـ بالمناسبة ـ بجناح الملك عبدالله، ولا علاقة له بفائدة قد تأتي للمواطنين.. يجب ان نؤكد ابتداءً بأن أمر الخلافة والحكم، شأنٌ خاص بالعائلة المالكة، ولكن المنفعة او الضرر قد تقعان على الجمهور بصورة غير مباشرة، اعتماداً على النتائج التي لم تتوضح بعد.
الملك عبدالله نجح حتى الآن في إيصال إبنه متعب الى ما يقرب من الشوط النهائي لكي يكون ملكاً مستقبلياً بعد وفاته. وإذا ما حدث هذا، فإنه يعني تحويل توارث الحكم من وضعه الأفقي الى العمودي. اي تغيير مسار انتقال الحكم (من الأخ لأخيه)، الى (من الأب الى ابنه)، وهو إن نجح، ووطّد أقدامه، فسيقلّص من عدد المتنازعين على الحكم؛ لكن المشكلة ليس فقط في إيصال متعب الى كرسي المُلك، بل الى (توطيد) الحكم، وكسر شوكة بقية الأفرع ورؤوسها ليقبلوا بمثل هذا التحوّل، وهو أمرٌ لا يبدو أنه سيمرّ بدون خضّات كبيرة، قد تفجّر العائلة المالكة برمّتها.
هنا يأتي دور (صانع الملوك الجديد) خالد التويجري، الذي تقول أوساط غربية بأن وظيفته الرئيسية محددة في إيصال متعب بن عبدالله وزير الحرس الوطني الى كرسي العرش، خلفاً لوالده. تماماً مثلما نجح (صانع الملوك السابق) الراحل عبدالعزيز التويجري، والد خالد، في إيصال الملك الحالي الى العرش، رغم شراسة وطغيان الجناح السديري، الذي همّش الملك الحالي رغم انه كان ولي عهد فهد، والذي ما فتيء يتآمر عليه وكان يريد الإطاحة به.
اليوم هناك تويجري جديد، كلّ همّه صناعة مجد جديد لجناح ناهض.
مثلما كان جناح السديريين السبعة، أبناء حصة السديري الأشقاء (فهد، سلطان، تركي، عبدالرحمن، نايف، سلمان، أحمد) يسيطرون على الحكم، فإنه قد حان للملك عبدالله أن يصنع جناحه الخاص به. ولكنه جناحٌ لا يتشكّل من إخوة أشقاء، إذ ليس لديه سوى شقيقة واحدة، هي (صيتة) وقد توفيت قبل بضع سنوات!
جناح الملك الحالي يتشكّل من أبنائه فحسب. إذ لم يعد ـ حسب المخطط التويجري ـ هناك من قوة قد بقيت يمكن الركون اليها بين الأحياء من أبناء الملك عبدالعزيز، ما جعل العصبة تعتمد على الأبناء، وليس على الأشقاء، أو تحالف الأخوة.
للتذكير.. فإن الملك فهد، كان يطمح للقيام بما يقوم به الملك عبدالله اليوم.
فالملك فهد حاول إقناع الأميركيين بأن يورّث الحكم ويجعله عمودياً في أبنائه، وبالتحديد في أصغر أبنائه والمفضلين لديه، وهو الأمير عبدالعزيز بن فهد.
المحاولة تلك كانت في بدايات عام ١٩٩١، وقد عرضها على إدارة بوش الإبن واستكملت فيما بعد بعرضها على كلينتون، ولكن الإدارة الأميركية، أبلغت الملك بأنها لا تريد أن تنغمس في الشأن العائلي أكثر!، ما فُهم منه أنها ليست راضية من جهة، أو أنها اضافة الى ذلك تتفهم تعقيد الوضع، فحتى اطراف الجناح السديري آنئذٍ من أشقاء الملك فهد، لن يكونوا راضين على خطوة تعيين عبدالعزيز، فضلاً عن ولي العهد عبدالله.
خطوات تعيين متعب بن عبدالله ملكاً
ابتداءً لا بد من الإعتراف بدهاء خالد التويجري، رئيس ديوان الملك عبدالله، وهو دهاءٌ مدعومٌ بخبرة استقاها من والده في الصراعات الداخلية بين الأمراء. هذا الدهاء تمّت ترجمته في خطوات متلاحقة محسوبة بدقّة مذهلة. وهي على النحو التالي:
لماذا شُكّلت ثم قُتلت هيئة البيعة؟
أولاً ـ تشكيل هيئة البيعة في العشرين من أكتوبر عام ٢٠٠٦، ومن ثمّ قتلها، دون إصدار شهادة وفاة. قد يكون الأمرُ مذهلاً، كيف أن الملك، وعند أذان فجر ذلك اليوم، أطلق تشكيل الهيئة، بحيث يكون لكل إبن من أبناء الملك المؤسس، أو أكبر أبنائه ـ ان كان متوفياً ـ صوت في اختيار مَن سيكون ولياً للعهد. القرار الذي صدر يومئذٍ، تمّ الحديث عنه باستفاضة في الصحافة وفي التعليقات السياسية في القنوات التلفزيونية، وكيف أنه يمثل خطوة مهمة في تقنين نظام توارث العرش، بحيث لا يُترك شيء للفراغ المودي للتنازع.
القصة في غاية البساطة لم تكن كذلك. فالملك عبدالله، وضمن موازين القوى يومئذٍ، وبحضور الشخصيتين القويتين سلطان ونايف، وفيما كانت بداية متاعب الملك الصحية تظهر للعيان، رأى هو او التويجري، أن لا يكون الحكم لعبة بيد الجناح السديري إن اختاره الله وتوفاه قبلهم. ولمّا كان الملك عبدالله قد وصل الى الحكم بمساعدة او على الأقل برضا عدد من الأمراء الكبار الذين ينتظرون حصّتهم في الحكم، وبعضهم كان ينتظر منه موقفاً يهمّش من خلاله الجناح السديري أو يضعفه، بحيث يصبح حلفاء الملك من اخوته غير الأشقاء مشاركين معه في السلطة.. فإنه ـ أي الملك ـ وجد من المناسب اعلان هيئة البيعة، بحيث ترضي حلفاءه، مع أن نظام الهيئة الداخلي يحتوي على الكثير من الثغرات والتساؤلات المشروعة، ليس هنا بيانها.
غير أن مشيئة الله أرادت أن يتوفّى الملك سلطان، فتغيّر المزاج لدى الملك، ولدى صانع الملوك، فقرر في اجتماع عام لا علاقة له بالمشاورة وأخذ رأي أعضاء الهيئة، أن يعيّن نايف ولياً للعهد جديدا، وما كان الملك باستطاعته تعيين غيره على أية حال.
ثم ما لبث أن توفي الأمير نايف، فعين الملك، الأمير سلمان وزيراً للدفاع ثم ولياً للعهد في ١٨ يونيو ٢٠١٢ دون أن يجتمع بالهيئة أو يكون لها دور في ذلك، في مخالفة صريحة لنصوصها. مقابل هذا التعيين، تنازل سلمان عن أمارة الرياض التي تتمتع بثقل كبير.
إحالة جيل العجزة للتقاعد!
ثانياً ـ الإطاحة بالجيل القديم من أبناء عبدالعزيز. فخلال تولي الملك عبدالله الحكم توفي عدد من اخوته، بعضهم كبار السنّ ولا يمكن أن يكونوا منافسين بأنفسهم (وإنما بأبنائهم) مثل بندر بن عبدالعزيز الذي توفي مؤخراً في ٤ يناير الماضي، او بدر الذي توفير في الأول من ابريل ٢٠١٣، أو مساعد الذي توفي في ٢٠١٣، او هذلول (ت ـ ٢١٠٢). وهناك اخوة آخرون توفوا وكان يمكن ان يكونوا بأنفسهم منافسين، ولو ضعيفين، وفي مقدمتهم عبدالمجيد امير مكة (توفي في ٢٠٠٧)، وسطام (ت ـ ٢٠١٣)، وفواز (ت ـ ٢٠٠٨).
وهنا لم يكن صعباً على الملك، ومستشاره التويجري، إرضاء أبناء هؤلاء ـ إن كان لديهم ابناء، بمناصب في الإمارات او غيرها. والأكثر أهمية انه كان سهلاً على الملك عبدالله، مع تصاعد أعمار اخوته الباقين، ومرضهم، وقلّة عددهم، ان يتجاوزهم الى الأبد في موضوع الخلافة، إذ لا يمكن ان يتوقع ان يتولى أحدٌ من هؤلاء الكبار كرسي الملك، مثل: (طلال، مشعل، متعب، عبدالرحمن، مشهور، ممدوح، تركي، عبدالإله الذي ازيح وصار مستشاراً للملك بلا قيمة، وأحمد الذي أطيح به من وزارة الداخلية الى الأبد لصالح ابن أخيه محمد بن نايف، وزير الداخلية).
لم يتبق سوى مقرن الذي وضع كنائب ثانٍ لرئيس مجلس الوزراء، أي الرجل الثالث رسمياً في الدولة، منذ الاول من فبراير ٢٠١٣، في منصب مؤقت ـ حتى الآن ـ تمهيداً لإزاحته مستقبلاً، إنْ جاءت الريح بما تشتهي السفن.
لقد قام الملك والتويجري بحصر المنافسة الآن في أفراد محدودين بعد ان استُبعد بقية العجزة من سلّم الخلافة. وكانت تلك خطوة أولى ضرورية، لحصرها أكثر فأكثر في جناح الملك عبدالله وأبنائه.
تسلّق الأبناء مواقع السلطة
ثالثاً ـ بدأ الملك بتعيين وترفيع مناصب أبنائه وبصورة مستمرة، ولكن مخاتلة أيضاً. فمعظم ـ إن لم يكن كل ـ قرارات الملك وأوامره الملكية، كانت تأتي في سياق تغييرات في المناصب ويكون أحد أبناء الملك جزءً منها. وهنا بعض التعيينات مع ملاحظة توقيتها وهو المهم:
١/ أراد الملك الإطاحة بأخيه بدر بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني، الذي كان يتولى المنصب منذ فبراير ١٩٦٨ بأمر من الملك فيصل. بدأت الإزاحة بتعيين متعب بن عبدالله نائباً لرئيس الحرس الوطني (للشؤون التنفيذية) وذلك في ٢٢ يونيو ٢٠٠٩، وبعد ان استوثق بقرارات الحرس، أُعفي الأمير بدر من منصبه (ولم يستقل) بأمر من الملك في ١٧ نوفمبر ٢٠١٠، وعيّن في الوقت نفسه إبنه متعب نائباً لرئيس الحرس الوطني، بمرتبة وزير دولة. وأخيراً في ٢٧ مايو ٢٠١٣ سلّم الملك رئاسة الحرس لإبنه وحوّل الحرس الى وزارة، وعيّن ابنه وزيراً يحضر جلسات مجلس الوزراء. وتحويل الحرس الى وزارة قُصدَ منه منافسة وزارة الدفاع من جهة، وإقحامه في المنافسة على الحكم بشكل قوي ومباشر.
2/ ذات الأمر قد يتكرر مع وزارة الخارجية. ففي ٢٢ يوليو ٢٠١١، عيّن الملك عبدالله ابنه عبدالعزيز نائباً لوزير الخارجية بمرتبة وزير، في خطوة منه لسحب وزارة الخارجية من آل فيصل، وبحيث يتسنّى للملك وأبناءه التواصل مع الجهات الخارجية بعيداً عن أعين الأمراء الآخرين. ومعلوم اليوم، أن عبدالعزيز بن عبدالله هذا، هو الذي يتواصل مع الأميركيين بشكل خاص، لتدعيم موقف أخيه متعب كملك قادم. ومع أن عبدالعزيز ـ نائب وزير الخارجية ـ يحاول أن لا يظهر وكأنه منافس لسعود الفيصل، أو يكون وريثاً له، فإن جرس الإنذار قد دقّ عند آل الفيصل بقوّة، ولهذا السبب رأينا تصاعداً لدور رئيس الإستخبارات السابق تركي الفيصل في الخارج (اجتماعات دافوس وميونيخ الأخيرة) وكأنه يعمل نيابة عن أخيه سعود المريض الذي لا يستطيع القيام برحلات مكوكية. وكأن آل فيصل هنا يريدون القول بأن وزارة الخارجية هي من حصة آل الفيصل منذ تسلّمها سعود في عام ١٩٧٥، عبر (الإزاحة الى الأعلى) وذلك بعد مقتل والده في مارس ١٩٧٥.
٣/ ومخطط جناح الملك عبدالله، أراد أن يسيطر على إمارة الرياض، لما تتمتع به من ميزات عديدة، فأمير الرياض هو المسؤول عن ملف العائلة المالكة، فضلاً عن المخصصات الضخمة التي تكون تحت يده. وملف الأمراء (سفراتهم، امتيازاتهم، مشاكلهم، وغيرها) تتيح لمن يمسك بالإمارة السيطرة على أسرار مختلف الأمراء والأميرات، وبذا يكون التهديد لأي منهم جاداً ومؤثراً، تماماً مثلما فعل الأمير سلمان نفسه.
بشكل طبيعي، وبتصعيد سلمان لولاية العهد ووزارة الدفاع، كان لا بدّ أن يتخلّى عن أمارة الرياض. والملك لم يكن يبحث سوى عن شخص مؤقت لتولّي امارة الرياض، ويضع ابنه نائباً له كيما تقع الإمارة في اليد خلال فترة وجيزة. وهذا ما فعله بتعيين خالد بن بندر بن عبدالعزيز أميراً عليها بعد وفاة سطام عام ٢٠١٣، وبنيابة ابنه تركي بن عبدالله، بحيث خسر الجناح السديري هذا الموقع، ليصل في وقت ليس ببعيد الى يد تركي ابن الملك.
٤/ أيضاً هناك السيطرة على الحجاز، حيث المقدسات والأموال، فقد عيّن الملك ابنه مشعل عام ٢٠٠٦ وزيراً مفوضاً في وزارة الخارجية، ثم نقله في ٢٦ مارس ٢٠٠٩ اميراً لمنطقة نجران، ليتوج ذلك بتعيينه في ٢٢ ديسمبر ٢٠١٣ أميراً لمكة خلفاً للأمير خالد الفيصل، الذي أصبح وزيراً للتعليم! وفي حين انشغل المواطنون بخبر تعيين خالد الفيصل، لم يلتفت أحدٌ تقريباً الى لعبة الحكم التي تحيكها عصبة الملك! بحيث ان قلّة فقط لفتت الإنتباه الى ذلك التعيين. ولربما هناك تعيينات أخرى لأبناء الملك الآخرين، قد تأتي تباعاً، إن لم يتخطّف الموت الملك أو آخرين، بشكل يفسد اللعبة السياسية القائمة.
إبعاد المنافسين
رابعاً ـ إزاحة المنافسين المحتملين، او الشخصيات القوية في فروع الرؤوس العائلية الأخرى، أو استبدالها بشخصيات أضعف من نفس الجناح او الأسرة الصغيرة، او دعم فئة ضد أخرى من نفس الجناح بغية تمزيقه وإضعافه. ومن أهم الإزاحات التي تمّت في عهد الملك عبدالله هي:
١) إزاحة أمير المنطقة الشرقية محمد بن فهد، والذي تولى الإمارة بتعيين أبيه له عام ١٩٨٥، وصمد فيها رغم الزوابع والمشكلات والنهب الشديد الذي قام به. ولكن انتفاضة القطيف المستمرة منذ فبراير ٢٠١١ وحتى اليوم، كان لها الأثر الأكبر في إقالته، حيث جاءت الإزاحة في ١٤ يناير ٢٠١٣ (بناء على طلبه! حسب الأمر الملكي). في ذات الأمر الملكي تم تعيين سعود بن نايف (أخ وزير الداخلية الأكبر) أميراً للشرقية؛ وسبق له أن كان سعود نائباً لمحمد بن فهد، فأزاحه هذا الأخير بعد الاختلاف معه، وصار سعود سفيراً للرياض في أسبانيا، ولكنه عاد بعد تولي والده ولاية العهد، ليتولى رئاسة ديوان والده، ولكنه لم يهنأ بالمنصب، فقد توفي والده وبقي بلا دور. وتعيين سعود بن نايف ربما أُريد منه عدّة أمور منها: تقوية أبناء نايف مقابل آل فهد وآل سلطان؛ والأهم إرضاء محمد بن نايف ليقبل ويتعاون مع متعب بن عبدالله حتى يصبح ملكاً، وتكون له ـ أي محمد بن نايف ـ ولاية العهد، او هكذا يتم الإغراء!
وبهذا يكون أبناء الملك فهد قد تلقوا ضربة قاصمة، بعد تطفيش الطفل المدلل (عبدالعزيز بن فهد)، الذي كان يشغل رئيس ديوان مجلس الوزراء، بمرتبة وزير دولة، فجاء أمر ملكي في ٢٧ يونيو ٢٠١١، قضى بإعفائه من رئاسة ديوان مجلس الوزراء، مع استمراره وزيراً للدولة وعضوا في مجلس الوزراء؛ كما قضى الأمر بدمج رئاسة مجلس الوزراء بالديوان الملكي وعيّن خالد التويجري رئيساً للديوان. الملفت ان عبدالعزيز بن فهد قد أُقصي من منصبه كوزير دولة، دون أن يُعلن عن ذلك. فمنذ الأمر الملكي، أصبح عبدالعزيز خارج التغطية السياسية، وكأن ذلك كان ترجمة لحقيقة أن قوته كانت مستندة الى أبيه الى أن مات. وهكذا اصبح عبدالعزيز أثراً بعد عين!
وسبق أن أزاح الملك عبدالله: (أبو خطط مدروسة) الأمير سلطان بن فهد رئيس رعاية الشباب (بطريقة اعفاء بناء على طلبه!) وذلك في ١٥ يناير ٢٠١١، وتم تعيين حفيد الملك فهد، نواف بن فيصل بن فهد مكانه بمرتبة وزير.
أيضاً، سبق أن تمت إقالة سعود بن فهد بن عبدالعزيز من منصبه كنائب لرئيس الإستخبارات، وبذا يكون أبناء الملك فهد قد نالوا صفعة قوية (وبرضا العامّة ايضاً)!
٢) إضعاف آل سلطان، وخاصة الشخصية التي كان يمكن أن تلعب دوراً مهماً في وجهة من يحكم العرش السعودي، ونقصد به الأمير خالد بن سلطان، نائب وزير الدفاع، بالرغم من حقيقة أن خالد أصبح شخصية مثيرة للسخرية من قبل المواطنين، كونه شخصية فاشلة عسكرياً، وفاسدة للغاية من جهة نهب مخصصات وزارة الدفاع، وسمسرات صفقات الأسلحة.
تمت اقالة خالد بن سلطان في ٢٠ أبريل ٢٠١٣، وتم تعيين شخصية بعيدة مكانه هي ليست من (أصحاب السمو الملكي) وهو الأمير فهد بن عبدالله بن محمد بن عبدالرحمن آل سعود؛ وقد رحب آل سلمان ـ ولي العهد ـ بهذه الخطوة لتكون لهم الوزارة ومنافعها أي بكل حمولتها. لكن فهد هذا لم يُطل في منصبه، إذ جرى تعيين سلمان بن سلطان بن عبدالعزيز (٣٧ عاماً) نائباً لوزير الدفاع، وبمرتبة وزير، بعد أن كان مساعداً لأخيه بندر بن سلطان الذي يتولى جهاز الإستخبارات. ولسلمان هذا دور كبير في الحرب الأهلية السورية.
أما الأمير بندر بن سلطان، الذي نُظر اليه منذ زمن على أنه رجل الأميركيين في السعودية، وانه الرجل القوي الذي يمكن أن يصبح ملكاً يوماً ما.. فبالنظر الى تجربته البائسة في السنتين الأخيرتين في جهاز الإستخبارات، وبالنظر الى أمراضه النفسية والجسدية والإدمان للمخدرات والخمور (معاً) فإنه غير مهيّأ لأي منصب سياسي، ويعتقد المقربون من دوائر الحكم، بأن بندر شخصية قد انتهت، ولم تعد مقنعة لا للأميركيين ولا لأصحاب القرار داخل المملكة.
لم يبق من آل سلطان سوى فهد بن سلطان، أمير منطقة تبوك منذ ٢٨ عاماً، وهو شخصية مكروهة من أبناء تلك المنطقة، ولا يبدو انه يمثل حالة تنافسية في المستقبل.
نشير هنا الى أن وزارة الدفاع في حال توفي وزيرها الأمير سلمان ولي العهد، قبل الملك، فمن المرجح أن لا تعطى الى أحدٍ سواء من آل سلمان أو آل سلطان، وانما لشخصية مؤقتة، وقد تُدمج مع وزارة الحرس الوطني برئاسة متعب بن عبدالله.
لكن الخطوة التي يتحدث عنها مطّلعون تقول، بأنه في حال وفاة ولي العهد سلمان قبل وفاة الملك، فإن الأخير سيعيّن متعب وزيراً للدفاع، ويعهد لأحد أعضاء الجناح السديري برئاسة الحرس الوطني، بحيث يكون نائب رئيس الحرس الوطني أحد أبناء الملك عبدالله، وهنا يُطرح اسم مشعل أمير مكة. وهكذا يكون السديري المُعيّن في رئاسة الحرس مجرد واجهة، وبذا تُستكمل حلقة السيطرة على الحُكم بشكل مؤكّد.
٣/ يتبقى من الأسماء المشهورة او التي يمكن أن تلعب دوراً في صياغة مستقبل المملكة، الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السابق، ومن ثم سفير عائلته في لندن وواشنطن تباعاً. فمع أن حظوظه في المُلك ضعيفة جداً، إلا أن الملك عبدالله أزاحه كسفير بشكل مهين في ٢٩ يناير ٢٠٠٧، وهو لما يمضي عامين في منصبه الجديد في واشنطن. الملك عبدالله كان بحاجة الى قناة مأمونة مع الأميركيين، لا يطلع عليها منافس أو ذو ميول مع الجناح السديري. وتركي ـ كما بقية إخوته، عدا عبدالله الفيصل ـ كانوا يقدّرون ويحبّون سلطان ولي العهد الأسبق، لأن والدهم ـ الملك فيصل ـ ورغم سخريته من سلطان، وكان يسميه (أبو الكلام) لكثرة كلامه ـ إلا أنه كان أقرب شخص من السديريين السبعة إليه.
في الصورة الكبرى نلاحظ ـ إذن ـ أنه لم تبق عُصبٌ عائلية قادرة على منافسة أبناء الملك عبدالله. لقد جرت تحولات جذرية لم يلتفت اليها أكثر المراقبين، ولكنها تحولات مذهلة، وقد تُستكمل في المستقبل، بحيث تجري التعيينات الملكية بدقّة تعبّد كامل الطريق أمام متعب ليصبح ملكاً.
احتمالات فساد الطبخة
كأي تخطيط استراتيجي، فإن هناك عناصر قد تقلب المشهد السياسي، ربما رأساً على عقب، فيكون أبناء الملك الحالي عنصراً مميزاً في السلطة، ولكن ليسوا عنصراً مسيطراً عليها
أما التحديات فهي كالتالي:
أولاً ـ ما يحتاجه جناح الملك عبدالله هو الوقت والدعاء! نعم الدعاء بأن يطيل الله عمر الملك (أبي متعب) فينتقل ولي العهد الأمير سلمان الى عالم الآخرة قبل الملك. اذا حدث ذلك، فبإمكان الملك ومستشاره ورئيس ديوانه خالد التويجري إحكام السيطرة على مفاصل الدولة، بما فيها وزارة الدفاع.
في غير هذه الحالة، أي في حال توفي الملك قبل ولي عهده، فإن وصول الأمير سلمان الى الحكم، يجعله قادراً ـ بما تبقّى له من وقت ـ على لخبطة المعادلة السياسية داخل العائلة المالكة.
فرغم أن أيٍّ من أبناء ولي العهد لا يتوقع له ان يكون منافساً لمتعب بن عبدالله وزير الحرس الوطني، أو محمد بن نايف وزير الداخلية، فإنه في حال وصوله الى العرش، سيجعل من وزارة الدفاع إحدى قلاع أبنائه، فيعيّن عليها أحدهم وزيراً للدفاع.
اليوم هناك أربعة من ابناء سلمان يتولون مناصب مهمة: عبدالعزيز بن سلمان، وكيل وزارة النفط؛ وسلطان بن سلمان رئيس هيئة السياحة؛ وفيصل بن سلمان، أمير منطقة المدينة المنورة منذ ١٤ يناير ٢٠١٣، ومحمد بن سلمان، رئيس ديوان أبيه ولي العهد.. هؤلاء ـ ضمن الظروف الموضوعية الحالية ـ ليسوا منافسين حقيقيين على السلطة، ما لم تكن بيدهم وزارة معتبرة كوزارة الدفاع.
مسألة أخرى ترد هنا، في حال وصل الأمير سلمان الى كرسي العرش، فإنه قادر حينها على تعديل ولاية العهد:
ـ إما بتصعيد مقرن، من نيابة رئاسة مجلس الوزراء الثانية، الى النيابة الأولى، وجعله ولياً للعهد.
ـ أو أن يُبعد مقرن (باعتباره مرشحاً مؤقتاً ولا يمتلك قوة على الأرض رغم مكافحته المستميتة في إقناع الأميركيين بقدراته وكفاءته وتعاونه معهم)، كما يُضعف متعب بن عبدالله، من خلال إعادة اللحمة بين إبن نايف (محمد)، وأحد أبناء سلمان والذي يفترض أن يكون وزيراً للدفاع، بحيث يكون أحدهما ولياً للعهد، والآخر نائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء. وبهذا يكون قد تمّ القضاء على حُلم متعب بأن يكون ملكاً. لهذا، لاحظ دبلوماسي غربي في الرياض أن شيئاً من الودّ والإقتراب ـ في الآونة الأخيرة ـ قد بدأ بين متعب وأبناء الأمير سلمان، تحسّباً لوفاة الملك قبل ولي عهده؛ ولترجيح احتمالية صفقة سياسية، بين وزيري الحرس والدفاع، مع استبعاد ابن نايف. مع العلم ان شيئاً من هكذا تودّد قد حدث بين متعب ومحمد بن نايف (المحبوب من قبل الملك)، وكأن المهندس التويجري يريد اللعب على الحبال، ويوهم كلا الطرفين بأنه معه، لزيادة احتمالات نجاحه.
ثانياً ـ هناك مشكلة ـ كما قلنا آنفاً ـ تتعلق بالأمير مقرن، الذي هو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء. ففي العرف السياسي للعائلة المالكة، أنّ من يمسك بهذا المنصب، فإنه يضمن تسلسله الى كرسي العرش، باعتباره منصب الرجل الثالث في الدولة.
ومع ان تعيين مقرن كان فيما يبدو ـ بالنسبة لصانع القرار، أي الملك والتويجري ـ مجرد أمرٍ مؤقّت، إلاّ أن هذا المؤقت قد يتحوّل الى دائم.
صحيح ان مقرن لا يمتلك أيّ من أدوات السلطة وهو عملياً مهمّش؛ آخذين بعين الإعتبار بأن من يمسك وزارات: الحرس، والداخلية، والدفاع، هم أصحاب الحظ الأوفى في السلطة، وأنهم سيشكلون مستقبل البلاد من خلال السيطرة على الوزارات الأخرى، وانهم هم ـ أي الثلاثة ـ يهيمنون على القرار الرئيسي.
صحيح كل هذا، لكن التوازنات الدقيقة، تتطلّب استمرارية لتؤتي نتائجها. ونظراً لشعور الأمير مقرن بضعفه على الأرض، فإنه يحاول إقحام نفسه في شؤون البلاد بصورة من الصور، رغم ممانعة الأطراف القوية الأخرى، واصطدامه بأبواب موصدة لا تتيح له ـ حتى الآن ـ سوى القليل من هامش المناورة.
يحاول مقرن ان يستجمع ما لديه من خبرة وسلطة سابقة كأمير لمنطقة، أو كمسؤول للإستخبارات سابق، لترتيب علاقات متميزة مع الأميركيين تحديداً.
هذا كلّه لا يكفي. ولكن بإمكانه ـ أي مقرن ـ تخريب لعبة الوراثة القائمة، من خلال إصراره على الإحتفاظ بموقعه، أو تجربة حظه بمواجهة مبكرة قد تؤدي الى إقالته المبكرة أيضاً.
أفضل الحلول بالنسبة له، أن تتم عملية انتقال الخلافة اليه بصورة طبيعية، وإن كانت الدولة كلها تمرّ بمرحلة غير طبيعية وصعبة. فأن يموت الملك عبدالله، ويتولى الأمير سلمان الحكم، فذاك هو السيناريو المأمول بالنسبة لمقرن، اذ سيصبح ولياً للعهد بعد أن يقرر سلمان ذلك، أو يقرر سلمان تفويض الأمر لهيئة البيعة الميّتة الآن لاختيار مقرن أو غيره.
ثالثاً ـ حصر الوراثة في ثلاثة أو أربعة من حفدة المؤسس، أي في أحد أبناء (عبدالله، نايف، سلمان، سلطان) قد يقود الى مزيد من حصرية السلطة في وقت لاحق، لتتحول الوراثة الى شكلها العمودي، أي في أبناء الملك عبدالله مثلاً. سيكون هناك تردد كبير في نقل السلطة ـ إن وصلت الى متعب ـ الى أحد أبناء العمومة الآخرين، وهذا كلّه قد يؤدي الى تفجير الصراعات الداخلية في العائلة المالكة بشكل أكبر.
حتى الآن، فإن الملك عبدالله نجح في لجم إخوته الكبار ممن أحالهم الى التقاعد، باعتباره أولاً كبير العائلة وملكها؛ وثانياً لأنه أعطى تعويضات مالية جمّة لهم، كما منح أبناء كل أخ من إخوانه ـ تقريباً ـ منصباً ما في الدولة: أمير منطقة، او نائباً لأمير، أو مسؤولاً كبيراً في مؤسسات الدولة، أو وزيراً كما ابن متعب، او وكالة وزارة، الخ.
لكن هذا الترتيب قد لا يستمرّ بعد موت الملك عبدالله، سواء كان خليفته سلمان أو ابن الملك الحالي متعب. فكلنا نعلم مثلاً، أن الأمير متعب، وزير البلديات، رفض لأشهر طويلة حضور مجلس الوزراء احتجاجاً على تعيين الملك للأمير نايف ولياً للعهد؛ ما اضطر متعب للإستقالة من الوزارة ولكن مع تسليم حصته من الحكم الى ابنه منصور الذي أصبح وزيراً.
مشعل الذي هو أكبر أفراد العائلة سنّاً بعد الملك، لم يقبل بسلطان ولا نايف ولياً للعهد، وحصل على ترضيات مالية ضخمة جداً. وحين يصل سلمان الى كرسي الحكم، أو أحد أبناء اخوة مشعل، فإنه لن يقبل بأن يكون هو او ابناؤه مهمّشين سياسياً.
ايضاً، فإن الأمير طلال الذي طالما اعترض على قرارات الملك عبدالله ومن قبله فهد، وجمّد عضويته في هيئة البيعة، وإن كان لا يريد الحكم لنفسه، فإن ابناءه خاصة الوليد بن طلال يريدون حصتهم من الحكم وهم لا يكتفون بالمال.
وهكذا بقية الأمراء الكبار المحالين على التقاعد.
السؤال هنا: الى أي حدّ تستطيع العائلة المالكة أن تكيّف نفسها مع هكذا تغييرات دراماتيكية في نظام وراثة العرش؟ النظام السياسي في مبتداه عام ١٩٩٣، حدد أن الملك يعيّن (الأصلح) ولياً للعهد. أي هو يختاره بناءً على مزاجه او اعتقاده بأنه الأصلح. تطور الأمر بعدها من خلال هيئة البيعة ليكون هناك ترشيح وانتخاب بين اكثر من ثلاثين امير، وهو امر لم يطبق البتة.
لقد تخلّت العائلة عن نظام الوراثة الذي يعتمد (السنّ) مقياساً لأحقية الأمير بالحكم. لكنه تخلٍّ جزئي، أو لنقل أنه تخلٍّ غير مكتوب، ولم يقبل به الجميع. محمد ابو الشرين تطوّع وتخلّى عن الحكم لأخيه خالد. فهد لم يكن الأكبر سنّاً، فقد كان يكبره ناصر وسعد. سلطان لم يكن أكبر من مشعل، ولا نايف، ولا سلمان. طلال ومتعب وبندر وتركي وعبدالرحمن اكبر من نايف وسلمان سنّاً.
الآن، وحسب معطيات السياسة اليومية، وفي غياب نظام للتوارث يعتمد عليه في التطبيق، كيف يمكن لأبناء عبدالعزيز المؤسس ان يتنازلوا هم وأبناؤهم لأحد الحفدة، وكيف يقبلون أن تنتقل الوراثة عمودياً قبل أن يكون هناك تعويضاً لهم، وقبل أن يتم الإتفاق على أسس توزيع السلطة بين أمراء (أصحاب السمو) مع افتراض قبول أصل عمودية التوارث!
هذا أمرٌ مستحيل الإتفاق عليه ضمن الظروف الموضوعية الحالية. وبالتالي فإن القوّة ـ الى جانب الإغراء المالي وربما المناصب ـ هي التي ستشكل عاملاً حاسماً في تقرير وجهة وراثة العرش.
ربما لا يكون لدى المعارضين من كبار الأمراء وأبنائهم قوّة اليوم بوجه القوى الثلاث المهيمنة على الدفاع والحرس والداخلية. ولكن الأصح هو أن لديهم شيء غير قليل من القوة المالية والعلاقاتية الخارجية والداخلية، التي تمكنهم من مواجهة مخاطر التهميش. ربما اليوم هم لا يريدون استعراض قوتهم بحضور شخصية الملك عبدالله. لكن بعد وفاته ـ وهذا مرجح ـ سيظهرون أسنانهم ومخالبهم.
يبقى ان حصر الوراثة أمرٌ مشكل سواء اتجهت افقيا في أبناء القابضين على السلطة اليوم، أو اتجهت عمودياً. وأكبر مخاطرها، ما تحدّث عنه ابن خلدون في مقدمته من أن (الإستفراد بالمُلك) يؤدي الى تفكك العصبية العائلية لآل سعود، بحيث لا يدافع الأمراء المقصيّون عن السلطة عن النظام، ولربما حرّضوا عليه وشكّلوا لأنفسهم مراكز قوى اجتماعية من خارجه.
وعموماً، فإن مشكلة الوراثة ستبقى تلاحق العائلة المالكة لسنوات قادمة، إذا ما قُيّض لها الإستمرار.. فكيف والمملكة تتناوشها قضايا خطيرة داخلية وخارجية في نفس الوقت؟.
 
larbi
larbi
المراقب العام
المراقب العام

ذكر
عدد المساهمات : 32946
نقاط : 67999
تاريخ التسجيل : 04/05/2013

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى