هل ستتم الانتخابات الرئاسية السورية في وقتها أم سيلجأ الى التمديد ؟

نزار عبد القادر
بعد محاضرة قدمتها في احدى العواصم الاوروبية حول مستقبل الاوضاع في سوريا سألني احد المحللين الروس من الحضور عن رأيي حول خيار الرئيس الاسد ما بين تمديد ولايته لفترة سنتين، وهو الامر الذي يجيزه الدستور الحالي، واجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها من اجل اعادة انتخابه لفترة سبع سنوات جديدة. ربطت رأيي في الامر بما يمكن ان تسفر عنه محادثات جنيف والتي كانت على وشك الانعقاد في جولتها الثانية خلال شهر شباط 2014، واذا فشلت المفاوضات وهو الامر المرجح حصوله، فان الرئيس الاسد سيسعى الى تحقيق المزيد من المكاسب الميدانية على الارض، وهذا سيشجعه على الدعوة للانتخابات وخوفها وتجديد ولايته كاملة.
اما اذا توافق الاميركيون والروس على ضرورة ممارسة الضغوط لاستمرار المفاوضات مع بذل المساعي اللازمة للتوصل الى مخارج ديبلوماسية، مع كل ما يجب ان يرافق ذلك من تدابير على الارض لتخفيف الخسائر البشرية وفتح ممرات لوصول المساعدات الانسانية الى المدن والمناطق المحاصرة، فان ذلك قد يدفع الرئيس الاسد الى تمديد ولايته لسنتين بتشجيع روسي قوي.
فشلت المفاوضات فشلا ذريعا، وقد نعاها الطرفان النظام والمعارضة وعاد النظام الى اعتماد لغة الحرب، معلنا ان هدفه تدمير الارهاب في سوريا، والانتصار عليه، ويبدو ان الدعم العسكري واللوجستي غير المحدود الذي يتلقاه من روسيا وايران يشجعه على الاستمرار في البحث عن حل عسكري للازمة. ويؤشر سير العمليات الراهنة في القلمون وفي ريف دمشق وفي حلب وريفها ومناطق اخرى الى ان النظام بات يسعى جديا الى تغيير المعادلة على الارض في هذه المناطق كمقدمة للدعوة لانتخابات رئاسية تجري في مطلع الصيف المقبل.
بالرغم من انه لم يحدد بعد موعد الانتخابات الرئاسية، لكن كل التحضيرات الجارية تؤشر على اجرائها في موعدها في حزيران المقبل. وفي ظل الدستور السوري الراهن.
لم يعلن الرئيس الاسيد ترشيحه حتى الان، ولكن ذلك لم يمنع العديد من المسؤولين السوريين المقربين من الرئيس من التأكيد على نيته لترشيح نفسه وعلى قدرته على الفوز على غرار الانتخابات السابقة.
طرحت تساؤلات على بعض اعضاء الوفد السوري الذي شارك في جولة المفاوضات الاخيرة في جنيف عن مدى تقبل النظام السوري لحضور مراقبين دوليين للاشراف على الانتخابات الرئاسية، وكانت الاجوبة على هذه التساؤلات بالنفي، وعلى اساس انه لا وجود لاي حاجة لمراقبين اجانب او عرب، كما ان الظروف الامنية لا تساعد على انتشارهم وتنقلاتهم.
وكانت مستشارة الرئيس السوري السيدة بثينة شعبان قد عادت وأكدت في مقابلة مع محطة تلفزيونية لبنانية بعد مفاوضات جنيف أن السوريين لديهم المصداقية، وانهم لا يقبلون اي تدخل في شؤونهم الداخلية كما اكدت على اجراء الانتخابات في موعدها الدستوري.
يمكن للنظام تحصين مكتسباته من خلال الاستفادة من التدهور المتوقع حصوله في العلاقات الغربية مع روسيا حول التدخل العسكري الروسي في اوكرانيا، وما يمكن ان ينتج منه من محاولات روسية لاستعادة شبه جزيرة القرم الى السيادة الروسية.
ويشعر الرئيس الاسد بان سقوط التفاهم الاميركي – الروسي حول ضرورة ايجاد حل ديبلوماسي للازمة السورية، بسبب الازمة الاوكرانية سيستمر ويتصاعد خلال الفترة الفاصلة بين اندلاع الازمة الاوكرانية وموعد الانتخابات السورية في حزيران المقبل، وبأنه لن يتعرض بالتالي لاي ضغوط دولية من اجل اقناعه بتأجيل الانتخابات الرئاسية والاكتفاء بالتمديد لرئاسته الراهنة لفترة سنتين، ما دام الدستور السوري يجيز ذلك.
وفي التقييم العام فإن لدى الرئيس الاسد قناعة بأن روسيا لديها من الاسباب لدعم جهوده العسكرية لاستعادة بعض المناطق من المعارضة المسلحة وللتحضير لفترة رئاسة جديدة وذلك انطلاقا من تجربة موسكو مع الغرب في كل من ليبيا واوكرانيا.
في الجانب العربي فإن معظم الدول العربية تلتزم الصمت تجاه الازمة الاوركرانية، لكن الملاحظات التي ابداها امين عام جامعة الدول العربية امام مجلس وزراء الخارجية العرب الذي انعقد في القاهرة يوم الاحد الموافق 9 آذار 2014 لها دلالاتها. رأى نبيل العربي أن فشل مؤتمر جنيف الكامل قد قطع الامل بامكانية التوصل الى حل سياسي للازمة السورية وبأن ما وصلت اليه الامور يستدعي اعادة تقييم شاملة للازمة ومسارها.
ويشكل هذا الكلام دليلا على اجواء التشاؤم التي خلفها فشل المؤتمر، والى التدهور الحاصل في العلاقات الاميركية – الروسية والاوروبية – الروسية على خلفية الازمة الاوكرانية.
لن تقتصر في رأينا تداعيات الازمة الاوكرانية على مستقبل الصراع في سوريا فقط، بل هي مرشحة لكي تصيب باضرار كبيرة مفاوضات السلام بين السلطة الفلسطينية واسرائىل، والمفاوضات الجارية مع ايران بشأن برنامجها النووي.
ولا بدّ من مراقبة تساقطات الازمة الاوكرانية على علاقات عدد من الدول العربية مع الولايات المتحدة، وامكانية ان يلجأ بعضها للسعي الى اقامة «شراكة» استراتيجية مع روسيا على حساب العلاقات مع اميركا واوروبا.
يرتبط حدوث مثل هذا التطور في العلاقات العربية – الاميركيةزيارته الى الرياض في اذار الجاري، وبمدى اقناعه للقيادة السعودية بأن الولايات المتحدة هي مستعدة للوفاء بكل التزاماتها السابقة تجاه العرب والخليج.
يبدو من التطورات الدولية والاقليمية الجارية، ومما تشهده سوريا من تطورات ميدانية ومن تحضيرات للانتخابات الرئاسية أن الرئىس الاسد يعتزم اجراء الانتخابات والترشح لها والفوز بها.
لا بدّ من انتظار زيارة اوباما للرياض لمعرفة مدى استعداده لتبديل منطلقاته السياسية تجاه المنطقة وتجاه الازمة في سوريا وبالتالي الى قدرة الولايات المتحدة وجهوزيها الولايات المتحدة لدعم المعارضة السورية ومدّها بالدعم والسلاح اللازمين لتغيير المعادلة العسكرية الراهنة التي يحاول النظام فرضها بدعم روسي وايراني.