هل سينجح الجيش السوري في إعادة حلب إلى أحضان النظام قبل الانتخابات الرئاسية؟

انطوان الحايك

مع إقفال باب تقديم الترشيحات للانتخابات الرئاسية السورية على أربعة وعشرين مرشحًا، بدأ السباق بين النظام السوري وخصومه الاقليميين بين الوصول الى الثالث من حزيران في ظل وضع أمني متفجّر يحول دون فتح صناديق الاقتراع أو في ظلّ مناخات أمنية مشجّعة لا سيما أنّ الانتخابات بالنسبة للرئيس بشار الاسد تشكل لعبة أرقام ونسب، كما يعتبرها انتخابات لزعامة عربية وإقليمية أكثر مما هي انتخابات رئاسية، بعد أن كشفت الاحصاءات والدراسات التي أجرتها مؤسسات ومعاهد دولية مكلفة من قبل الدول الداعمة للمعارضة نفسها عن تأييد أكثر من ستين بالمئة من السوريين للرئيس الأسد، أي أنّ فوزه بالنسبة لها أصبح مضمونا إلا إذا عرقلت الاحداث الامنية العملية الانتخابية أو في حال نجاح المعارضة المسلحة في قلب موازين القوى السائدة راهنا.
ويبدو أنّ الرئيس الاسد مدركٌ تمامًا لما يعدّه له خصومه السياسيون من مشاريع لتعطيل الانتخابات من البوابة الأمنية وإذا تعذر الأمر فمن خلال مجلس الأمن حيث تسعى فرنسا وبريطانيا لاستصدار قرار تحت الفصل السابع يعيد خلط الاوراق برمتها، وهو بالتالي عمد إلى شنّ حرب استباقية تمكن من خلالها من إبعاد الخطر الفعلي عن العاصمتين السياسية أي دمشق والمعنوية أي اللاذقية ويسعى من خلالها إلى فرض أمر واقع جديد في العاصمة الاقتصادية حلب.
في هذا السياق، يتحدّث زوار العاصمة السورية عن تقدّم ملموس لقوات النظام في مدينة حلب، حتى أنّ بعض هؤلاء ممّن التقى قادة ميدانيين يذهبون إلى حدّ التأكيد بأنّ فك الحصار عن سجن حلب المركزي بما يعنيه ذلك من ثقل عسكري ومعنوي سيتم خلال أيام قليلة وليس أسابيع كما تلمح المعارضة، فالجيش استفاد إلى أقصى حدود من تفرغ قوات النخبة من جهة وقوات الدعم والاسناد الناري لرسم خط احمر في ريف اللاذقية الشمالي وفي تعديل المشهد الميداني في مدينة حلب. ففي الأول حققت قوات النظام واللجان الشعبية التي تضمّ خليطا من المقاتلين ما وصفه المصدر بالانجازات الميدانية الاستراتيجية من خلال اعتماد استراتيجيات قتالية تقضي باستيعاب المهاجمين ودفعهم إلى توسيع رقعة انتشارهم المسلح لتقسيمهم مجموعات صغيرة ومشرذمة ومن ثم تعمد الى انتهاج حرب تقطيع الاوصال عبر اسناد ناري وصاروخي كثيف لانهاك المجموعات وإيقاع أكبر عدد من الاصابات في صفوفهم ومن ثم التقدم لمحاصرتهم وبعدها شن هجمات موضعية. وهذه هي الاستراتيجية القتالية التي اعتمدتها ايران طيلة مدة حربها مع العراق ما يشير الى استعانة النظام بخبراء وخبرات قتالية عالية المستوى.
خلاصة المشهد الميداني بحسب المصدر هي أنّ النظام يسعى جاهدًا إلى إنهاء الحرب من الناحية الاستراتيجية خلال المدة الفاصلة عن موعد الانتخابات والمعني هنا ليس انتهاء الحرب وسكوت المدافع، بل إقفال منافذ الخطر العسكري المباشر من خلال استرجاع المواقع الاستراتيجية والمفصلية من أيدي المسلحين عبر عمليات عسكرية كبيرة أو من خلال مصالحات مفصلية ونهائية تنتهي الى توسيع رقعة السيطرتين السياسية والعسكرية تمهيدا للبدء بالحرب الفعلية والنهائية التي ستبدأ مع فوز الاسد بولاية جديدة اي بعد فوزه بالانتخابات المفترضة حيث تسقط المحاذير القائمة راهنا بجواز اعلان حرب مدمرة على الارهاب والارهابيين على كافة الاراضي السورية. بيد أنّ فوزه في الانتخابات سيعطيه الضوء الاخضر الالزامي لتجاوز المحظورات السياسية والامنية مستفيدا في الوقت ذاته من الانشغالات الغربية بما هو اكثر استراتيجية بالنسبة لها اي المفاوضات مع ايران على خلفية النووي وسائر الملفات العالقة بما فيها العقوبات وبعنى اوضح فان الاهم بالنسبة له هو ضمان امن المعابر النفطية، ومستغلا الى اقصى حدود الازمة الاوكرانية التي انتجت ازمة ثقة بين روسيا من جهة والغرب وواشنطن من جهة ثانية.