الجعفري: تحقيق العدالة يقتضي مساءلة السعودية وقطر وتركيا وفرنسا وإسرائيل على جرائمهم في سوريا
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى الأخبار العاجلة السورية
صفحة 1 من اصل 1
الجعفري: تحقيق العدالة يقتضي مساءلة السعودية وقطر وتركيا وفرنسا وإسرائيل على جرائمهم في سوريا
الجعفري: تحقيق العدالة يقتضي مساءلة السعودية وقطر وتركيا وفرنسا وإسرائيل على جرائمهم في سوريا
بيان المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى الأمم المتحدة في نيويورك
السفير د. بشار الجعفري
أمام مجلس الأمن حول”الحالة في الشرق الأوسط”
نيويورك في 22 /5/2014
السيد الرئيس،
اسمحوا لي بدايةً أن أتقدم باسم حكومة الجمهورية العربية السورية بصادق التعازي لشعب وحكومة نيجيريا جراء الأعمال الإرهابية التي ضربت مدينتي كانو وجوس وأزهقت أرواح المئات من المدنيين الأبرياء، ونتعاطف مع أهالي الضحايا. أبدأ كلامي بهذه التعزية لأنه ما من أحد حول هذه الطاولة المستديرة يمكن أن يشعر بفداحة الإرهاب كما يشعر به السوريون.
السيد الرئيس،
تذكرني بعض الدول مقدمة مشروع القرار في تعاملها مع الوضع السوري، بالدكتور “جيغل” والمستر “هايد” في رواية الكاتب الاسكتلندي “روبيرت ستيفينسون”؛ فهذه الدول تحاول تقمص دور الدكتور “جيغل”، الشخصية الطيبة، عندما تقوم بالترويج لمبادئ نبيلة من جهة، بينما هي تمثل، في الواقع المستر “هايد”، الشخصية الشريرة من جهة ثانية، وذلك عندما تشترك هذه الدول في دعم الإرهاب في بلادي وتساهم في استمرار نزيف الدم السوري، لا بل وتتباكى على سفك هذا الدم السوري. إن ايدي المستر “هايد” ملطخة بالدم السوري وإن ادعى، زيفاً، صداقته لهذا الشعب. حتى أن الرئيس السابق لما يسمى “الائتلاف السوري”، والذي تحدث عنه زميلي المندوب الدائم لروسيا الاتحادية، وهو “الائتلاف” الذي تم تصنيعه من قبل من يسمون أنفسهم “أصدقاء الشعب السوري”، قد وصف، هو نفسه، قبل أيام في القاهرة، هؤلاء “الأصدقاء” بأنهم، وأقتبس: “نصفهم كذابون ودجالون ومنافقون، وهم من أوصلوا الأوضاع إلى ما نحن عليه”، وأن “الغرب يسعى لتقسيم سوريا…”، انتهى الاقتباس. هذا ما قاله رئيس سابق لـ”ائتلاف الدوحة” الذي تم تصنيعه وتغليفه وتعليبه في العواصم المعروفة.
ومن مصادفات القدر أن التاريخ يسعفنا بشواهده لتثبيت هذه الحقيقة؛ ففي مثل هذا اليوم من عام 1945، وعندما كان الوفد السوري يشارك في مؤتمر سان فرانسيسكو لوضع ميثاق الأمم المتحدة، استطاع وفدنا، آنذاك، أن يصوغ المادة /78/ من الميثاق التي ضمنت لسوريا عدم تحولها إلى إقليم تحت الوصاية الفرنسية، فكانت النتيجة قيام سلطات الاحتلال الفرنسية، بتاريخ 29 آيار 1945، بقصف البرلمان السوري وقتل حاميته. وبما أن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم، كما سمعنا، فإننا نطالب مجلس الأمن اليوم بمساءلة الحكومة الفرنسية عن جرائمها بحق السوريين وشعوب الكثير من الدول التي احتلتها سابقاً ونهبت خيراتها. ونطالب الحكومة الفرنسية بالاعتذار العلني عن حقبة الاستعمار ودفع التعويضات للشعب السوري. ونؤكد أن الشعب السوري لن ينسى اتفاق سايكس – بيكو وما تلاه من سلخ فرنسا للواء اسكندرون السوري والتنازل عنه لتركيا كي لا تدخل الحرب إلى جانب ألمانيا. هكذا قالوا. كما لن يغفل عن حقيقة أن فرنسا هي من أدخل الإرهاب النووي الإسرائيلي إلى المنطقة في الخمسينيات من القرن الماضي.
السيد الرئيس،
يستند بنيان النظام القانوني الدولي إلى ركائز أساسية من أهمها أن الدول تتولى المسؤولية الأساسية والحصرية في المساءلة وإقامة العدل وإنفاذ القانون على أراضيها. ونتيجةً للأحداث المؤسفة التي شهدتها بلادي فقد اتخذت الحكومة السورية جملة من التدابير الهادفة لمساءلة المتورطين في الأحداث واتخاذ الإجراءات القضائية بحقهم أصولاً. ولا تزال اللجنة الوطنية للتحقيق في الأحداث تمارس عملها بالتزامن مع نظر القضاء السوري، منذ بدء الأزمة، في آلاف الدعاوى، بالضبط /30,000/ دعوى، وإصداره أحكاماً بحق المتورطين وتسوية اوضاع آخرين. الأمر الذي يؤكد رغبة وقدرة الحكومة السورية على تحقيق العدالة وينفي أي ذريعة لإشراك أي جهة قضائية دولية تحاول أن تنازع القضاء الوطني في اختصاصاته.
لقد كشفت الأزمة السورية، مدى عمق هيمنة المعايير المزدوجة على آليات الأمم المتحدة واستخدامها لاستهداف دول بعينها في مناطق محددة من العالم باسم العدالة والقانون. واستمراراً لهذا النهج، قامت مجموعة من الدول الأعضاء بتقديم مشروع القرار الذي عرض علينا للتو، وهو نص سياسي تمييزي تدخلي بامتياز يهدف للتشويش على الانتخابات الرئاسية في سوريا وخلط الأوراق وتأجيج الأزمة وتحقيق أهداف دعائية استعراضية وإقحام مجلس الأمن في هستيريا عداء بعض الدول لسوريا دولةً وشعباً. كما يمثل تقديم مشروع القرار هذا استمراراً لمحاولة بعض الدول فرض نفسها كوصّية على الشعب السوري وخياراته الوطنية، وفي هذا استخفاف واضح بإرادة الشعب السوري وتناقض صارخ مع تأكيد مجلس الأمن مراراً على التزامه القوي بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها ودعوته إلى التوصل لحل سياسي للأزمة السورية بقيادة سورية.
علاوة على ذلك، فإن الأسانيد التي حاولت الدول المقدمة لمشروع القرار تقديمها لتبرير طلب الإحالة ما هي إلا إدعاءات مختلقة وأكاذيب مفبركة وشهود زور تضمنتها تقارير مسيسة منحازة تجافي الصواب تماماً قدمتها لجان تجاهلت كل ما قدمته الحكومة السورية من معلومات وشكاوى وقرائن وبراهين وساهمت بشكل فعال في خدمة أجندات الدول المنخرطة في الحملة العدوانية على بلادي سوريا.
السيد الرئيس،
تؤمن الجمهورية العربية السورية بالعدالة الجنائية الدولية، وقد كانت من بين الدول الفاعلة في مؤتمر روما الذي اعتمد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كما كانت سوريا من أوائل الموقعين عليه. وكانت النظرة السورية تنطلق من وجوب أن تكون العدالة صرفة وشاملة بعيدة عن التسييس والانتقائية وازدواجية المعايير. وانطلاقاً من هذا الهدف دعت سوريا إلى شمول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لجريمة العدوان باعتبارها الجريمة الأم، ولكن تم رفض ذلك ولذلك لم تصادق حكومة بلادي على نظام روما. واليوم، تؤكد حكومة الجمهورية العربية السورية على أن تحقيق العدالة يقتضي ما يلي:
مساءلة حكومات تركيا والسعودية وقطر وفرنسا وإسرائيل وغيرها من الدول التي تقوم بالتحريض علناً على العنف والإرهاب، بما في ذلك تمويل وتسليح ورعاية وتدريب المرتزقة والإرهابيين القادمين بالآلاف من مختلف أنحاء العالم إلى سوريا، وبغض الطرف عن جرائمهم لا بل ووصفهم بأنهم “معارضة معتدلة”. وأريد أن أنقل إلى عنايتكم خبراً نشر بالأمس نقلاً عن لسان قائد القوات الجوية الليبية الذي قال أن تنظيم القاعدة الإرهابي في ليبيا وتنظيم الإخوان المسلمين أرسلوا /224/ رحلة جوية لنقل المرتزقة والإرهابيين من مطار طرابلس في ليبيا إلى تركيا ومن ثم عبرها إلى سوريا. ولن تستقيم موازين العدالة الدولية وسيادة القانون من دون وضع حد لممارسات هذه الدول وانتهاكاتها للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب. إن الإرهاب هو جريمة أياً كان مرتكبوه، وحيثما ارتكب واياً كانت أغراضه، وكما أن الإرهاب الذي تمارسه “بوكو حرام” في نيجيريا مدان وتجب مكافحته فإنه لا بد من مكافحة إرهاب نظرائهم الذين ترعاهم إسرائيل في منطقة الفصل في الجولان السوري المحتل، وتسهل تحركهم وتدربهم في المنطقة دولة عربية مجاورة للأسف، وتجندهم وتدعمهم تركيا في الشمال وتسلحهم حكومات غربية وعربية وتحت سمع وبصر الأمم المتحدة. لقد ارتكب هؤلاء الإرهابيون جرائم يندى لها ضمير البشرية وآخرها قطع إمدادات المياه عن مدينة حلب وحرمان حوالي ثلاثة ملايين سوري من مياه الشرب والصرف الصحي، وكم كنا نتمنى لو أن الدول المتقدمة بمشروع القرار هذا تقدمت بمشروع قرار لمكافحة الإرهاب الذي يعاني منه السوريون.
المساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وأعمال العدوان والاحتلال الموثقة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة، ومنها الجولان السوري المحتل، على مدى ما يقارب سبعة عقود بدعم من دول دائمة العضوية في مجلسكم هذا، دعم مكّن مجرمي الحرب الإسرائيليين من الإفلات من العقاب حتى الآن وعرقلت جميع المبادرات الهادفة لمساءلتهم.
الكف عن محاولات تقويض العدالة والمتمثلة في الحصانات التي خصت بعض الدول الكبرى نفسها بها للإفلات من أي مساءلة عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان والجرائم التي ارتكبتها في دول أعضاء في هذه المنظمة تنفيذاً لأجنداتها الاستعمارية ومخططاتها للهيمنة والتسلط، وما “أبو غريب”، و”غوانتانامو”، وقصف السفارة الصينية في بلغراد، وإغراق ليبيا بالدماء، والسجون السرية الطائرة، وقتل المدنيين الأبرياء بالطائرات من دون طيار، وممارسات شركات المرتزقة كـ “بلاك ووتر” في العراق، وغيرها إلا أمثلة حية على الازدواجية في المعايير والإفلات الحقيقي من المساءلة والعقاب. ومن المثير للسخرية أن تواصل هذه الدول محاولة فرض تشريعاتها الوطنية خارج حدودها، وأن تفرض مؤخراً عقوبات على رئيسة لجنة الإغاثة الوطنية في سوريا في الوقت الذي تتشدق فيه بدعمها للشعب السوري. تخيلوا! وأحيل هذا الأمر إلى “فاليري آموس” (وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية) وهي التي تعرف رئيسة اللجنة الوطنية للإغاثة حق المعرفة لعلها تفعل شيئاً.
إن هذه الشواهد وغيرها تبرز أن مسألة “العدالة” تفصّل على مقاس الدولة المستهدفة، فالبعض يتم تفصيل جريمة له لإحالته للمحكمة، والبعض الآخر يتم تفصيل ستارة له تحجب الأنظار عن جرائمه وانتهاكاته الموثقة. وقد صيغ مشروع القرار هذا بطريقة تحصن مجرمي الحرب الإسرائيليين من أية إمكانية للمساءلة عن جرائمهم بحق الشعب السوري، كما أن نصه يجعل الإرهابيين الأجانب والمرتزقة القادمين من دول أخرى في منأى عن اختصاص المحكمة، وهذه العملية بحد ذاتها كفيلة بتقويض أي مصداقية لواضعي مشروع القرار وتفضح نواياهم الخبيثة ودوافعهم العدوانية.
وطالما أننا تحدثنا عن العقوبات أذكركم بفضيحة أخرى تتمثل في العقوبات التي فرضت على وزير الكهرباء، ونحيل هذه العقوبات إلى محكمة “توماس أديسون”.
السيد الرئيس،
يؤكد وفد بلادي، مجدداً، لجميع الدول التي تدعي الحرص على سوريا وشعبها، أن الطريق لمساعدة الشعب السوري واضح ومعروف، ويتمثل في بذل الجهود الصادقة والجدية لمكافحة الإرهاب الذي يستهدف سوريا دولة وشعباً، ودعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي وطني للأزمة السورية يأخذ بعين الاعتبار عملية جنيف على أساس الحوار بين السوريين أنفسهم من أجل التوافق على نبذ العنف ومكافحة الإرهاب وتشكيل حكومة وحدة وطنية بعيداً عن محاولات فرض الوصاية والأجندات التدخلية التي لا تريد الخير لسوريا ولا لشعبها. وإن السوريين الذين سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس للجمهورية إنما يقومون بذلك لحماية بلدهم من الإرهاب و”الفوضى الخلاقة” ومن محاولات تغييب مفهوم الدولة والسيادة.
أخيراً، يبدو أن الحكومة الفرنسية الحالية قد فهمت بشكل مغلوط العبارة المشهورة في الأدب الفرنسي والتي تقول بأن “الاخرين هم الجحيم” (l’enfer, c’est les autres)، من حيث اعتقادها بأن الاخرين هم الجحيم دوماً في حين أن ما قصده الفيلسوف الفرنسي “جان بول سارتر”، في مسرحيته المشهورة “الأبواب المغلقة l’huis clos ” من هذه العبارة هو أن الجحيم قد يكون نفسك ونظرتك للأخرين وطريقة تعاملك معهم. لذا فإن على الحكومة الفرنسية أن تنظر إلى نفسها أولاً فقد ترى الجحيم في تصرفاتها وليس في الآخرين.
وشكراً .
بيان المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى الأمم المتحدة في نيويورك
السفير د. بشار الجعفري
أمام مجلس الأمن حول”الحالة في الشرق الأوسط”
نيويورك في 22 /5/2014
السيد الرئيس،
اسمحوا لي بدايةً أن أتقدم باسم حكومة الجمهورية العربية السورية بصادق التعازي لشعب وحكومة نيجيريا جراء الأعمال الإرهابية التي ضربت مدينتي كانو وجوس وأزهقت أرواح المئات من المدنيين الأبرياء، ونتعاطف مع أهالي الضحايا. أبدأ كلامي بهذه التعزية لأنه ما من أحد حول هذه الطاولة المستديرة يمكن أن يشعر بفداحة الإرهاب كما يشعر به السوريون.
السيد الرئيس،
تذكرني بعض الدول مقدمة مشروع القرار في تعاملها مع الوضع السوري، بالدكتور “جيغل” والمستر “هايد” في رواية الكاتب الاسكتلندي “روبيرت ستيفينسون”؛ فهذه الدول تحاول تقمص دور الدكتور “جيغل”، الشخصية الطيبة، عندما تقوم بالترويج لمبادئ نبيلة من جهة، بينما هي تمثل، في الواقع المستر “هايد”، الشخصية الشريرة من جهة ثانية، وذلك عندما تشترك هذه الدول في دعم الإرهاب في بلادي وتساهم في استمرار نزيف الدم السوري، لا بل وتتباكى على سفك هذا الدم السوري. إن ايدي المستر “هايد” ملطخة بالدم السوري وإن ادعى، زيفاً، صداقته لهذا الشعب. حتى أن الرئيس السابق لما يسمى “الائتلاف السوري”، والذي تحدث عنه زميلي المندوب الدائم لروسيا الاتحادية، وهو “الائتلاف” الذي تم تصنيعه من قبل من يسمون أنفسهم “أصدقاء الشعب السوري”، قد وصف، هو نفسه، قبل أيام في القاهرة، هؤلاء “الأصدقاء” بأنهم، وأقتبس: “نصفهم كذابون ودجالون ومنافقون، وهم من أوصلوا الأوضاع إلى ما نحن عليه”، وأن “الغرب يسعى لتقسيم سوريا…”، انتهى الاقتباس. هذا ما قاله رئيس سابق لـ”ائتلاف الدوحة” الذي تم تصنيعه وتغليفه وتعليبه في العواصم المعروفة.
ومن مصادفات القدر أن التاريخ يسعفنا بشواهده لتثبيت هذه الحقيقة؛ ففي مثل هذا اليوم من عام 1945، وعندما كان الوفد السوري يشارك في مؤتمر سان فرانسيسكو لوضع ميثاق الأمم المتحدة، استطاع وفدنا، آنذاك، أن يصوغ المادة /78/ من الميثاق التي ضمنت لسوريا عدم تحولها إلى إقليم تحت الوصاية الفرنسية، فكانت النتيجة قيام سلطات الاحتلال الفرنسية، بتاريخ 29 آيار 1945، بقصف البرلمان السوري وقتل حاميته. وبما أن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم، كما سمعنا، فإننا نطالب مجلس الأمن اليوم بمساءلة الحكومة الفرنسية عن جرائمها بحق السوريين وشعوب الكثير من الدول التي احتلتها سابقاً ونهبت خيراتها. ونطالب الحكومة الفرنسية بالاعتذار العلني عن حقبة الاستعمار ودفع التعويضات للشعب السوري. ونؤكد أن الشعب السوري لن ينسى اتفاق سايكس – بيكو وما تلاه من سلخ فرنسا للواء اسكندرون السوري والتنازل عنه لتركيا كي لا تدخل الحرب إلى جانب ألمانيا. هكذا قالوا. كما لن يغفل عن حقيقة أن فرنسا هي من أدخل الإرهاب النووي الإسرائيلي إلى المنطقة في الخمسينيات من القرن الماضي.
السيد الرئيس،
يستند بنيان النظام القانوني الدولي إلى ركائز أساسية من أهمها أن الدول تتولى المسؤولية الأساسية والحصرية في المساءلة وإقامة العدل وإنفاذ القانون على أراضيها. ونتيجةً للأحداث المؤسفة التي شهدتها بلادي فقد اتخذت الحكومة السورية جملة من التدابير الهادفة لمساءلة المتورطين في الأحداث واتخاذ الإجراءات القضائية بحقهم أصولاً. ولا تزال اللجنة الوطنية للتحقيق في الأحداث تمارس عملها بالتزامن مع نظر القضاء السوري، منذ بدء الأزمة، في آلاف الدعاوى، بالضبط /30,000/ دعوى، وإصداره أحكاماً بحق المتورطين وتسوية اوضاع آخرين. الأمر الذي يؤكد رغبة وقدرة الحكومة السورية على تحقيق العدالة وينفي أي ذريعة لإشراك أي جهة قضائية دولية تحاول أن تنازع القضاء الوطني في اختصاصاته.
لقد كشفت الأزمة السورية، مدى عمق هيمنة المعايير المزدوجة على آليات الأمم المتحدة واستخدامها لاستهداف دول بعينها في مناطق محددة من العالم باسم العدالة والقانون. واستمراراً لهذا النهج، قامت مجموعة من الدول الأعضاء بتقديم مشروع القرار الذي عرض علينا للتو، وهو نص سياسي تمييزي تدخلي بامتياز يهدف للتشويش على الانتخابات الرئاسية في سوريا وخلط الأوراق وتأجيج الأزمة وتحقيق أهداف دعائية استعراضية وإقحام مجلس الأمن في هستيريا عداء بعض الدول لسوريا دولةً وشعباً. كما يمثل تقديم مشروع القرار هذا استمراراً لمحاولة بعض الدول فرض نفسها كوصّية على الشعب السوري وخياراته الوطنية، وفي هذا استخفاف واضح بإرادة الشعب السوري وتناقض صارخ مع تأكيد مجلس الأمن مراراً على التزامه القوي بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها ودعوته إلى التوصل لحل سياسي للأزمة السورية بقيادة سورية.
علاوة على ذلك، فإن الأسانيد التي حاولت الدول المقدمة لمشروع القرار تقديمها لتبرير طلب الإحالة ما هي إلا إدعاءات مختلقة وأكاذيب مفبركة وشهود زور تضمنتها تقارير مسيسة منحازة تجافي الصواب تماماً قدمتها لجان تجاهلت كل ما قدمته الحكومة السورية من معلومات وشكاوى وقرائن وبراهين وساهمت بشكل فعال في خدمة أجندات الدول المنخرطة في الحملة العدوانية على بلادي سوريا.
السيد الرئيس،
تؤمن الجمهورية العربية السورية بالعدالة الجنائية الدولية، وقد كانت من بين الدول الفاعلة في مؤتمر روما الذي اعتمد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، كما كانت سوريا من أوائل الموقعين عليه. وكانت النظرة السورية تنطلق من وجوب أن تكون العدالة صرفة وشاملة بعيدة عن التسييس والانتقائية وازدواجية المعايير. وانطلاقاً من هذا الهدف دعت سوريا إلى شمول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لجريمة العدوان باعتبارها الجريمة الأم، ولكن تم رفض ذلك ولذلك لم تصادق حكومة بلادي على نظام روما. واليوم، تؤكد حكومة الجمهورية العربية السورية على أن تحقيق العدالة يقتضي ما يلي:
مساءلة حكومات تركيا والسعودية وقطر وفرنسا وإسرائيل وغيرها من الدول التي تقوم بالتحريض علناً على العنف والإرهاب، بما في ذلك تمويل وتسليح ورعاية وتدريب المرتزقة والإرهابيين القادمين بالآلاف من مختلف أنحاء العالم إلى سوريا، وبغض الطرف عن جرائمهم لا بل ووصفهم بأنهم “معارضة معتدلة”. وأريد أن أنقل إلى عنايتكم خبراً نشر بالأمس نقلاً عن لسان قائد القوات الجوية الليبية الذي قال أن تنظيم القاعدة الإرهابي في ليبيا وتنظيم الإخوان المسلمين أرسلوا /224/ رحلة جوية لنقل المرتزقة والإرهابيين من مطار طرابلس في ليبيا إلى تركيا ومن ثم عبرها إلى سوريا. ولن تستقيم موازين العدالة الدولية وسيادة القانون من دون وضع حد لممارسات هذه الدول وانتهاكاتها للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب. إن الإرهاب هو جريمة أياً كان مرتكبوه، وحيثما ارتكب واياً كانت أغراضه، وكما أن الإرهاب الذي تمارسه “بوكو حرام” في نيجيريا مدان وتجب مكافحته فإنه لا بد من مكافحة إرهاب نظرائهم الذين ترعاهم إسرائيل في منطقة الفصل في الجولان السوري المحتل، وتسهل تحركهم وتدربهم في المنطقة دولة عربية مجاورة للأسف، وتجندهم وتدعمهم تركيا في الشمال وتسلحهم حكومات غربية وعربية وتحت سمع وبصر الأمم المتحدة. لقد ارتكب هؤلاء الإرهابيون جرائم يندى لها ضمير البشرية وآخرها قطع إمدادات المياه عن مدينة حلب وحرمان حوالي ثلاثة ملايين سوري من مياه الشرب والصرف الصحي، وكم كنا نتمنى لو أن الدول المتقدمة بمشروع القرار هذا تقدمت بمشروع قرار لمكافحة الإرهاب الذي يعاني منه السوريون.
المساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وأعمال العدوان والاحتلال الموثقة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة، ومنها الجولان السوري المحتل، على مدى ما يقارب سبعة عقود بدعم من دول دائمة العضوية في مجلسكم هذا، دعم مكّن مجرمي الحرب الإسرائيليين من الإفلات من العقاب حتى الآن وعرقلت جميع المبادرات الهادفة لمساءلتهم.
الكف عن محاولات تقويض العدالة والمتمثلة في الحصانات التي خصت بعض الدول الكبرى نفسها بها للإفلات من أي مساءلة عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان والجرائم التي ارتكبتها في دول أعضاء في هذه المنظمة تنفيذاً لأجنداتها الاستعمارية ومخططاتها للهيمنة والتسلط، وما “أبو غريب”، و”غوانتانامو”، وقصف السفارة الصينية في بلغراد، وإغراق ليبيا بالدماء، والسجون السرية الطائرة، وقتل المدنيين الأبرياء بالطائرات من دون طيار، وممارسات شركات المرتزقة كـ “بلاك ووتر” في العراق، وغيرها إلا أمثلة حية على الازدواجية في المعايير والإفلات الحقيقي من المساءلة والعقاب. ومن المثير للسخرية أن تواصل هذه الدول محاولة فرض تشريعاتها الوطنية خارج حدودها، وأن تفرض مؤخراً عقوبات على رئيسة لجنة الإغاثة الوطنية في سوريا في الوقت الذي تتشدق فيه بدعمها للشعب السوري. تخيلوا! وأحيل هذا الأمر إلى “فاليري آموس” (وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية) وهي التي تعرف رئيسة اللجنة الوطنية للإغاثة حق المعرفة لعلها تفعل شيئاً.
إن هذه الشواهد وغيرها تبرز أن مسألة “العدالة” تفصّل على مقاس الدولة المستهدفة، فالبعض يتم تفصيل جريمة له لإحالته للمحكمة، والبعض الآخر يتم تفصيل ستارة له تحجب الأنظار عن جرائمه وانتهاكاته الموثقة. وقد صيغ مشروع القرار هذا بطريقة تحصن مجرمي الحرب الإسرائيليين من أية إمكانية للمساءلة عن جرائمهم بحق الشعب السوري، كما أن نصه يجعل الإرهابيين الأجانب والمرتزقة القادمين من دول أخرى في منأى عن اختصاص المحكمة، وهذه العملية بحد ذاتها كفيلة بتقويض أي مصداقية لواضعي مشروع القرار وتفضح نواياهم الخبيثة ودوافعهم العدوانية.
وطالما أننا تحدثنا عن العقوبات أذكركم بفضيحة أخرى تتمثل في العقوبات التي فرضت على وزير الكهرباء، ونحيل هذه العقوبات إلى محكمة “توماس أديسون”.
السيد الرئيس،
يؤكد وفد بلادي، مجدداً، لجميع الدول التي تدعي الحرص على سوريا وشعبها، أن الطريق لمساعدة الشعب السوري واضح ومعروف، ويتمثل في بذل الجهود الصادقة والجدية لمكافحة الإرهاب الذي يستهدف سوريا دولة وشعباً، ودعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي وطني للأزمة السورية يأخذ بعين الاعتبار عملية جنيف على أساس الحوار بين السوريين أنفسهم من أجل التوافق على نبذ العنف ومكافحة الإرهاب وتشكيل حكومة وحدة وطنية بعيداً عن محاولات فرض الوصاية والأجندات التدخلية التي لا تريد الخير لسوريا ولا لشعبها. وإن السوريين الذين سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس للجمهورية إنما يقومون بذلك لحماية بلدهم من الإرهاب و”الفوضى الخلاقة” ومن محاولات تغييب مفهوم الدولة والسيادة.
أخيراً، يبدو أن الحكومة الفرنسية الحالية قد فهمت بشكل مغلوط العبارة المشهورة في الأدب الفرنسي والتي تقول بأن “الاخرين هم الجحيم” (l’enfer, c’est les autres)، من حيث اعتقادها بأن الاخرين هم الجحيم دوماً في حين أن ما قصده الفيلسوف الفرنسي “جان بول سارتر”، في مسرحيته المشهورة “الأبواب المغلقة l’huis clos ” من هذه العبارة هو أن الجحيم قد يكون نفسك ونظرتك للأخرين وطريقة تعاملك معهم. لذا فإن على الحكومة الفرنسية أن تنظر إلى نفسها أولاً فقد ترى الجحيم في تصرفاتها وليس في الآخرين.
وشكراً .
larbi- المراقب العام
-
عدد المساهمات : 33003
نقاط : 68148
تاريخ التسجيل : 04/05/2013
مواضيع مماثلة
» محللون: اتفاق السعودية وقطر وتركيا على إسقاط «الأسد» سيتحول لخلاف بعده
» ما دور السعودية وإسرائيل والأردن وتركيا بضرب سوريا؟
» صراع على تزعم العصابات الارهابية في سوريا بين السعودية وقطر وتركيا
» بشار الجعفري في حوار لـ"سبوتنيك": السعودية وقطر لهما دور أساسي في شن الحرب "القذرة" على سوريا
» السعودية وقطر عرضتا رشاوى على أعضاء الكونغرس للموافقة على ضرب سوريا
» ما دور السعودية وإسرائيل والأردن وتركيا بضرب سوريا؟
» صراع على تزعم العصابات الارهابية في سوريا بين السعودية وقطر وتركيا
» بشار الجعفري في حوار لـ"سبوتنيك": السعودية وقطر لهما دور أساسي في شن الحرب "القذرة" على سوريا
» السعودية وقطر عرضتا رشاوى على أعضاء الكونغرس للموافقة على ضرب سوريا
منتديات الدفاع عن الجماهيرية الليبية و سوريا العروبة :: المنتديات السياسية :: منتدى الأخبار العاجلة السورية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 12:48 am من طرف larbi
» بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ترحب بإعلان النتائج الأولية للانتخابات البلدية
الإثنين نوفمبر 25, 2024 10:47 am من طرف larbi
» مراسل التلفزوين العربي: 4 ملايين إسرائيلي يدخلون الملاجئ وحيفا تتحول لمدينة أشباح
الأحد نوفمبر 24, 2024 10:23 pm من طرف larbi
» يوم كئيب في تل أبيب» حزب الله يقصف إسرائيل 5 مرات متوالية و4 ملايين في الملاجئ.
الأحد نوفمبر 24, 2024 10:14 pm من طرف larbi
» عصبة العز وثلة الهوان
الأحد نوفمبر 24, 2024 6:40 pm من طرف عبد الله ضراب
» الاهبل محمد بن سلمان يحاصر الكعبة الشريفة بالدسكوهات و الملاهي الليلية
السبت نوفمبر 23, 2024 9:34 pm من طرف larbi
» نكبة بلد المشاعر
السبت نوفمبر 23, 2024 4:41 pm من طرف عبد الله ضراب
» صلاح الدين الايوبي
الخميس نوفمبر 21, 2024 10:36 pm من طرف larbi
» جنائية الدولية تصدر أمري اعتقال ضد نتنياهو وغالانت
الخميس نوفمبر 21, 2024 4:06 pm من طرف larbi
» الى فرسان اليمن
الأربعاء نوفمبر 20, 2024 9:52 pm من طرف larbi