في مثل هذا اليوم .. انتصرت ثورة الطلاب

في مثل هذا اليوم .. انتصرت ثورة الطلاب .. اليوم الذي أطلق عليه قائد الثورة مقولته الشهيرة "السابع من أبريل قرّب من قيام سُلطة الشعب" ..
هذا هو الوسام الذي منحه قائد الثورة لطلاب الجماهيرية بعد انتصار ثورتهم داخل الجامعات الليبية في السابع من أبريل عام 1976 ..
فما معنى أن هذا اليوم بالذات هو الذي قرّب من قيام السلطة الشعبية؟

جامعتي (طرابلس) و(بنغازي) كما كانتا تُسمّا آنذاك ، كانت قبل السابع من أبريل عام 1976 تعج بمختلف التيارات الفكرية والسياسية ، وتقودها جماعات تحمل أفكار متطرفة ودخيلة على المجتمع الليبي.
كانت تلك الجماعات تنتظم في أحزاب ، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ، تسيطر بقوة البلطجة على طلاب الجامعة ، وتتحكم في مفاصل الجامعة ، بل وحتى الدولة اذا سنحت لها الفرصة.
ومن أبرز هذه الجماعات ، الخوّان المتأسلمين ، الذي كان أول ظهور لهم في ليبيا عام 1949 عن طريق مؤسسهم رجل الدين المصري عز الدين ابراهيم مصطفى وآخرون مكونين بذلك فرع الجماعة في ليبيا ، حيث منحهم (إدريس) ملاذاً آمناً بعد هروبهم من مصر ، وسمح لهم بنشر فكرهم ، وحصلت الحركة على زخمها عبر المعلمين المصريين الذين كانوا يعملون في ليبيا.
وتوغلت هذه الجماعة بالدرجة الأهم داخل الجامعات ، لإيمانهم بقوة الطلاب في التغيير ، غير أن جماعات أخرى دينية قد نافستها فيما بعد في صراعها من أجل الوصول للسلطة ، كجماعة التكفير والهجرة وجماعة البلاغ وجماعة التحرير ، ناهيك عن تواجد أحزاب أخرى لا تستعمل الدين ، كالحزب الشيوعي.
وبعد انبلاج فجر الفاتح العظيم ، وتفطن القيادة التاريخية لمثل هذه الجماعات والأحزاب وأهدافها ، ما انفك قائد الثورة وهو يحرض جماهير الطلاب لامتلاك زمام أمورهم بأنفسهم ، وضرورة تطهير جامعاتهم من اليمين الرجعي المتطرف ، الذي يعرقل حركة الثورة من تحقيق أهدافها في الحرية والاشتراكية والوحدة.
وفي الخامس من أبريل عام 1976 ، أصدر قائد الثورة في خطاب تاريخي ، توجيهاته للطلاب بضرورة الانقضاض على زمر الفساد والتخلف التي تشد الجامعات للوراء ، وتقف حائلاً أمام تطورها وقيامها بدورها المنوط بها في المجتمع .. وكان بإمكان ثورة الفاتح العظيمة آنذاك أن تقتحم أوكارهم داخل الجامعة ، وتقتلع جذورهم ، لكنها ثورة الفاتح التي كانت من أول ما تم التفكير فيها ، هي ثورة شعبية ، فكانت توجيهات القائد للطلاب درع الثورة ، لتطهير صفوفهم.
ولم يمضي على خطاب القائد أكثر من يومين ، حتى كان الطلاب في الموعد ، وطهروا صفوفهم خلال ساعات ، فتحرك طلاب جامعة (بنغازي) في 6 أبريل ، وطلاب جامعة (طرابلس) في صبيحة 7 أبريل ، وصنعوا السابع من أبريل الثورة ، وحولوا جامعتيهما إلى قاريونس والفاتح.
وبعد حوالي 11 شهر فقط ، أي في 2 مارس 1977 ، بزغ فجر عصر الجماهير ، ومن الصحراء القاحلة والجرداء ، التي لا تُنبت العُشب لكنها تُنبت القيم والمبادئ ، أُعلنت أول جماهيرية في التاريخ ، وحينها قال قائد الثورة المقولة التي يفتخر بها كل الطلاب من جيل إلى جيل (السابع من أبريل قرّب من قيام سلطة الشعب) .. بمعنى أنه لو بقت تلك الزمرة متوغلة في صفوف الطلاب لتأخر قيام سلطة الشعب ، لكونهم أعداء التقدم وأعداء الشعب.

وللأسف الشديد ، بعد أربع عقود ونيف ، نرى عودة تلك الزمر من جديد ، ونعيش صنيعهم حقيقة واقعة ، وقد كان جزءً منا لا يصدق حين نبه قائد الثورة الى أفعالهم منذ زمن ، أو لم يستوعب جزءً آخر منا.
وها هي اليوم تعود تلك الجماعات ، بتفرعات جديدة ، سلفية جهادية ومقاتلة وتكفيرية وأنصار الشريعة ، بعد أن شارك مقاتليها في القتال بالعراق وافغانستان ضمن صفوف القاعدة ، وها قد أصبح لهذه الجماعات معاقل في درنة وبنغازي في شرق البلاد ، وصبراتة في غرب البلاد ، وها هي تسعى لإقامة دولتهم المتأسلمة على أرض ليبيا ...