السعودية تريد... إيران هل تستجيب؟
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
السعودية تريد... إيران هل تستجيب؟
خاص
تتجه إيران اليوم إلى الإنفتاح والعرب يتجهون وبعضهم يتسابقون للتقرب إليها، وإنشاء علاقات معها بما فيهم دول الخليج العربي، ومن غير المعقول أن يتجه الجميع لتطوير علاقاتهم بطهران وأن تبقى السعودية بعيدة عنها، ومن هنا تكلل التقارب الإيراني السعودي بدعوة وزير الخارجية سعود الفيصل نظيره الإيراني محمد جواد ظريف لزيارة السعودية، وهذا التقارب عبر عن نفسه بشكل عملي من خلال التعاون بين السعودية وإيران في مسألة تشكيل حكومة لبنانية بعد أشهر من الخلافات الداخلية.
يعود التوتر في العلاقات بين البلدين منذ قيام الثورة الإسلامية في طهران عام 1979، وزادت حدتها في عام 2011 عندما نشرت السعودية قوات درع الجزيرة في البحرين لمساعدة الأسرة الحاكمة على مواجهة الإضطرابات وأعمال العنف التي حركتها المعارضة ذات الغالبية الشيعية، وإتهمت المنامة إيران بتأجيج تلك الإحتجاجات، كما وتقف الرياض وطهران على طرفي نقيض من الأزمة السورية ففيما تدعم السعودية قوات المعارضة تبدي إيران كل أنواع المساندة للنظام السوري، وتشعر السعودية بالقلق إزاء نتائج الإتفاق المرحلي المبرم في تشرين الثاني بين إيران الخصم الشيعي القوي والدول الكبرى، وينص على تجميد البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات المفروضة على طهران، ومن الطبيعي أن يشعر السعوديون بالإحباط من خلال عودة إيران إلى الساحة الدبلوماسية والدولية، كما وتتزامن الدعوة التي وجهتها الرياض إلى طهران مع بدء القوى الغربية وإيران في فيينا مفاوضات حول برنامجها النووي، وفضلاً عن الملفين النووي والسوري، لا تنظر السعودية بعين الرضى إلى ما تصفه بأنه تدخلات إيران في البحرين والعراق واليمن المحاذية كلها للمملكة من الشرق والشمال والجنوب، مقابل هذا فقدت الرياض ميزتها الأساسية وهي الهدوء وضبط النفس، فقاومت إيران وحلفائها في المنطقة، فوصفت خصوم النظامين في البحرين واليمن بالإرهابيين، وأخذت على عاتقها أيضاً مقاومة حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي في بغداد، وحزب الله في لبنان، وقطعت العلاقات مع حماس والجهاد في فلسطين، أما في سوريا فأعلنت الحرب المفتوحة بكل الوسائل لإسقاط نظام صديق طهران بشار الأسد.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة، لماذا تأتي دعوة طهران لزيارة الرياض اليوم بالتحديد؟
يمكنني القول بأن هذه الدعوة تأتي في خضم إعادة ترتيب بيت الحكم السعودي، ما يوحي وكأنه محاولة في اتجاه تهيئة الأجواء الإقليمية للفريق الذي سيتولى صناعة القرار السعودي قريباً، بالإضافة إلى إنتخابات العراق التي أظهرت حصول (رئيس الحكومة) نوري المالكي على كتلة برلمانية كبيرة تؤكد على فوزه في ولاية ثالثة، وهناك أيضاً الوضع في الساحة اللبنانية حيث تبيّن بالدليل القاطع أن لا إنتخابات رئاسية من دون رضى محور المقاومة، فضلاً عن زيارة باراك أوباما أواخر آذار الماضي، ما يترك الإنطباع وكأن الطرف الأميركي أقنع الرياض أخيراً بجدوى التفاهم مع إيران، وتأتي أيضاً بعد فشل مسار جنيف، وإستقالة الأخضر الإبراهيمي، وتحقيق قوات النظام السوري مكاسب عسكرية، وإن لم تكن حاسمة ضد المعارضة، وبالتالي إقتناع السعودية بأن الظروف الإقليمية والدولية لم تعد تسمح بحل عسكري للصراع في سورية.
في حال إذا كانت السعودية صادقة بنواياها تجاه إيران، هذا يعني أن السعودية تسعى إلى إعادة رسم سياساتها الخارجية في المنطقة بعد فشلها في أكثر من مكان، لا سيما في سوريا والعراق ولبنان، وهي تعلم أن ذلك لا يمكن أن يتم إلا عبر البوابة الإيرانية، ويعتبر أن تنحية بعض الرموز من النظام السعودي، خصوصاً مدير المخابرات السابق بندر بن سلطان، كانت مؤشراً قوياً على ذلك، وبالتالي أن ما حصل يعتبر تغيراً جذرياً في السياسة الخارجية السعودية، بعد أن كانت ترفض بشكل مطلق فكرة الحوار مع الجانب الإيراني، لكنها باتت بحاجة إلى ذلك في هذه المرحلة، لا سيما أنها تواجه الكثير من الضغوط الداخلية والخارجية، ويعتبر أنها لو لم تقدم على هذه الخطوة كانت على الأرجح ستجد نفسها في عزلة كبيرة.
وأخيراً يمكن القول أن عودة العلاقات الإيرانية السعودية إلى مسارها الطبيعي بين إيران والسعودية، وإعادة بناء العقد التحالفي الإيراني السعودي هو الذي يستطيع الآن أن يقيم توازناً جديداً في المنطقة وأن يحدث تغييراً مهماً في معادلة إدارة الصراعات سيكون له تأثيراته على التطورات الإقليمية، كونهما تملكان القدرة على إعادة الأمن والإستقرار إلى المنطقة، وبالتالي أرى إنه آن الأوان لنتعاون مع باقي قوى التوازن بالعالم لإنقاذ سوريا من الدمار والخراب، وتجاوز أزمتنا والمضي بوطننا نحو الأفضل.
صحفي وباحث أكاديمي في العلاقات الدولية
تتجه إيران اليوم إلى الإنفتاح والعرب يتجهون وبعضهم يتسابقون للتقرب إليها، وإنشاء علاقات معها بما فيهم دول الخليج العربي، ومن غير المعقول أن يتجه الجميع لتطوير علاقاتهم بطهران وأن تبقى السعودية بعيدة عنها، ومن هنا تكلل التقارب الإيراني السعودي بدعوة وزير الخارجية سعود الفيصل نظيره الإيراني محمد جواد ظريف لزيارة السعودية، وهذا التقارب عبر عن نفسه بشكل عملي من خلال التعاون بين السعودية وإيران في مسألة تشكيل حكومة لبنانية بعد أشهر من الخلافات الداخلية.
يعود التوتر في العلاقات بين البلدين منذ قيام الثورة الإسلامية في طهران عام 1979، وزادت حدتها في عام 2011 عندما نشرت السعودية قوات درع الجزيرة في البحرين لمساعدة الأسرة الحاكمة على مواجهة الإضطرابات وأعمال العنف التي حركتها المعارضة ذات الغالبية الشيعية، وإتهمت المنامة إيران بتأجيج تلك الإحتجاجات، كما وتقف الرياض وطهران على طرفي نقيض من الأزمة السورية ففيما تدعم السعودية قوات المعارضة تبدي إيران كل أنواع المساندة للنظام السوري، وتشعر السعودية بالقلق إزاء نتائج الإتفاق المرحلي المبرم في تشرين الثاني بين إيران الخصم الشيعي القوي والدول الكبرى، وينص على تجميد البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات المفروضة على طهران، ومن الطبيعي أن يشعر السعوديون بالإحباط من خلال عودة إيران إلى الساحة الدبلوماسية والدولية، كما وتتزامن الدعوة التي وجهتها الرياض إلى طهران مع بدء القوى الغربية وإيران في فيينا مفاوضات حول برنامجها النووي، وفضلاً عن الملفين النووي والسوري، لا تنظر السعودية بعين الرضى إلى ما تصفه بأنه تدخلات إيران في البحرين والعراق واليمن المحاذية كلها للمملكة من الشرق والشمال والجنوب، مقابل هذا فقدت الرياض ميزتها الأساسية وهي الهدوء وضبط النفس، فقاومت إيران وحلفائها في المنطقة، فوصفت خصوم النظامين في البحرين واليمن بالإرهابيين، وأخذت على عاتقها أيضاً مقاومة حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي في بغداد، وحزب الله في لبنان، وقطعت العلاقات مع حماس والجهاد في فلسطين، أما في سوريا فأعلنت الحرب المفتوحة بكل الوسائل لإسقاط نظام صديق طهران بشار الأسد.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة، لماذا تأتي دعوة طهران لزيارة الرياض اليوم بالتحديد؟
يمكنني القول بأن هذه الدعوة تأتي في خضم إعادة ترتيب بيت الحكم السعودي، ما يوحي وكأنه محاولة في اتجاه تهيئة الأجواء الإقليمية للفريق الذي سيتولى صناعة القرار السعودي قريباً، بالإضافة إلى إنتخابات العراق التي أظهرت حصول (رئيس الحكومة) نوري المالكي على كتلة برلمانية كبيرة تؤكد على فوزه في ولاية ثالثة، وهناك أيضاً الوضع في الساحة اللبنانية حيث تبيّن بالدليل القاطع أن لا إنتخابات رئاسية من دون رضى محور المقاومة، فضلاً عن زيارة باراك أوباما أواخر آذار الماضي، ما يترك الإنطباع وكأن الطرف الأميركي أقنع الرياض أخيراً بجدوى التفاهم مع إيران، وتأتي أيضاً بعد فشل مسار جنيف، وإستقالة الأخضر الإبراهيمي، وتحقيق قوات النظام السوري مكاسب عسكرية، وإن لم تكن حاسمة ضد المعارضة، وبالتالي إقتناع السعودية بأن الظروف الإقليمية والدولية لم تعد تسمح بحل عسكري للصراع في سورية.
في حال إذا كانت السعودية صادقة بنواياها تجاه إيران، هذا يعني أن السعودية تسعى إلى إعادة رسم سياساتها الخارجية في المنطقة بعد فشلها في أكثر من مكان، لا سيما في سوريا والعراق ولبنان، وهي تعلم أن ذلك لا يمكن أن يتم إلا عبر البوابة الإيرانية، ويعتبر أن تنحية بعض الرموز من النظام السعودي، خصوصاً مدير المخابرات السابق بندر بن سلطان، كانت مؤشراً قوياً على ذلك، وبالتالي أن ما حصل يعتبر تغيراً جذرياً في السياسة الخارجية السعودية، بعد أن كانت ترفض بشكل مطلق فكرة الحوار مع الجانب الإيراني، لكنها باتت بحاجة إلى ذلك في هذه المرحلة، لا سيما أنها تواجه الكثير من الضغوط الداخلية والخارجية، ويعتبر أنها لو لم تقدم على هذه الخطوة كانت على الأرجح ستجد نفسها في عزلة كبيرة.
وأخيراً يمكن القول أن عودة العلاقات الإيرانية السعودية إلى مسارها الطبيعي بين إيران والسعودية، وإعادة بناء العقد التحالفي الإيراني السعودي هو الذي يستطيع الآن أن يقيم توازناً جديداً في المنطقة وأن يحدث تغييراً مهماً في معادلة إدارة الصراعات سيكون له تأثيراته على التطورات الإقليمية، كونهما تملكان القدرة على إعادة الأمن والإستقرار إلى المنطقة، وبالتالي أرى إنه آن الأوان لنتعاون مع باقي قوى التوازن بالعالم لإنقاذ سوريا من الدمار والخراب، وتجاوز أزمتنا والمضي بوطننا نحو الأفضل.
صحفي وباحث أكاديمي في العلاقات الدولية
larbi- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 32999
نقاط : 68136
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
مواضيع مماثلة
» السعودية تطوق إيران. ...لكن سوريا هي الفيصل ؟....بقلم سامي كليب
» إيران و السعودية.. من البحث عن مفتاح الحل.. الى قرار اعلان الحرب
» السعودية تستعد لضرب إيران بالنووي!
» جنيف 2 سيعقد بحضور إيران.. حضرت السعودية أم لا
» وساطة روسية بين السعودية و إيران.. هل تنعكس على الملف السوري ؟
» إيران و السعودية.. من البحث عن مفتاح الحل.. الى قرار اعلان الحرب
» السعودية تستعد لضرب إيران بالنووي!
» جنيف 2 سيعقد بحضور إيران.. حضرت السعودية أم لا
» وساطة روسية بين السعودية و إيران.. هل تنعكس على الملف السوري ؟
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى المقالات و التحليلات
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 9:34 pm من طرف larbi
» نكبة بلد المشاعر
أمس في 4:41 pm من طرف عبد الله ضراب
» صلاح الدين الايوبي
الخميس نوفمبر 21, 2024 10:36 pm من طرف larbi
» جنائية الدولية تصدر أمري اعتقال ضد نتنياهو وغالانت
الخميس نوفمبر 21, 2024 4:06 pm من طرف larbi
» الى فرسان اليمن
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:52 pm من طرف larbi
» كلمة مندوب الجزائر في مجلس الأمن بعد الفيتو الأميركي ضد قرار وقف الحرب على غزة
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:34 pm من طرف larbi
» كلمة الأمين العام لحزب الله اللبناني نعيم قاسم
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:32 pm من طرف larbi
» مقتل جندي و إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك جنوب لبنان
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 7:00 pm من طرف larbi
» مقتل جندي إسرائيلي و جرحى من لواء غولاني بمعارك جنوب لبنان
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 6:48 pm من طرف larbi
» بيان المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع بشأن استهداف سفينة في البحر الأحمر
الثلاثاء نوفمبر 19, 2024 6:37 pm من طرف larbi